اقترب المخرج من بكير و قال" بكير..يجب أن تفهم ياغيز أن هذا الوضع صار
مقلقا..أعلم أنه يمر بفترة عصيبة لكنه يجب أن يتدارك الموقف و يدرك أن إسمه
و مهنته و نجوميته في الميزان" قال بكير" حسنا..لا تقلق سيدي المخرج..سيرتاح اليوم و
غدا سيعود بنفس النشاط و التركيز السابق..أنا أعدك" ..أنهت هزان حديثها مع
ميلدا و عادت إلى تصفيف شعرها و تجهيزها للحفل..كانت هزان تفكر بينها و بين
نفسها في طريقة تساعد بها هذه الأم المشتاقة إلى ولدها و تجعلها تتواصل
معه..تريد لياغيز أن يستعيد أمه و أن يأخذ من حنانها و حبها و اهتمامها ما حرم منه
لسنوات..دون وعي منها ..وجدت نفسها تهتم به و تتمنى له الأفضل و تريد أن
تساعده لكي يعيش حياة طبيعية و لكي يسمح لذلك الطفل بالظهور و يغير طريقة
معاملته للمحيطين به..في المساء..ارتدت هزان فستانا بنفسجي اللون معرقا
بخيوط ذهبية ..يصل إلى ركبتيها و ظهره عاري..جمعت شعرها و أسدلت خصلتين
بجانب وجهها..ثم نزلت إلى الأسفل..على جانبي المسبح..كانت الطاولات منتشرة
هنا و هناك..و الحديقة تغص بالحاضرين..فرقة موسيقية تعزف أعذب الألحان..و
بوفيه مفتوح عليه مالذ و طاب من الأكل..ما إن رأت ميلدا هزان حتى اعترضتها و
هي تقول" ماشاء الله..أنت جميلة جدا..تعالي معي لأعرفك على زوجي و
صديقاتي" و تحركتا معا متنقلتين بين الطاولات تحت أنظار يمان التي بدا الإعجاب واضحا فيها..في قصره..جلس ياغيز لوحده على المائدة لكي يتناول عشاءه..لم تكن لديه شهية
للأكل..حرك الشوكة في صحنه ثم ألقاها جانبا و أشعل سيجارة..دخل عليه بكير و
السعادة بادية على وجهه..نظر إليه ياغيز و سأل" ماذا حدث؟" أجاب بحماس" لقد
عثرت على هزان" انتفض ياغيز واقفا و ألقى السيجارة من يده و هو يقول"
هيا..خذني إليها بسرعة" ..في الحفل..وقفت هزان وحيدة تشرب كأسا من العصير
عندما اقترب منها يمان و قال" هل أنت مستمتعة بالحفل؟" هزت هزان رأسها و
أجابت" نعم..شكرا لك" ..انطلقت الفرقة تعزف لحنا كلاسيكيا هادئا رقصت عليه
ميلدا و زوجها..فنظر يمان إلى هزان و سأل و هو يمد يده إليها" هل تسمحين لي
بهذه الرقصة؟" ابتسمت هزان و وضعت يدها في يده فجذبها بين ذراعيه و راحا
يتمايلان معا..كانت نظرات يمان تجول على وجهها فهربت هزان بعينيها
منه..همس" هزان..هل لي بسؤال؟" قالت" أكيد..تفضل" سأل" هل أنت
مرتبطة؟" صمتت هزان قليلا..تذكرت أن هذا الذي ترقص معه هو أخ ياغيز..و يجب
أن تضع له حدا من الآن لكي لا تتسبب دون قصد منها في خلاف بين الأخوين..كما
أن لديها مشاعر قوية تكنها لياغيز رغم كل ما فعله بها..نظرت إليه و قالت"
نعم..أنا مرتبطة" عبس يمان و قال" مع الأسف..كنت أتمنى أن تكوني حرة لكي
آخذ فرصة للتقرب منك..هزان..أنت فتاة مميزة" قالت" شكرا لك سيد يمان..أسعدني كلامك"
..واصلا رقصهما في صمت إلى أن انتهت المعزوفة..بعد لحظات..قطع الزوجان
الكعكة الضخمة و رفعا الأنخاب بمناسبة عيد زواجهما ..فنظرت هزان إلى ساعتها
و اقتربت من ميلدا..هنأتها و قالت" عيد زواج سعيد سيدة ميلدا..و الآن ..اسمحي
لي بالذهاب..لقد تأخر الوقت" عانقتها ميلدا و قالت" سأطلب من سائقي الخاص
أن يوصلكي" قال يمان" كلا..لن أسمح بذلك..انها ضيفتنا..سأوصلها أنا" ..حاولت هزان أن تعترض
لكن دون جدوى..أوصلها يمان إلى المنزل بسيارته الفاخرة و تمنى لها ليلة سعيدة
ثم انطلق مبتعدا..فتحت هزان بوابة البناية فرأت خيالا واقفا أمام باب
..منزلها..اشتعل الضوء فحملقت هزان في الرجل الواقف أمامها..إنه ياغيز..
أنت تقرأ
خطايا لا تُغتفر
Romanceكلنا بشر..و كلنا نخطئ..و نقترف أخطاء بحق أنفسنا ..أو بحق غيرنا..لكن الخطايا تختلف..فهناك أخطاء صغيرة و بسيطة..يسهل التغاظي عنها..و غفرانها..و هناك خطايا كبيرة..و مؤلمة..خطايا لا تغتفر..و لا تنسى بسهولة..و المسامحة و الغفران من شيم كبار النفوس و الكر...