20

2.6K 92 4
                                    


إسترخي "عاصم" في المغطس الممتليء بالماء الدافيء و سائل الإستحمام المُركز ..
تنهد بعمق مغمضا عينيه و هو يمني نفسه بنوما عميقا بعد أن يفرغ من حمامه ، يعوض به متاعب الأيام الماضية كلها ..
فقد حقق إنجازات عديدة في الآونة الأخيرة و قد جاء وقت الراحة الأن ..
فيما لاحت فجأة إبتسامة هادئة علي شفتيه و هو يفكر بهذه الفتاة المتقلبة التي تقف أمامه و تتحداه و لا يستطيع أن يفهم إلي أي شخصية تنتمي ؟
للفتاة الناعمة البريئة كشكلها الجميل ؟!
أم الفتاة المرتجفة الضعيفة ؟ أم الفتاة التي تجاهد أمامه كي تظهر له أنها قوية ؟؟!!
منذ فترة طويلة ، بقيت صورتها ماثلة أمام نظره أينما راح و غدي و حل ، بقيت كما شاهدها أول مرة ، والأبتسامة الخفيفة الشاحبة تخطف على شفتيها كما يخطف البرق فى ظلام الليل ..
وضع إبهامه علي شفته السفلي .. يفكر ما هي حقيقيتها ! و من بالضبط هذه الفتاة التي إحتلت كل تفكيره ؟
و ما هي نهاية مشاعره الراغبة بها ؟!
في تلك اللحظة تخيلها أمامه مباشرة ، و تركزت كل حواسه علي شفتيها الوردية الممتلئة .. ليتخيل بلحظة واحدة أنه يلثمها بين شفتيه ..
الأن يمتصها بقوة .. و يداعب خصلات شعرها بأصابعه في الوقت ذاته .. كم هي جميلة .. همس بداخله .. ليشعر بحرارة قوية تنشب بجسده ، و خيالاته تذهب به لأشياء أخري يطمع بها ، و يريد أن يفعلها معها منذ أن وقعت عينه علي صورتها ..
هز رأسه بعنف ليخرج هذه الأفكار التي تحتل رأسه .. هذا ليس مناسبا الأن ، خاصة و أنها لا زالت تعانده و ترفض تنفيذ شرطيه ، و لكن لا مناص لها من الإذعان .. ستوافق لا محالة و في أقرب وقت .. ليس إمامها خيارات أخري ..
و بينما كان يمرر "عاصم" الصابون علي جسده ، سمع صوت رنين هاتفهه ينبعث من الحجرة ..
تردد في الرد علي الهاتف ، لكنه خشي أن يكون هناك امرا عاجلا يستدعي الإتصال به ..
فغادر المغطس و هو يجفف جسده سريعا بالمنشفة البيضاء القطنية ، ثم يلفها حول خصره ، و يلج إلي حجرته بخطي واسعة و مبتلة ..
تناول هاتفهه من فوق فراشه ، و أجاب بسرعة دون أن يعرف هوية المتصل:
-الو !
علي الطرف الأخر ، أتاه صوت "طارق الحسيني" قائلا:
-مساء الخير يا عاصم باشا .. معاك طارق الحسيني.
رد "عاصم" بذهن نصف حاضر و هو يبعد بيده قطرات الماء التي ما زالت تتساقط من شعره المتهدل علي جبينه إلي وجهه:
-اهلا يا طارق بيه .. خير في حاجة ؟؟
-طبعا في كل خير يا باشا .. الانسة هانيا مضت الاوراق اللي حضرتك سيبتها عندي.
إبتسم "عاصم" بإنتصار متهالك و قال:
-طب كويس.
-و ماتقلقش يا باشا كله تمام ، الورق انا شايله عندي في الخزنة و الانسة لسا خارجة من عندنا من حوالي ساعتين كده.
و هنا جحظ "عاصم" بعينيه ثم هدر بعنف ناسيا أرقه و إرهاقه بالكامل:
-بتقول ايه ؟ خرجت ؟ خرجت يعني ايه ؟؟
شعر "طارق" بالخطر من نبرة "عاصم" العنيفة ، فرد متلعثما:
-هي خرجت بعد ما مضت الورق .. مش سيادتك اتفقت معايا علي كده ؟!!
صاح به "عاصم" بغضب حارق:
-انت بتتصرف من دماغك يا حضرة الظابط ! انا قلتلك مشيها !!
أجابه "طارق" بتوتر:
-يا باشا و حضرتك كمان ماقلتليش خليها ، كل اللي قولته انك عاوزها تمضي الورق و بس ، و فعلا ده اللي حصل ، الورق اتمضي فسيبتها تمشي !
كان رد "عاصم" الوحيد عليه ، هو انه أغلق الخط بوجهه و نيران الغضب تتأجج بصدره ..
ثم سارع بإرتداء ملابسه و هو يسب و يلعن و يتوعد و يتساءل .. أين هي الأن ؟ .. لا يمكن أن تهرب منه بهذه السهولة ...

المظفار والشرسهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن