41

2.5K 73 0
                                    

تلقت ميلدا مكالمة هاتفية فخرجت من الغرفة و بقيت هزان لوحدها..جلست على
الكرسي و هي تنظر إلى السرير الواسع ذي الغطاء الحريري و القوائم
الذهبية..لفتت انتباهها صورة وضعت على طاولة صغيرة بجانب السرير..صورة
لميلدا مع زوجها و ابنها يمان..حملت هزان الإطار في يدها فوقعت منه صورة
لطفل صغير شعره بني و عيناه بلوريتان..قلبت هزان الصورة لتجد مكتوبا عليها"
ياغيز حبيب أمه" ..جمدت هزان في مكانها و اهتزت الصورة في يدها..تذكرت الآن
أنها رأت وجه ميلدا و ابنها في الجريدة التي أراها لها ياغيز..فهمت أنها الآن في
منزل أم ياغيز و أخيه..أولئك الذي لا يتواصل معهم بأي شكل من الأشكال..أعادت
هزان الصورة إلى مكانها و عادت للجلوس..دخلت ميلدا و قالت" أعتذر عزيزتي
هزان ..كانت مكالمة مهمة جدا..هل تشربين شيئا قبل مواصلة العمل؟" هزت
هزان رأسها و أجابت" لا..شكرا سيدة ميلدا " صمتت هزان للحظة و هي تنظر
إلى ميلدا..سألتها ميلدا" مالأمر هزان؟ لماذا تنظرين إلي هكذا؟" وقفت هزان و قالت" هل أنا هنا مصادفة ؟
أم أنك خططت لذلك منذ أن رأيتني في المحل؟" ابتسمت ميلدا و قالت" كنت
أعلم أنك ذكية و لماحة..أنا ميلدا..والدة ياغيز..لقد عرفتك عندما رأيتك ..لأنني
شاهدت المؤتمر الصحفي الذي عقده ابني..تشرفت بمعرفتك هزان..أردتك أن
تحكي لي عن ياغيز..أريد أن أعرف كل شيء عنه" رمقتها هزان بنظرة حادة و
قالت" لو كنت تريدين أن تعرفي ابنك لما تخليت عنه من قبل منذ أن كان ولدا
صغيرا" عبست ملامح ميلدا و لمعت دمعة في عينيها و قالت بصوت مبحوح" أنت لا
تعلمين ما حدث..لا تحكمي علي قبل أن تسمعيني..لا تفعلي مثلما فعل هو..لقد
ظلمني و حرمني منه و لم يعطني فرصة للتبرير" صمتت هزان و منحت فرصة
للمرأة لكي تحكي لها ما حدث منذ أكثر من عشرين سنة..قالت ميلدا" كنت قد
تزوجت من حازم إيجمان و أنا فتاة في عمر السابعة عشرة..عارضت أهلي لأجله
و هربت معه..لأنني أحببته كثيرا..عائلتي أناس مجرمين و قساة..لم يهدأ لهم بال إلا
عندما قتلوا حازم..و أرادوا أن يقتلوني و يقتلوا ياغيز..أخفيته عند صديق
زوجي..مدحت أتانلي..و أصبت أنا بطلق ناري كاد يودي بحياتي..قام مدحت
بتسهيل أمور سفري بعد أن تعافيت..و تركت ياغيز عند مدحت لكي أحميه من
أخي الذي لم يتعب من ملاحقتي..لم أرتاح إلا عندما مات منذ شهرين..كنت دائما
أسأل عن ياغيز و أتابع أخباره من بعيد..رضيت بكرهه لي و احتقاره لكي
أحميه..كنت مطمئنة عليه عند مدحت الذي كان رجلا صادقا و شريفا و حنونا..و
أمنت لياغيز مبلغا ماليا مكنه من مواصلة دراسته..و أوصيت مدحت بألا يخبره أن المال مني..لأنه إذا عرف ذلك فسيبحث عني و يقع في الخطر.."..

خطايا لا تُغتفرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن