البارت السبعون

2.7K 75 0
                                    

أسبوعان مرا و هزان تحاول كل يوم أن تلتقي بياغيز لكنه كان يرفض رؤيتها في
كل مرة..اليوم..كان إصرار هزان على لقاءه لسبب مختلف جدا..خبر تظن أنه
سيفرحه كما أفرحها..سينسيه وحدته و معاناته في السجن و سيقوي أمله و يعطيه
سببا قويا للمقاومة و المواصلة..فطيلة الأسبوعين الماضيين تكررت حالات الإغماء
و الغثيان لدى هزان و أصرت أمينة و إيجه على اصطحابها إلى
الطبيب..هناك..أجرت الفحوصات اللازمة و تأكدت أنها حامل..أما ياغيز..فقد قضى
تينك الأسبوعين في زنزانته المنفردة..يمارس الرياضة..يقرأ الكتب التي يحضرها
له الحارس..يبني حول قلبه سورا حجريا عاليا يصعب اختراقه..عاد يقنع نفسه بأن
كل النسوة خائنات و أنهن وسيلة للمتعة و لتلبية الرغبات..عادت أفكاره الشيطانية
السابقة تستعمر عقله و تعطيه بعض الراحة..ألمه كان من هزان لأنه عشقها و
أحبها و ظن أنها تختلف عن الجميع و لا تشبه أية إمرأة أخرى..أما الآن..و هو يفكر
بهذه الطريقة..فقد صارت فكرة الخيانة عادية بالنسبة إليه..يقتل بها ذلك الحب
الذي كان يملأ قلبه..و يقتلع ثقته بها من جذورها..و يستأصل إيمانه بأنها مختلفة و
مميزة و نقية من أعماق روحه..عادت نظراته باردة و قاسية و جافة كما كانت..عاد
كلامه قاسيا و جارحا و مزعجا..عاد إلى إرتداء قناع الشيطان على وجهه لكي ينجح
في محاربة كل الإعتبارات و المشاعر الإنسانية التي من شأنها أن تحرق روحه و
توجع قلبه..هذه المرة..لم يرفض رؤيتها..يريد أن يواجهها لكي يتأكد بأنه نجح في
اقتلاعها من أعماقه و رميها إلى الأبد..سيعاملها كأية إمرأة
أخرى..خائنة..كاذبة..مخادعة..فرحت هزان عندما علمت أنه وافق على
رؤيتها..وقفت تنظر إلى الباب و قلبها يكاد يتوقف من سعادتها و حماسها..أخفت
ورقة تحليل الحمل في جيبها و راحت تفكر في الطريقة التي ستخبره بها..تعلقت
نظراتها به و هو يتجاوز الحارس و يدخل..يرتدي قميصا أسودا و سروالا أسودا
أيضا..بدا وسيما جدا في ملابسه النظيفة..لكنه كان متغيرا جدا..نظراته بعيدة و
جامدة..لا حياة و لا مشاعر فيها..ملامح وجهه قاسية و باردة..اقتربت منه هزان
لكي تعانقه..لكنه ابتعد عنها و جلس على الكرسي..استغربت هزان ذلك منه و
آلمها ابتعاده عنها..فمسحت دمعة نزلت على خدها رغما عنها و جلست قبالته و
هي تقول" كيف حالك؟ لقد اشتقت إليك كثيرا..لماذا رفضت رؤيتي طيلة الفترة
الماضية؟" نظر إليها و قال" لا داعي لذلك..لم أرد أن أشغلك عن ارتباطاتك و
مواعيدك..أنا بخير..و مرتاح جدا هنا" مدت هزان يدها و وضعتها على يده فسحبها
بسرعة . سألت بحزن" ياغيز..ماذا حدث؟ لماذا تعاملني هكذا؟ ألم تشتق إلي؟ لماذا تبدو متغيرا جدا..و كأنك شخص آخر لا أعرفه"..

الوجه الآخر للشيطان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن