علي الطرف الأخر ..
كان هناك من يترصدها و يراقبها جيدا منذ لحظة خروجها من بيتها ..
أخرج هذا الشخص هاتفهه ، و أجري إتصالا .. :
-الو .. ايوه يا سمير .. اهي المزة جاية عليكوا ، ام احمر دي .. شوفوا شغلكوا و انا جاي وراها علطول...........................................................
عندما بلغت "هنا" ناصية الشارع الفرعي ، هرعت نحو تلك الحافلة البيضاء ..
كانت فارغة تقريبا إلا من السائق و ثلاثة رجال ، أحدهم هرم ، و الإثنان الباقيان بديا في أواسط العمر ..
أشرق وجهها بإبتسامة متفائلة ، فحتي الآن يسير يومها بشكل سلسل و سهل ..
صعدت "هنا" إلي الحافلة بعد أن أخبرت السائق بوجهتها .. فصعد خلفها مباشرة الرجل الرابع و الذي كان يتعقبها طوال الطريق ..
لم تحس "هنا" بأي شيء خاطيء ، و لم يخالجها الشعور بالريبة حتي ..
فقط كانت منهمكة في فتح حقيبة يدها لتخرج أجرة السائق ، و بينما كانت تفعل ذلك بكل تركيز .. إمتدت يدي أحدهم بسرعة البرق ، و أطبقت علي فمها و أنفها بمنديل رطب ..
إرتعدت "هنا" مذعورة ، و قاومت في بادئ الأمر ، و لكن لم تلبث أن تلاشت مقاومتها إثر المادة المخدرة بالمنديل التي إستنشقتها بقوة ..
غابت عن الوعي سريعا ، و من دون أن تحدث جلبة لهؤلاء الشلة الذين تصايحوا بمرح و كأنهم ربحوا الجائزة الكبري ...***********************************
طرق "توفيق" باب مكتب الطبيب المشرف علي علاج "مروان" ..
ثم ولج بعد أن سمع أذن الدخول .. كان الطبيب جالسا هناك خلف مكتبه ، منكبا فوق أوراقه و قد بدا منهمكا للغاية ، لكنه إهتم بدخول "توفيق" حين رفع رأسه إليه ..
فإبتسم للحال ، ثم نهض و مد يده ليصافحه في تهذيب ، صافحه "توفيق" بخبل مرهق ، فشعر الطبيب بما يعانيه من آرق و أرهاق ، فسارع يطلب منه الجلوس في المقعد المقابل له ..
لبي "توفيق" دعوته و جلس ، فيما ضغط الطبيب زر الديكتافون ، و طلب القهوة لكليهما ، ثم عاد يهتم بضيفه .. :
-ايه اخبارك يا توفيق بيه ؟؟
تنهد "توفيق" قانطا ، و قال:
-كويس يا دكتور .. الحمدلله.
تأمله الطبيب مليا بنظرة إشفاق قبل أن يقول برتابة:
-طيب عموما انا طلبت اشوف حضرتك عشان اقولك مبروك و الف حمدلله علي سلامة ابنك .. فاق انهاردة الصبح.
تطلع إليه الأخير مشدوها ، فإبتسم الطبيب قائلا:
-ايوه .. مروان بيه فاق الحمدلله و تقدر تكلم دينار هانم كمان اذا حبت تيجي تشوفه.
بلهفة قوية ، تساءل "توفيق":
-طيب و حالته ؟ .. هو عامل ايه يا دكتور ؟ لسا في خطر عليه ؟؟
-اطمن يا توفيق بيه ابنك معافي تماما ، و عدي مرحلة الخطر من مدة قصيرة .. غيبوبته ساعدت في إلتئام جروحه .. و كمان حالته النفسية نوعا ما إتحسنت ، لأنه لما فاق ماثارش زي المرة اللي فاتت و لا انفعل حتي .. لكن اعتقد انه شايل في نفسه من جوا و حابس مشاعره ، و في النقطة دي انا بنصحك لما يخرج من هنا بالسلامة تعرضه علي طبيب امراض نفسية .. اتا متأكد انه هيقدر يساعده.
تنهد "توفيق" براحة بالغة و هو يرفع يده و يفرك وجهه في عصبية دفينة خالفت نبرة صوته الهادئة حين قال:
-انا ممكن اشوفه ؟؟
أومأ الطبيب رأسه فورا ، و قال:
-اه طبعا ممكن .. احنا خرجناه من غرفة الرعاية خلاص ، الممرضة اللي واقفة برا هتاخد حضرتك لأوضته.