15

2.5K 96 2
                                    

تسمرت "هنا" بمكانها لدي سماعها الصوت الرجولي الخشن المنبعث من خلفها ..
و بفعل عصبيتها المشتعلة ، إستدارت بقوة ، و تدفقت منها كلمات الغضب ، فصرخت فيه:
-نعم انت كمان ! سيادتك جاي تكمل حلقة الوصل القذرة مع زميلك الحيوان ؟ فرحانين انتوا الاتنين بالبدل اللي لابسينها و بتفتروا علي خلق الله ! بس اذا كانوا الغلابة بيسكتوا عليكوا عشان بترعبوهم فأنا مش هسكت و مش هتقدروا تعملولي حاجة ، امثالكوا اصلا مايستهلوش ينولوا شرف الوظيفة اللي هدفها حماية الناس و تأمينهم بدل ترهيبهم.
كان طولها خمسة أقدام و سبع إنشات ، لكنها إضطرت لأن ترفع رأسها كي تنظر إلي وجه الضابط الذي كان طوله ينوف علي ستة أقدام و إنشين إثنين ..
كانت تقاسيمه القوية مكسوة بتعبير جدي مذهول ، إلا أن عينيه العسليتين أعطتا إنطباعا بأنه كان يبتسم لها بإعجاب ..
كان قلبها يخفق في إيقاع سريع جراء نظراته القوية المتفحصة التي أربكتها ، لكنها عادت ترسم علي ملامحها تعابير الغضب و الإنفعال ، بينما رفع أحد حاجبيه ساخرا و قال:
-بعد الخطبة العنيفة دي ماعتقدش ان في حد هنا قدر يضايقك او يأذيكي !
شمخت برأسها متحدية و هي تقول:
-محدش اصلا يقدر يضايقني و لا يأذيني.
إبتسم بنعومة قائلا:
-لا واضح.
صوته المنخفض و الأجش قليلا كان فيه رنة تبهج السمع ، لكنها لم تلحظها لشدة سخطها عليه ..
و هنا هب أمين الشرطة من فوق مقعده ، ثم رحب بالضابط الواقف أمامه في حفاوة بالغة:
-اهلا اهلا يا سيادة المقدم ، نورتنا يا إياد بيه.
"إياد راشد" .. أحد أهم رجال - وزارة الدفاع العام - التابعة لجهاز مباحث أمن الدولة
و هو أيضا واحد من أكفأ الضباط الحاصلين علي أعلي مستوي من التدريب و الإعداد نسبة لقيامه بعمليات مكافحة الإرهاب ، و توفير الحماية لكبار الشخصيات ..
يُعد "إياد راشد" من أفضل رجال القوات الخاصة نظرا لذكاؤه و شجاعته و قدرته علي التعامل مع شتي التهديدات ، و قد إكتسب شهرة عالية بين كافة أجهزة الأمن بعد الكثير من العمليات الخاصة و السرية التي قام بها ، فمهمته الأساسية هي مكافحة الإرهاب ، و القيام بالعمليات الخاصة .. :
-معلش يا باشا ، ماضيقش نفسك بالناس اللي هنا ، احنا بنعرف نتصرف معاهم كويس.
قال أمين الشرطة تلك الجملة في إعتذار مرتبك ، فرمقه "إياد" بنظرة حادة قائلا:
-يعني ايه مش فاهم ؟ بتتصرفوا معاهم كويس ازاي يعني ؟؟!
تلعثم الأخير مضطربا ، فعاد يقول بتوتر:
-يا باشا اقصد اقول اننا بنقدر نحل المشاكل البسيطة وديا ، و المشاكل الكبيرة مش من اختصاصنا زي ما حضرتك عارف ، احنا بنتحفظ علي المتهمين اللي هيترحلوا علي النيابة و مابنخليش حد لا يشوفهم و لا يقابلهم ، و الانسة دي و والدتها جايبين اكل لمتهمة محجوزة هنا و قال ايه عايزني ادخلهولها !
-دخل الاكل.
هتف "إياد" بصرامة ، فتمتم الأمين:
-نعم !!
أعاد "إياد" قوله مجددا و لكن بحدة زائدة:
-قلت دخل الاكل ، المحبوسين هنا بني ادميين بردو ، و الخدمة هنا مش ( 7 Stars ) يعني لا في اكل و لا شرب كويسين .. نفذ الامر يا امين.
لفظ جملته الأخيرة بلهجة قوية أدي الأمين علي إثرها مسرعا التحية العسكرية بآلية قائلا:
-تمام يافندم .. حاضر هدخله بعد ما يتفتش.
في تلك اللحظة ، نظرتا "هنا" و "قوت القلوب" إلي بعضهما البعض في دهشة بالغة ، بينما تجاهلهما "إياد"بقوله للأمين:
-انا جيت بقوة من الداخلية عشان اخد سعيد الغزولي المشتبه بيه في اخر عملية ارهابية.
-عارف يافندم ، هو موجود عندنا تحت في الحجز من ساعة ما جه ، دقيقة هانزل بنفسي مع العساكر اجبهولك.
و إنطلق الأمين يلبي أمر "أياد" بطواعية ..
فيما تنحنحت "قوت القلوب" و توجهت نحو "أياد" و شكرته .. فمنحها إبتسامة هادئة .. خفضت "قوت القلوب" رأسها و هي تشق طريقها إلي خارج القسم ..
مشت "هنا" في أعقاب أمها ، و بينما هي تمر إلي جوار "إياد" الذي رمقها بطرف عينه سرت بأوصالها رعشة طفيفة لم يسبق أن أعترتها من قبل قط ..
تجاهلت تلك المشاعر الغريبة و أستمرت في تعقب خطوات أمها فعل كل لن تراه بعد الأن أبدا ..

المظفار والشرسهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن