11

2.6K 93 7
                                    


-لأ يا عاصم !
هتف "زين" بقوة معترضا و هو يجلس قبالة صديقه بالمكتب ، ثم تابع منفعلا:
-لحد هنا و كفاية اوي .. انا اذا كنت وافقت اساعدك علي اللي عملته قبل كده فأنا عملت كده عشان كنت متفهم وضعك و عارف ان ماكنش في طريقة تانية ترجع بيها حقك غير الطريقة دي .. لكن كل اللي فات كوم و اللي انت عايز تعمله دلوقتي ده كوم تاني ، البنت مالهاش ذنب في اللي حصل ، خرجها من اللعبة يا عاصم و سيبها في حالها و كفاية اللي عملته فيها.
رمقه "عاصم" في برود ، ثم همهم بهدوء متسائلا:
-همم ! خلصت ؟؟
قطب "زين" مستاءاً ، بينما مد "عاصم'' جسده إلي الأمام ، و سند مرفقيه فوق المكتب و هو يقول بلهجة آمرة:
-هتخرج من عندي دلوقتي ، و هتنفذ اللي قلتلك عليه.
كاد"زين" يتكلم ، فقاطعه "عاصم" بصرامة قائلا:
-انا عارف انا بعمل ايه كويس اوي يا زين .. و اظن انت مش غريب عني ، انت معاشرني بقالك سنين و فاهم تصرفاتي.
-ايوه يا عاصم ، بس اللي انت عايزه يحصل ده خطر .. انت فاهم انت بتعمل ايه ؟ انت كده ممكن تضيع مستقبل البنت و تنهي حياتها.
لوى "عاصم" فمه القاسي بإبتسامة بالكاد ظهرت ، و قال:
-قلتلك انا عارف انا بعمل ايه يا زين.
زفر "زين" في كدر و هو يحدق بصديقه ، لقد كان "عاصم" طوال السنين التي مضت ، نموذجا للرجل المستعد لفعل أي شيء لتزويد ثروته
قد يتفهم دوافعه نظرا لنشأته الصعبة ، و لكن لا يمكن أن تصل الأمور إلي هذا الحد ، رغبته في الإنتقام أعمته ، قد يدمر حياة أشخاص ليس لهم أدني ذنب فيما حدث بالماضي .. و "هانيا" في نظر "زين" واحدة من هؤلاء الأشخاص ...
أفاق "زين" من شروده فجأة علي صوت صديقه ذا النبرة الحازمة:
-هتنفذ اللي قلتلك عليه.
أطرق "زين" رأسه مذعنا ، ثم قال بخفوت:
-حاضر يا عاصم.

***************

عندما ذهبت إلي مسكن عمها الجديد في "حي الغورية"العريق ، قصت عليه تفاصيل لقاءها ب"عاصم الصباغ" و أخبرته عن التهديدات المخيفة التي أفاض بها ..
كان " توفيق" يستمع إلي حديث إبنة شقيقه في إهتمام بالغ ، لم يقاطعها للحظة حتي إنتهت .. فتنحنح ثم قال بهدوء:
-انتي غلطتي يا هانيا لما اتهجمتي عليه بالكلام و لما اتكلمتي عن والده بإسلوب مهين .. ده اولا .. ثانيا بقي ، رفضتي عرضه ليه ؟ تقدري تقوليلي هتعملي ايه بحتة الارض اللي فوقيها مخزن فاضي ؟ لو كنتي قبلتي تبيعيله ساعتها كان ممكن تحطي الرقم اللي انتي عايزاه و كان هيدفع طالما طلب يقابلك مخصوص عشان يشتري الارض منك.
تنهدت "هانيا" بعمق ، و قالت بسأم:
-الطريقة اللي اتكلم بيها حسستني بالقهر و الذل يا انكل .. و بعدين ازاي كنت عايزني اوافق علي طلبه و ابيعله الارض بمنتهي السهولة ! الراجل ده هو اللي اتسبب في موت بابا ، و انا لا يمكن احط ايدي في ايده ، ده غير انه سرق مني كل حاجة كمان عايز ياخد الارض !!
هتفت أخر كلماتها بإستنكار إنفعالي ، ثم أضافت في عند صلب:
-مش هبيعهاله ، حتي لو كنت ناوية ابيعها بعد ما قابلته انهاردة مستحيل هبيعها حتي لو مت من الجوع.
و صمتت لثوان تستجمع أنفاسها .. و لكن فجأة غاض الدم من وجهها حين تذكرت تهديداته .. فعادت تقول بنبرة متهدجة و قلبها يخفق في وجل:
-تفتكر ممكن ينفذ تهديده يا انكل توفيق ؟ يا تري ممكن يعمل ايه ؟؟
مط "توفيق" شفتيه قائلا:
-ماعتقدش انه ممكن يعمل حاجة .. مافيش في ايده حاجة تانية يعملها.
ثم مد يده و أمسك بيدها الباردة ، و شد عليها مطمئنا بقوله:
-ماتقلقيش يا حبيبتي .. في كل الاحوال انا جمبك و في ضهرك .. و لا يمكن هسمح لمخلوق انه يمس شعرة منك.
أومأت رأسها مبتسمة في توتر ، فيما راح التورد يخبو في وجنتيها .. إذ عاد إليها الدوار ، و بالكاد أحست عمها ينهض ثم يعود و يضع بين أصابعها المرتجفة فنجانا و يآمرها بلطف أن تشربه:
-اشربي الشاي يا حبيبتي و هدي اعصابك خالص .. كفاية تفكير و حاولي تسترخي.
أحتست "هانيا" الشاي في عصبية .. فعاد لونها المفقود .. لكنها إستمرت تفكر خائفة ...

المظفار والشرسهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن