بقي ياغيز ينظر إلى هزان و هي ترفع الشوكة إلى فمها منتظرا ردة فعلها و رأيها
في أكله..أغمضت هزان عينيها و قالت" اممم..هذا رائع..لذيذ جدا..سلمت يداك" ابتسم ياغيز بسعادة طفل صغير و صفق بيديه و هو يقول" جيد أنه
أعجبك..بالشفاء و الهناء" ..أخذا يأكلان في صمت كسرته هزان بسؤالها" من علمك
الطبخ؟ هل هي أمك أم أبوك؟" ابتلع ياغيز ريقه بصعوبة و عبست ملامحه ثم أجاب
بصوت مبحوح" لا..لا أحد..تعلمت لوحدي" فهمت هزان من كلامه أنه
وحيد و أن عائلته بعيدة عنه فواصلت نكأ جرحة بمتعة كبيرة حيث سألت" هل
أبواك يعيشان معك؟ " نظر إليها ياغيز للحظة ثم أبعد عينيه عنها و أجاب" أبي
توفي و أنا صغير و أمي تعيش بعيدا مع زوجها و ابنها الآخر" نبرة الحزن و الألم في
صوته كانت واضحة جدا..كانت هزان متأكدة أن لهذا المغرور الوقح نقاط ضعف
يمكن استغلالها و قلبا رقيقا يسهل تحطيمه..قربت هزان يدها عبر الطاولة و
وضعتها على يده و هي تقول" أنا آسفة..لم أكن أعلم أن هذا الموضوع يزعجك"
لمعت عينا ياغيز و هو يرى يدها على يده و يشعر بلمستها بكل جوارحه..وضع يده
الأخرى على يدها و قال" هزان..أنا آسف لأنني آذيتك كثيرا..أرجو أن تسامحيني"
سحبت هزان يدها من بين يديه و لم تقل شيئا..أنهيا تناول طعامهما فتساعدا في
حمل الأطباق إلى المطبخ و تنظيف الطاولة..أمام المغسلة..وقفت هزان تنظف
الأواني و بجانبها وقف هو..يأخذ منها الأطباق..يجففها و يضعها في مكانها..شرد
ياغيز و هو ينظر إليها و لم ينتبه إلى الطبق الذي مدته له..فوقع الطبق أرضا و
تحطم..انتبه هو لنفسه و قال" اووووه..أنا آسف..لم أنتبه" قالت" لا عليك..لا مشكلة" تحركا معا و نزلا لجمع قطع الزجاج المتناثرة فتقاربت رؤوسهما و
التقت أعينهما و ضمت يد ياغيز يد هزان و همس" اتركيها..ستجرحين يدك" أنفاسه
الحارة لفحت وجهها و عيناه التهمتا كل تفصيلة من ملامحها..قرب ياغيز فمه منها
راغبا في تقبيلها..لكنها وقفت بسرعة و ابتعدت عنه و هي تقول" هل تشرب
القهوة؟" ..أجاب" نعم..أشرب" و انهمك في تنظيف الأرضية بينما أعدت هي
..القهوة و حملتها إلى الصالون..
أنت تقرأ
خطايا لا تُغتفر
Romanceكلنا بشر..و كلنا نخطئ..و نقترف أخطاء بحق أنفسنا ..أو بحق غيرنا..لكن الخطايا تختلف..فهناك أخطاء صغيرة و بسيطة..يسهل التغاظي عنها..و غفرانها..و هناك خطايا كبيرة..و مؤلمة..خطايا لا تغتفر..و لا تنسى بسهولة..و المسامحة و الغفران من شيم كبار النفوس و الكر...