اقترب بهجت من هزان و همس " هزان هانم..ذلك الرجل الواقف هناك
يناديكي..يريد أن يتحدث معك" رفعت هزان رأسها و نظرت إلى ياغيز ثم قالت
بأعلى صوتها" من يريد أن يكلمني فليأتي إلي..أنا لا أذهب إلى أحد" تغيرت ملامح
ياغيز و بدت العصبية واضحة عليه و بقي واقفا في مكانه ينظر إليها..التقت
نظراتهما و شعر بهجت بأن تيارا كهربائيا وصل بينهما فابتعد مسرعا..أما ياغيز
فتقدم منها بخطوات واثقة و وقف أمامها و قال" تمنيت أن يكون لدى أبيك أولاد
لكي أستطيع التفاهم معهم" ابتسمت هزان و مررت يدها على جبينها لكي تمسح
عرقها فتلطخ بالطين و قالت" مع الأسف..أبي لم ينجب سوى البنات..تستطيع
التحدث معي" تجولت نظرات ياغيز حول وجه هزان المشرب بسمرة جميلة
..عيناها السوداوين الواسعتين..أنفها المستقيم..شفتاها الممتلئتين..ثم نظر إليها
نظرة احتقار و قال بسخرية" لا عمل لي مع النساء..جئت لكي أقدم
التعازي..تعازي الحارة لك" قالت" شكرا لك" بقي واقفا فقالت" هل من أمر آخر؟"
قال" يبدو أنك فتاة قروية مغرورة ..لكن..هل سيدوم هذا الغرور إذا علمتي بما
أخفاه والدك عنك" نظرت إليه هزان باستغراب و سألت" و مالذي أخفاه والدي
المرحوم عني؟" وضع ياغيز يده في جيبه و أخرج مغلفا و قال" هذا" أخذت هزان
المغلف من يده ..فتحته و قرأت الأوراق التي وجدتها فيه..تغيرت ملامح وجهها و
ابتلعت ريقها بصعوبة..ابتسم ياغيز و قد أسعده اضطرابها ثم قال" ايي..ماذا حدث أيتها
الفتاة القروية؟ ألم تكوني تعلمين بالأمر؟" هزت هزان رأسها بالنفي و أجابت"
لا..لم أكن أعلم..كيف لأبي أن يفعل شيئا كهذا؟" رد ياغيز بسخرية" ربما لو كان
يعتمد عليك و يثق بك لكان أعلمك بذلك..المهم الآن..أن هذه الأرض مرهونة لي
منذ شهرين..و كما ترين في العقد..إذا لم يقع تسديد قيمة الرهن في مدة قدرها
ستة أشهر..فستصبح الأرض ملكا لي" قالت" ..مستحيل..لم يخبرني أبي
بهذا..لقد كان.." قاطعها" ليست مشكلتي..أنت تعلمين الآن أن الأرض مرهونة
لي..بكل ما فيها..حتى أنت" رمقته هزان بنظرات غاضبة و قالت" احترم نفسك يا
هذا..أن تكون الأرض مرهونة لك فهذا لايعني أن تتجاوز حدودك معي..لا
تقلق..سأسدد قيمة الرهن في الوقت المحدد..لكنني..آمل أن تقبل بتقسيط المبلغ
على أقساط..فأنا أمر بأزمة مالية خانقة" اقترب منها ياغيز أكثر و تفحصها بنظرات
وقحة و سأل" و مالمقابل؟ مالذي تستطيع فتاة قروية جاهلة مثلك أن تعطيني إياه
مقابل ذلك؟" كلامه استفزها و أغضبها فرفعت يدها لكي تصفعه و هي تقول" قذر"
لكن يد ياغيز أمسكت بيدها و ضغطت على أصابعها حتى كادت تتحطم و قال"
"إياك..إياك أن تفعلي ذلك مرة أخرى.."
أنت تقرأ
الوجه الآخر للشيطان
Romanceما بين شياطين و ملائكة..ما بين شر و خير..ما بين أقنعة و وجوه حقيقية..ما بين خداع و صدق..ما بين وهم و حقيقة ..تمر حياتنا و تختلف علاقاتنا..أحيانا نلتقي بأناس نعتقد بأنهم شياطين لكنهم يظهرون لنا أننا مخطئين..و يكون ذلك الوجه مجرد قناع يخفي خلفه طيبة...