حين أصر عليها أن يوصلها حتي بيتها بسيارته ..
أصر أيضا أن يمر علي متجر الزهور ، ليبتاع لها بعض الورود ..
نزل من السيارة ، و غاب داخل المتجر لحوالي عشرة دقائق ، ثم عاد إليها بباقة جميلة من الورد الأبيض و الأحمر الفاتح .. قدمها لها قائلا:
-فكرت اصالحك ازاي ؟ .. مالقتش انسب من الورد يعبرلك عن اسفي و حبي في نفس الوقت.
تقبلت "هاجر" الباقة بوجه متورد ، فتعمق سروره و إستشعر في زهو من إرتباكها دليلا علي وقوعها في سحره اللطيف ..
تركها تشتم آريج الأزهار بهيام ، و عاد يتابع القيادة يتركيز ..
توقف "شهاب" بسيارته للمرة الثانية أمام متجر حلوى .. إستأذن منها مرة أخري و نزل من السيارة ..
لم يغب كثيرا هذه المرة ، و حين عاد كان يحمل علبة فخمة من الشوكولاه ...فقدمها لها و قال مداعبا بإبتسامته الحلوة:
-الشوكلت دي عشان انا عارفك طفسة و كل شوية بتجوعي ، فقلت اهي حاجة تسد يعني.
ضربته علي صدره بخفة ، ثم أخذت من يده العلبة و هي تهتف بفرح:
-شهاب .. انت تجنن يا حبيبي .. ربنا يخليك ليا.
ثم شكرته بإبتسامة عذبة:
-شكرا يا شهاب.
أومأ بإستحسان ، و شغل محرك السيارة مرة أخري و إنطلق ..
و خلال الطريق ، وجد نفسه يبتسم مستغربا هذا التحول المجنون في مشاعره ..
فهو كان اليوم صباحا يكرهها و يحقد عليها بشدة ، إنما منذ قليل عندما إلتقيا و كلا منهما فاض للأخر عن مكنونات صدره دون مشاحنات أو مشاجرات ..
بديا متفهمان لأقصي حد ، و ها هو يحتويها بدفء و مودة و كأنهما لا لم يعرفا الخصام في أية لحظة من اللحظات ..
أوقف "شهاب" سيارته بصورة تدريجية أمام ڤيلا ( الطحان ) .. فإستدار إليها قائلا:
-خليكي قاعدة معايا هنا بقي لحد ما السواق يجبلك عربيتك .. انا اديته العنوان بس تلاقيه تايه فيه شوية .. زمانه علي وصول.
أومأت رأسها بعفوية فرحة ، بينما ظل يرمقها بنظرات متفحصة جريئة ..
فأشاحت عنه خجلة و قالت:
-اخبار اخوك و مراته ايه ؟ .. لسا مش حامل ؟ لسا مافيش بيبي جاي في السكة يقولك يا انكل ؟؟
هز رأسه نفيا و قال:
-هما لحقوا ؟ .. بقالهم شهر واحد تقريبا متجوزين .. بس ممكن فعلا تكون حامل ، مين عارف .. عاصم اكيد هيفرح اوي لو حصل.
و ساد الصمت مرة أخري للحظات ، فبحثت عن شيء أخر يناقشاه ، فقالت:
-خلصت الحان الاغاني يا شهاب ؟ .. المسرحية باقيلها عشرين يوم بالظبط.
-خلصتهم يا هاجر .. هبقي اروح اعرض النوتات علي الاستاذ حسن و لو عجبوه هنبتدي بروفات علطول.
-يا سلام ! .. مش هتسمعني انا الاول يعني ؟ لازم اكون اول واحدة اقولك رأيي .. و لا انا مش مميزة بالنسبة لك ؟؟
إبتسم بخفة ، و قال:
-حاضر يا هاجر .. اوعدك هتكوني اول واحدة تسمعيني و اما بغنيهم.
ردت "هاجر" إبتسامته بإحسن منها ، و فيما كانت عيناه تحوم علي محياها كريشة لا تود الإبتعاد عنه .. وجدته يقرب وجهه من وجهها بغتة ..
لفحت أنفاسه الساخنة فمها ، قبل أن تسقط شفتاه علي خدها ..
كانت قبلته عفيفة ، دافئة .. كاللتي يمنحها لأمه في كل صباح ..
تصلبت "هاجر" تماما ، لم تتحرك إنشا واحدا و كأنها ترحب بملاطفته .. مما شجعه ..
فإقترب أكثر و عانقها بحرارة .. تولد لديها إنطباع غائم بإنه كان يقاوم مشاعر لم يعرف لها من قبل مثيلا ..
و فجأة .. تراجع "شهاب" عنها مبهور الأنفاس ، فتشابكت عيونهما للحظات طويلة قبل أن يعلن بهدوء:
-السواق وصل .. عربيتك وصلت !