إنضمت "هنا" في تلك اللحظة إلي أمها ، و تساءلت بوجه عابس:
-ماما ! في ايه ؟؟
تجاهلتها السيدة "قوت القلوب" و عادت تسأل الضابط في توجس:
-هي عملت ايه يابني ؟ عايزينها ليه ؟؟
صاح بها الضابط بفظاظة:
-مالكيش دعوة يا ست انتي ، جاوبي علي اد السؤال و بس ، هانيا مصطفي علام قاعدة عندك هنا ؟؟
و قبل أن تنطق "قوت القلوب" بحرف ، أتت "هانيا" من خلفها بخطي ثابتة و وجه متجهم متصلب ، ثم أجابته بصوت مرتج:
-انا هانيا مصطفي علام يا حضرة الظابط .. خير ؟؟
صوب الضابط ناظريه نحوها .. عاينها للحظات قبل أن يقول:
-مطلوب القبض عليكي يا انسة .. اتفضلي معايا بهدوء لو سمحتي.
علت نبرة "قوت القلوب" و هي تسأله مستنكرة:
-ليه يا باشا ؟ هي عملت ايه بس ؟؟
أجابها الضابط بإقتضاب حاد:
-و الله ماعرفش يا ست ، كل اللي اعرفه ان معايا امر بضبط و احضار الانسة و لازم انفذه.
-طب ممكن اغير هدومي الاول ؟؟
قالتها "هانيا" بجمود ، فأومأ الضابط رأسه قائلا:
-اتفضلي بس بسرعة.
إستدارت "هانيا" علي عقبيها ، و إتجهت إلي غرفتها ..
بدلت ملابسها بآلية و هي تفكر بقلب واجف .. تري ما طبيعة الفخ الذي نصبه لها "عاصم الصباغ" ؟؟***************
كان "عاصم" يحتسي الشاي في ركنه المفضل بحديقة قصره ، عندما أقبل "زين" عليه بخطي واسعة ..
و بدا أن إحتقان وجهه غمر وجه "عاصم" بالرضا ، إذ أنه إبتسم بقوة ، و قال بعد أن جلس صديقه في مقعد قبالته:
-ها ! طمني ايه اللي حصل ؟؟
رد "زين" بإقتضاب حانق:
-حصل اللي انت عايزه بالظبط ، و زمانها في القسم دلوقتي.
إزدادت إبتسامة "عاصم" إتساعا ، و هو يرفع عينيه نحو سماء النهار مرددا بإنتصار:
-وقعت في المصيدة .. و محدش ممكن يحررها غيري .. دلوقتي هتنفذ اوامري كلها بالحرف ، و مش هتقدر ترفع عينها فيا حتي.
قطب "زين" متعجبا و هو يسأله:
-ليه بتعمل كده يا عاصم ؟ ذنبها ايه البنت في العداوة اللي كانت بينك و بين ابوها ؟؟
نظر له "عاصم" صامتا لبرهة ، ثم أجاب بصوت هادئ و ملامح عدوانية:
-ذنبها انها بنته .. بنت الراجل اللي دمرني و دمر عيلتي .. انا انتقمت لابويا منه خلاص و خدت تاره .. لكن حاسس اني لسا مارتحتش يا زين.
و أردف في شر مطلق ، و عيناه تقدحان نارا:
-بنته هي اللي هاتريحني .. هي اللي هتشفي غليلي ، هي اللي هاتبرد النار اللي قايدة جوايا من 20 سنة.
نظر إليه "زين" في ريبة ، و عاد يسأله:
-انت ناوي علي ايه تاني يا عاصم ؟؟
قست تعابير وجهه ، و هو يجيبه بصرامة:
-ناوي اخد بتاري.
هز "زين" رأسه في يأس ، بينما أتي فجأة أحد أفراد الحرس ، ثم قال بهدوء و هو يدنو من "عاصم":
-عاصم باشا ، في واحد جه برا بيقول انه صاحب شهاب بيه و عايز يدخلله.
سأله "عاصم" متجهما:
-فتشتوه ؟؟
-ايوه يا باشا و نضيف.
تغضن جبين "عاصم" بعبسة متململة ، لكنه أعطاه الأذن بإقتضاب:
-خليه يدخل.
أنحني الحارس لسيده ، و إنسحب في هدوء ..
فيما عاد "عاصم" يهتم بجلسته مع صديقه ، فقال له و هو يشير إلي وعاء الشاي البلوري:
-هعزم عليك بالشاي و لا ايه ؟ ما تصب لنفسك يا اخي !