البارت الرابع و الثلاثون

3.8K 111 3
                                    

قالت هزان كلامها ذاك بصوت مخنوق و دمعة لمعت في مآقيها..ثم ابتعدت
عنهما..ركبت سيارتها و انطلقت مسرعة..مرر ياغيز يده خلال خصلات شعره و
نادى هزان محاولا أن يوقفها لكنها ذهبت دون أن تلتفت وراءها..نظر إلى كمال
فرأى ابتسامة خبيثة قد ارتسمت على وجهه و هز كتفيه و مد يديه إلى الأمام
بشماتة..لم يتحمل ياغيز منه ذلك فجمع قبضة يده و لكمه بشدة على
وجهه..فسالت الدماء من أنفه و انهار واقعا على الأرض..ركب ياغيز سيارته و ذهب
إلى منزل هزان لكنه لم يجدها هناك..لم يكن يعرف عنها شيئا..كيف تتصرف عندما
تغضب؟..إلى أين تذهب؟.. لمن تشكو همها؟ ..أوقف سيارته بجانب عين الماء
الدافئة و بقي يفكر أين يمكن أن يجدها..أما هي..فكانت الدنيا تضيق عليها و تطبق
على صدرها بعد ما سمعته من ياغيز..كانت تظن أنه يخفي بعض الطيبة في أعماق
نفسه..كانت تعتقد أنه سيلين و سيعيد لها أرضها بسرعة و دون استغلال..لكنها
أخطأت..يبدو أنه فهم أنه لن يستطيع أن يحصل عليها بأساليبه القذرة..فغير
سياسته و قرر أن يمثل عليها دور العاشق لكي تطمئن له و تثق فيه و تحبه و
تستسلم له..أوقفت هزان سيارتها أمام المقبرة..ترجلت..و جلست بجانب قبري
والديها..لامست تربتهما و هي تبكي بحرقة..قالت" أمي..أبي..لماذا رحلتما و
تركتماني وحيدة؟ لماذا تركتما لي هذا الحمل الثقيل و هذه المسؤولية الجسيمة؟
لماذا يحدث هذا معي؟ لماذا؟ أنا أحتاجكما كثيرا..أحتاج وجودكما معي..أحتاج
نصيحتكما..حبكما..حنانكما..دعمكما..عطاءكما اللامحدود..في زمن..فقد فيه
الإنسان إنسانيته و تحول إلى شيطان مقرف..في وقت..أضطر فيه للوقوف وحدي
في وجه رياح الطمع و الكذب و الشر و القذارة..ليتكما كنتما معي الآن..أرمي
حزني عندكما و أضع رأسي على كتف أحدكما..و أبكي..و أصرخ..و أتخلص من
هموم أثقلت هذا القلب الغبي الذي أوشك على أن يثق بشخص منافق و كاذب و
أن..يحبه..لكن لا..لن أستسلم..فليفعل ما يشاء..سأستعيد أرضي منه..و سأعرفه
قيمته الحقيقية..سألتجئ إلى الشخص الوحيد الجدير بثقتي..كمال..هو الوحيد الذي
يساعدني دون مقابل..لن أنهزم..و سأكون قوية كعادتي..أبي..أمي..أنا ابنتكما
المتعقلة الرصينة التي لا تنكسر بسهولة..ارقدا بسلام..أحبكما.." ثم ركبت سيارتها
..و عادت إلى المنزل..

الوجه الآخر للشيطان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن