أنهت هزان عملها و عادت إلى المنزل..ملأت مغطس الحمام بالمياه الدافئة و
استلقت فيه محاولة أن تتخلص من تعب يوم منهك جسديا و عاطفيا..تمنت أن
يكون مجيء خالها لأنه و أخيرا عرف خطئه و قرر أن يعيد العلاقات المقطوعة منذ
سنين..تمنت أن يكون لها سندا بعد رحيل والديها..أن يعطيها بعض الدعم و الحنان
الذين صارت في حاجة ماسة لهم..في ظل تسلط الشيطان و محاولته سرقة
أرضها و شرفها بأي ثمن..لكن هذا لم يحدث..و ستجد نفسها الآن مضطرة أن تضع
حدا لكمال و تمنعه من الإقتراب منها أو مساعدتها لكي لا يتواجه مع والده
بسببها..أنهت هزان حمامها و جلست مع إيجه و بهجت و أمينة يتناولون عشاءهم
معا..قالت إيجه" أختاه..غدا يوم عطلة..أريد أن أساعدك في الأرض" ابتسمت هزان و
قالت" حسنا يا صغيرة..سأسمح لك شريطة ألا تهملي دروسك" صفقت إيجه بحماس و
اقتربت من أختها و قبلتها على خدها و هي تقول" شكرا أختي" ثم عادت إلى مكانها و
واصلت عشاءها..قالت هزان" عم بهجت ..غدا سنأخذ المحصول إلى العم يشار
..لقد اقترح علي أن يشتريه بالكامل مني و بسعر مناسب جدا" ابتسم بهجت و
قال"هذا جيد يا ابنتي..فرحت كثيرا" ربتت هزان على يده و قالت" لولاك أنت و العمة أمينة لم أكن أعلم ماذا كنت سأفعل..شكرا لكما لأنكما
كنتما بمثابة العائلة لي بعد رحيل والدي" هم العم بهجت بإجابتها لكن رائحة احتراق
داعبت خياشيمهم و سمعا صوت صراخ يقول" انسة هزان ..سيد بهجت
..أسرعوا..الحقوا..المخزن يحترق ..أسرعوا" ارتعد جسد هزان بشدة و أسرعت
هي و الجميع إلى الخارج فرأوا ألسنة اللهب تلتهم جدران المخزن
الخشبية..وضعت هزان يديها على رأسها و دمعت عينيها و هي تقول"
غير معقول..لا يمكن..مستحيل..يا الله" ثم أسرعت إلى خرطوم المياه و وجهته نحو
المخزن و صاحت بأعلى صوتها" إيجه..إفتحي الصنبور..بسرعة" أخذت هي تطفئ
النيران و ساعدها بهجت و عثمان العامل في الأرض المجاورة بنقل المياه من
العين القريبة و رميها على النار..ساعة مرت كأنها سنة على هزان و عائلتها..انتهت
بإحتراق كامل المحصول و انهيار جدران المخزن..بكت إيجه بصوت عال فاحتضنتها
أمينة و هي تحاول مواساتها..أما هزان فكانت ترى تعبها و جهدها يضيع هباء أمام
عينيها..مسحت دموعا غزيرة سالت على خديها و هي تشعر أنها تكاد
تختنق..انهارت واقعة على الأرض واضعة رأسها على ركبتيها..اقترب منها كمال
الذي ترجل لتوه من سيارته و ربت على كتفها و هو يقول" حمدا لله على سلامتك
هزان..أنا آسف جدا لما حدث" رفعت نظرها إليه و قالت" شكرا لك كمال" سألها"
هل تعرفين ما هو سبب الحريق؟" صمتت هزان قليلا ثم وقفت..ركبت حصانها
..أوموت و هي تقول" أظن أنني أعرف" و انطلقت مسرعة نحو قصر الشيطان
أنت تقرأ
الوجه الآخر للشيطان
Romantizmما بين شياطين و ملائكة..ما بين شر و خير..ما بين أقنعة و وجوه حقيقية..ما بين خداع و صدق..ما بين وهم و حقيقة ..تمر حياتنا و تختلف علاقاتنا..أحيانا نلتقي بأناس نعتقد بأنهم شياطين لكنهم يظهرون لنا أننا مخطئين..و يكون ذلك الوجه مجرد قناع يخفي خلفه طيبة...