تلك الليلة..لم يداعب النوم أجفان ياغيز و هزان..هو كان مستغربا من نفسه..من
تغيره معها..من مشاعره القوية التي صار يحس بها تجاهها..لقد تركها عندما خاف
عليها من نفسه و من رغبته فيها..في السابق ..كان يرى فيها مجرد جسد يريد
الحصول عليه بأية طريقة..كان مستعدا أن يفعل المستحيل من أجل ذلك..أما
الآن..فهو يخاف عليها..يخشى أن يجرح مشاعرها..يكره أن يرى دمعتها..يفرح
عندما يرى ابتسامتها..تغيير لا يجد له تفسيرا منطقيا..كل ما يعرفه أنه مشدود إليها
بطريقة مخيفة..هي..أسعدها أن ترى منه تصرفا انسانيا و أن يفعل من أجلها ما
يضمن رؤيته لابتسامتها على وجهها..تشعر أنه قد يخفي جانبا طيبا في
أعماقه..عكس ما يظهره من شر و وقاحة و استهتار..تتمنى أن يكون ما تشعر به
صحيح..رغم أن عقلها يحذرها منه و من الإطمئنان له..فقد يكون يحاول استغلالها
بطريقة جديدة..يوهمها أنه يحبها لكي يحصل عليها..يغير معاملته لها..يعاملها
جيدا..يسمعها كلاما رقيقا..ثم يقسو عليها و يعذبها و يذلها..صراع بين عقلها و قلبها
ترجو أن يتفقا في النهاية على الإيمان بأن له وجها آخر ..طيبا يخفيه خلف قناع
الشيطان الذي يرتديه..و أن يتأكدا من ذلك أيضا..في الصباح..استيقظ ياغيز
باكرا..شرب قهوته على عجل و خرج على حصانه..يريد أن يراها..أن يقضي بعض
الوقت إلى جانبها..أن يسمع صوتها..أن يرى ابتسامتها..الرغبة في الحصول عليها
كجسد فقط..اختفت..لتحل محلها رغبة من نوع آخر..رغبة في التقرب منها و
التعرف عليها أكثر..اقترب من أرضها..رأى العمال قد تفرقوا هنا و هناك و شرعوا
يعملون..ثم رآها..هناك..تتكئ على شجرة زيتون..ترتدي قميصا أسود اللون و
سروالا يناسبه ..و تغطي شعرها بوشاح وردي ..كانت تتكلم على الهاتف..ترجل
ياغيز و مشى نحوها..انتبهت إليه فحاولت أن تظهر أنها لم تتأثر بما جرى البارحة و
أنها تعامله بنفس الطريقة السابقة..وقف بجانبها و بقي ينتظر أن تنهي
مكالمتها..بعد قليل..التفتت إليه و قالت" أهلا سيد ياغيز" ابتسم و قال"
مرحبا..كيف حالك هزان؟" قالت" بخير..كنت سآتي إليك اليوم" سأل بحماس"
خيرا؟ لماذا؟" اجابت" لأعطيك القسط الثاني" هز رأسه و قال" لا مشكلة..ها قد
أتيت أنا..أرى أنك وجدت عمالا" قالت و هي تبتسم" كمال وفرهم لي..ليسلم..إنه
يساعدني كثيرا" مجرد مدحها لكمال جعله يشعر بالضيق..و بدا ذلك واضحا على
ملامحه..مرر أصابعه في شعره و قال" إنه قريبك و من الطبيعي أن يساعدك"
قالت" إنه لا يساعدني لأننا أقرباء فقط..بل لأنه طيب و مراعي" حدجها ياغيز
..بنظرة حادة ثم أبعد نظراته عنها..
أنت تقرأ
الوجه الآخر للشيطان
Lãng mạnما بين شياطين و ملائكة..ما بين شر و خير..ما بين أقنعة و وجوه حقيقية..ما بين خداع و صدق..ما بين وهم و حقيقة ..تمر حياتنا و تختلف علاقاتنا..أحيانا نلتقي بأناس نعتقد بأنهم شياطين لكنهم يظهرون لنا أننا مخطئين..و يكون ذلك الوجه مجرد قناع يخفي خلفه طيبة...