78

2.3K 66 2
                                    

فأهل الضيعة ينبذون المرأة المطلقة و لا يتقبلونها بينهم..و يعتبرونها عارا عليهم
..لذلك خشيت ان هي أخبرت أخاها أن يحاول هو و والدها إثناءها عن الإنفصال عن
ياغيز..و هي متأكدة أنه الحل الوحيد لكي يستطيع ياغيز أن يتجاوز غروره و يسعى
إلى إصلاح أخطاءه..تريده أن يعتبر نفسه إنسانا عاديا لا نجما مشهورا..انسانا يحب
و يعشق..يربح و يخسر ..يتألم و يحزن..و يُترك و يعاقب أيضا إذا أخطأ و تجاوز
حده..تريده أن يُشفى من داء الغرور و جنون العظمة الذي يتسلط عليه و يفسد
حياته..أعدت هزان لنفسها كأسا من الشاي و أخذت تشربه..في القصر..كان ياغيز
جالسا مع بكير يتناقشان حول طريقة تخرجهما من المأزق الذي وقعا فيه..عندما
دخل عليهما الخادم و قال"سيد  ياغيز ..هناك شخص يريد لقاءك" سأل" ألم يخبرك
من هو؟" أجاب" لقد أخبرني أنه محامي" عبس ياغيز و بدا الإنزعاج جليا على
وجهه..استأذن من بكير و خرج لملاقاة ضيفه..تقدم منه الرجل و صافحه قائلا"سيد
ياغيز ..أنا المحامي لافانت اولغاز..محامي السيدة هزان في قضية الطلاق"
غص ياغيز بريقه و قال" أهلا و سهلا بك..تشرفت بمعرفتك..تفضل بالجلوس..هل
تشرب شيئا؟" هز لافانت رأسه و أجاب" لا شيء..شكرا..سيد ياغيز ..هذا تبليغ
بالقضية..و أتمنى أن يكون لديك متسع من الوقت لكي نناقش الأمر معا" نظر إليه
ياغيز و قال" طبعا..تفضل..أنا أسمعك" قال" السيدة هزان تريدك أن توافق على
الطلاق و ألا تتسبب في مشكلة..هي لا تريد منك شيئا..ليس لديها طلبات..فقط
تريد أن.." قاطعه ياغيز" تريد أن تتخلص مني بسرعة..اليس كذلك؟ " صمت قليلا
ثم اضاف" معها حق..لقد آذيتها كثيرا..و لم أكن أهلا لحبها و ثقتها ..لكنني لن
أطلقها..أخبرها بذلك..سأسعى جاهدا لكي أكسب ثقتها من جديد..سأصلح كل ما
تحطم..و لن أدخر مجهودا لكي أربح قلبها و حبها" ابتسم لافانت و قال" سيد ياغيز
..أقدر ما تقوله..لكن كمحامي فمن واجبي تبليغك أن موكلتي مصرة على
الطلاق..إجلس معها مرة أخرى إذا أردت و حاول اقناعها..و عندها..ستحل الأمور
بينكما دون تدخل المحكمة" قال" سأفعل..أعلم أنها مجروحة مني..لكنني سأنسيها
كل الخطايا و الأمور السيئة التي ارتكبتها في حقها" وقف لافانت و قال" فهمت سيد
ياغيز ..أنا قمت بعملي..و الباقي..يعود لكما..عن إذنك" ودع ياغيز لافانت و
رافقه إلى الباب ثم عاد إلى المكتب حيث وجد بكير واقفا يتكلم عبر الهاتف..أنهى
مكالمته و قال" البشرى سيد ياغيز ..تهانينا..لقد تم ترشيحك للقيام ببطولة
مسلسل تاريخي ضخم..لقد اتصل بي المنتج محمود أتاش و أخبرني بذلك بنفسه"
..لم يبتسم ياغيز و لم يهتم كثيرا بالخبر السعيد ..نظر إليه بكير باستغراب و سأل" مالأمر سيدي؟  لماذا تبدو جامدا هكذا؟ ألم تفرح بالخبر؟" هز ياغيز
كتفيه بلا مبالاة و قال" لا يسعدني شيء و هزان بعيدة عني..انها تريد
الطلاق..تخيل..انها تتخلى عني و تتركني..لن أطلقها..أنا أحبها..و لا حياة لي من
دونها" ربت بكير على كتفه و قال" لا تحزن..تستطيع اصلاح كل شيء..السيدة
هزان تحبك..و ستغفر لك خطاياك" نظر إليه ياغيز بحزن و قال" اتمنى..أتمنى
ذلك من كل قلبي" صمت بكير قليلا ثم قال"سيد  ياغيز ..لقد اتفقت على اللقاء مع بعض العاملين
في المسلسلات الأخرى..و قد وعدوني أنهم سيساعدونني بالكشف عمن يحاول
عرقلتك و جعلك تفشل..أحدهم أكد لي أن لديه معلومات سرية و دلائل عن هذا
الشخص..غدا سيكون يوما كبيرا..يجب أن تلتقي بالمنتج محمود و تتناقشان سوية
حول العمل" هز ياغيز رأسه و قال" تمام..سأفعل..لكن أولا..يجب أن أستعيد
حبيبتي هزان..و إلا لن أستطيع أن أفعل شيئا" ابتسم بكير و قال" و أنا جاهز
لمساعدتك في كل ما تريد فعله" ..اتصل لافانت بهزان و قال"سيدة هزان..زوجك
رفض أن يطلقك..و هو مصر على أن يجعلك تسامحينه و تغفرين له" فرحت هزان
بسماعها لهذا الكلام لكنها كانت تعرف جيدا أن ياغيز يتقن لغة الكلام..أما الأفعال
فلطالما كانت شيئا آخر..اعترى الحزن ملامح وجهها و قالت" شكرا لك سيد لافانت..أنت واصل قيامك بعملك..أنا مصرة على الطلاق" صمت لافانت قليلا ثم قال"
سيدة هزان..اذا لم يوافق زوجك على منحك الطلاق ..فستتعقد القضية و تستغرق
وقتا لكي يتم الحكم فيها..شخصيا..أرى أنه من الأنسب أن تجلسا معا للمرة
الأخيرة..تتحدثان و تتناقشان ثم تتخذان القرار المناسب" قالت" هذا ما
سيحدث..شكرا لك أستاذ لافانت " و أنهت الإتصال ثم دخلت إلى غرفة نومها و
استلقت على سريرها و أغمضت عينيها في محاولة يائسة لكي تنام..كانت كلما
أغمضت عينيها ترى وجهه أمامها..تتمنى أن ترتمي بين أحضانه..أن تعانقه و تقبله و
تشتم رائحته..لكن عقلها يتسلط عليها و يذكرها بكل الخطايا التي ارتكبها و التي
من الصعب عليها غفرانها..في قصره..لم يستطع ياغيز أن ينام على السرير دون
وجود هزان إلى جانبه..ارتمى على الأريكة و حاول أن ينام..أحرقت الدموع عينيه و
نهش الندم قلبه و أحس بضيق في صدره و ثقل في أنفاسه..غيابها و تركها له
أعاده إلى الماضي..حيث كان طفلا متروكا و وحيدا..لا يجد من يمسح دمعته أو
يعطف عليه..لم يجد من يحتويه و يحتضنه و يحميه من البرد و الصقيع..فراغ أسود
يلف كل مكان يذهب إليه..يريدها معه..يريد أن يمنحها كل الحب الذي في داخله و
الذي لم يستطع إظهاره لها في السابق..يريد أن يضعها على رأس أولويات حياته و
أن يؤسس معها عائلة تمناها..

خطايا لا تُغتفرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن