الفصل (٢٧)٢

40K 1.1K 82
                                    

الفصل السابع والعشرون (2)
******************
الظلام، تلك البرودة التي تحتل قدميها، صرير السيارة، وفتاه تجلس جوارها تهتف بها راجية بأنها لم تقصد
، تتوسلها أن تفتح عينيها
" ارجوكِ افتحي عينك... مكنش قصدي والله.. مكنش قصدي"
وعندما فتحت عينيها كانت تلك الشابه الجميلة شاحبة الوجه تناسب دموعها على خديها
والماضي عاد لينسحب فلم يعد مكانه الآن... التصفيق يتعالا بعدما انتهت مديرة الجمعية من إلقاء خطابها
- سليم بيه ممكن تقول كلمتك يا فندم
عيناها كانت جامدتين خاوية من الحياة.. والصوت يتردد داخل أذنيها
" اوعي تفتكري إنى رحمتك عشان صعبتي عليا...أنا رحمتك عشان قرفان... سليم النجار ملهوش في الخدامين "
التصفيق يتعالا مجددًا بصخب والأصوات جوارها يتهامس أصحابها بخفوت بالإنبهار والمدح
" بيقولوا إنه متجوز... يا بختها مراته.. الفلوس والعز فعلا بيخلوا الناس ولا نجوم السينما"
- كل ست فيكم فخر لأي ست بتتحدي ظروفها... إنتم أثبتوا لينا ولغيرنا إن لولا الظروف كنتوا هتوصلوا لكن كنتوا محتاجين الفرصه.. مافيش ست ناقصه عن غيرها "
التصفيق يتعالا بقوة وإنبهار الجالسين يزداد
" بقى حتت خدامه تتضحك عليا.."
وهكذا كان النقيض!
حاولت النهوض عن مقعدها ولكن قدميها لم تسعفها.. رغم بشاعة ما عاشته مع حسن إلا أن تلك الليلة ظلت مرسخة داخلها فقد سقط الإقناع واكتشفت الحقيقة
" ف رب عملها لم يكن بطلًا "
- شكرا سيد سليم على كلمتك.. وشكرا على دعم مؤسسة النجار لينا
توالي ضيوف الشرف كلمتهم... وهي تشاهد وتسمع تريد الإنسحاب ولكن جسدها يأبى الحركة.. حان وقت التكريم و وقت الهروب فقد فاق عقلها أخيرًا من غفوته
نهضت عن مقعدها وتخطت أقدام الجالسات يمينها.. لكن توقفت مكانها وإحداهن تقبض على ذراعها
- أنتي رايحه فين يا فتون.. ده أحنا هنتكرم.. اقعدي جانبي اقعدي
اجلستها عنوة تحتضن ذراعها تخبرها عن مشروع مشغلها الذي تكفلت به الجمعية وكم هي سعيدة
واسم وراء اسم كانت تهتف به السيدة سحر...
اخذت دقات قلبها تتسارع تنظر نحو المنصة ثم تدور بعينيها نحو باب الخروج
تعالت الأصوات مجددًا ومن حظها قد أنسحب سليم.. اغمضت عينيها وقد عادت دقات قلبها لمعدلها الطبيعي
- فتون عبدالحميد
نهضت عن مقعدها تُسرع في خطواتها تخبر حالها إنها ستلتقط شهادة تكريمها وتلك الهدية الرمزية وسترحل على الفور
اتسعت ابتسامة السيدة سحر تنظر لنقطة ما خلفها وقد توقفت يدها عن إعطائها شهادة تكريمها
- لا أنتي بالذات لازم سليم بيه النجار هو اللي يديكي هديته
ارتجف جسدها وشحب وجهها وتلاحقت أنفاسها مع إتساع بؤبؤي عينيها والسيدة سحر تردف
- سليم بيه محامي معروف ومن أشهر محامين مصر ...
ابتسم وهو يستمع إطراء السيدة سحر ورغم إنه لم يعد يترافع عن قضايا واتجه لعالم المال إلا إنه يظل فخورًا بمهنته المحبه
- اتفضل يا سليم بيه.. كرمها بنفسك فتون تستحق التكريم
تجمدت عينيه وهو يسمع الاسم..ويتمتمه دون وعي
- فتون
فلم يعد هناك مفر للهرب وقد صدقت جنات " الماضي ما انتهاش من حياتك ولا خرجتي من عالم سليم النجار طول ما خديجه النجار بتدعمك يا فتون"
التفت نحوه ببطء بعدما عاد ذلك الصوت يصدح داخلها
" لم تعدي خادمته.. لم تعدي فتون القديمه"
............
ركض خلفها بعدما فاق أخيراً من صدمته... لقد كانت قريبة منه لتلك الدرجة.. طالعته السيدة سحر متعجبه ما حدث تتسأل داخلها هل يعرف فتون من قبل؟
عادت السيدة سحر لضيوفها بعدما رمقت أخر طيف له داخل القاعة
دار بعينيه على الطريق يزفر أنفاسه بعدما اهلكه البحث عنها
وضعت بيدها على فمها تكتم صوت أنفاسها خلف السيارة التي يقف جوارها وتختبئ خلفها
اسرع سائقه إليه يسأله بعدما رأي سيده يقف في الطريق دون هدف
- في حاجه بتدور عليها يا بيه
التف سليم خلفه لعلا عينيه تلتقطها
- في بنت خرجت قبلي مشوفتهاش
حرك السائق رأسه نافيا فهو للأسف لم يكن منتبهاً نحو باب الدخول
- لا يا فندم
زفر أنفاسه يقبض على كفيه بقوة ومازالت عينيه تدور بالمكان
غادر أخيرًا بسيارته.. فخرجت من مخبأها تسرع بخطواتها
- مالك يا فتون... مال وشك مخطوف كده
تهاوت بجسدها فوق الاريكة فاقتربت منها جنات تنتظر أن تلتقط أنفاسها وتخبرها
- شوفت سليم النجار
- ما ده المتوقع يا فتون... انتي مخرجتيش من عالم سليم النجار.. انتي لسا في دايرة العيله ديه لسا متحكمين فيكي
وأطرقت جنات رأسها بعدما رأت تلك الكسرة في عينيها
- متزعليش مني يا فتون... ما أنا كمان زيك بقيت بشتغل عنده
- مش زعلانه منك يا جنات .. ديه الحقيقه
ودمعت عينيها وهي تتذكر أن اليوم كانت تلتقط منه شهادة التكريم ومفتاح المطعم الذي سيكون بداية مشروعها
- أحلامي بتتحقق بفلوسهم... لسا باخد منهم حسنتهم... فتون الخدامة
أسرعت جنات في ضم كفوفها تنهرها
- أنتي مش لسا فتون القديمه... انتي واحده تانيه ناجحه قويه..اتحملتي حاجات محدش يتحملها
واردفت بحقد نحو اشباه سليم النجار
- لو النهاردة البدايه الحقيقيه لدخول سليم النجار حياتك.. يبقى جيه الوقت اللي تاخدي فيه حقك
............
قبض على هاتفه بقوه بعدما لم يتلقى إجابة من خديجة... عمته تلاعبت به والرجل الذي جعله يبحث عنها كان ولاءه لها.. يعطيه المعلومات التي تُريدها خديجة لا أكثر
- عرفتي تضلليني يا خديجة... واتفقتي مع الراجل بتاعي يوصلي معلومات غلط
واغمض عينيه يعود بذاكرته لذلك اليوم
" اعمل اللي قولتلك عليه يا محسن.. دور عليها وعلى أهلها"
أندفعت خديجة لداخل الغرفه تنظر نحو الرجل الواقف بترقب
أشار إليه سليم بالإنصراف... لتتعلق عينين خديجة به بعدما قطبت ما بين حاجبيها بتسأل
" مشيت الراجل بتاعك أول ما دخلت عليك ليه.. في حاجه بتعملها من ورايا"
التقط من جواره كأس الماء يرتشف منه القليل
" هطلع أمتي من المستشفى... زهقت"
" انت لسا تعبان يا سليم... مش كفايه عِنادك وبقيت تضغط على رجلك بالعافيه عشان تتحرك"
وكالعادة كانت تشعر أن حديثها ليس له معنى ومدام قرر أن يخرج من المشفى سيخرج مهما فعلت وحاولت
" حامد مانع شهيرة تخليني اشوف بنتي مش كده..؟"
والجواب كان واضح على ملامح خديجة... التي أخذت تلعن حامد وتهتف بمقت
" سيبت كل الناس وملقتش غير شهيرة تتجوزها في السر وتخلف منها.. اه خليت حامد يتحكم فينا..."
واردفت دون رغبه في حدوث تلك الزيجة ولكن وجود طفله بين العائلتين يحتم ذلك الأمر
" مقدمكش غير تتفق انت وشهيرة وتتجوزوا لكن المرادي في العلن عشان بنتكم... "
زواج!!! إنه كان يريدها هي وحدها ليعوضها عن ما اقترفه بحقها ويظل بطلها المغوار كما كانت تراه ويربي معها إبنته ... ولكن الواقع كان غير ذلك
وها هو يعود للحاضر وشهيرة تدلف إلى مكتبه بغلالتها الحريرية القصيرة تقترب منه بخطوات هادئة
- مستنياك في أوضتنا بقالي كتير من ساعه ما وصلت
طالعها بعينيه والتقط ذلك الملف الذي اراده أن يكون حجة
- عندي شغل يا شهيرة... ف اطلعي نامي انتي
تمايلت نحوه بعدما اخذت تمسد كتفيه
- بكره بليل مسافره الغردقه عشان أمضي عقود الصفقة الجديدة..
وهمست إليه ببضعة كلمات راغبه.. لم يعد ذلك الرجل الذي يريد متعته لا أكثر حتى علاقته بشهيرة هي تفهم تماما أن زواجه منها مجددا لم يكن إلا من أجل أبنتهما
ابتعدت عنه بعدما لم تجد أي إستجابة منه تعزز أنوثتها
- سليم أنت بقالك كتير مقربتليش.. مبقتش أعجبك يا سليم مش كده... بقيت محتاج واحده غيري أصغر واحلى
امتقع وجه من تلك العبارة الدرامية التي أصبحت معتادة عليها مؤخرًا
- بلاش الدراما اللي بتسمعيها من دينا مرات حامد أخوكي يا شهيره...سليم النجار بتاع زمان انتهى ومبقاش في حياته غير بنته وشغله
- وأنا يا سليم امتى هكون حاجه في حياتك... كل الحب اللي حبتهولك برضوه لسا شايفني مجرد ست كانت من ضمن الستات اللي اتجوزتهم مش اكتر ولا أقل
- أنتي ام بنتي يا شهيره صورتك زي ما هي ست بقدرها وبحترمها لكن الحب مقدرش اكدب فيه
اغمضت عينيها تخفي ذلك الشعور الذي يطعن أنوثتها ولكن سرعان ما تلاشته فما الجديد في علاقتهما منذ أن تزوجها ثانية من أجل أبنتهما
- عجبك لون شعري الجديد... حاولت اكون في صوره مختلفه
ومالت نحوه ثانية
- الدكتور قالي فاضلي فرصه أخيره قبل ما اوصل لمنتصف الأربعين والموضوع يكون صعب.. عايزة طفل منك تاني يا سليم
..............
استيقظ على قبلات صغيرته التي استيقظت بسعاده ونشاط اليوم في أحضان والدها
- بابي.. أصح بقى كفايه نوم
تمطأ برفق على فراش صغيرته يفتح عينيه بصعوبه ينظر نحو ساعة معصمه فلم يغفو إلا ساعتين تقريبا بعدما قضى ليلته بالخارج بعد إنتهاء حديثه مع شهيرة في أمر إنجاب طفلا أخر... يعلم إنه كان قاسي معها حينا رفض ولكن شهيرة لا تصلح أن تكون أم...كان يتمنى ان يجد فيها صوره أخرى غير صورة والدته ولكن للأسف شهيرة كل يوم تثبت إليه إنها نفس الصوره
- ديدا شربت اللبن النهاردة وهتكبر.. صح يا بابي
الصغيره تخلق حديثً معها... هو عالمها وهي عالمه.. لثم وجنتيها بقبلات عميقه فعبست بملامحها وتذمرت وابتعدت عنه تمسح وجنتيها
- بتمسحي بوستي يا ديدا هانم..
وعاد يقبلها ويدغدغها فتعالت ضحكاتها.. وقفت شهيره تطالعهم وتتذكر حديثه معها
" أنتي مش عارفه تكوني ام لطفله واحده يا شهيره.. هتعرفي تكوني أم لطفلين.. بنتك طول اليوم مع الخدم.. قوليلي تعرفي بقت تحب أيه وتكره ايه... فكريني اخر مره اشتريتي ليها فستان جديد أو اخدتيها في حضنك و نامت"
تلاقت عيناهم فانسحبت على الفور من أمامه... تمنى أن تأتي إليه تخبره إنها ستحاول أن تكون أم.. ستعطي حياتهم وقتً كما تعطي لأعمالها ومنافستها القويه لشقيقها ولكن ثيابها العملية أخبرته بوجهتها... العمل في المقام الأول
.................
تعلقت عينيها به بصدمه
- أنت قصدك أيه بكلامك ده يا جسار... إن أنا السبب في ضياع الصفقتين من ايدينا
اشاح عينيه بعيداً عنها يلتقط سيجارة ويدسها بين شفتيه حانقًا من نظرتها للأمر كأتهام
- ملك أنا مش بتهمك وانتي عارفه كده كويس... أنا بفكر معاكي... محدش بيطلع على أوراق الصفقه غيري وغيرك  والمستشار القانوني استاذ عبدالرحيم وإحنا عارفينه كويس من أيام والدي الله يرحمه... اكيد في حد بيسرب المعلومات من عندك
تجهم وجهها تنظر نحوه وقد احتلت الصدمه كيانها
- بتلف وتدور وتتهمني يا جسار مهما حاولت تغير في الكلام... مافيش تفسير غير إن الخيانه من عندي أنا
القى عقب سيجارته أرضًا يضغط عليه بحذاءه ويلتقط أخرى يشعلها بقداحته التي أخذت تعانده
- يييه يا ملك أنتي بقيتي حقيقي صعبه كل حاجه بتفسريها غلط... مش معقول كده.. أنا غلطان أني بتكلم معاكي واناقشك
انسابت دموعها تنظر نحوه وهو يغادر مكتبه.. فما الذي تغير بينهم... لقد وعدها سيكون أوفى رجل بحياتها.. سيكون عائلتها وعكازها كما كانت هي يومًا
ازدادت دموعها إنهمارًا على خديها وهي تتذكر كيف مضت السنوات التي جمعتهم، اكثر من ثلاث أعوام كل منهم واجه خوفه كل منهم رفض الأخر ثم تقبله... هو عاد له بصره وهي عادت لها حياتها
- أرجوك يا جسار متتغيرش زيهم
............
طالع الملف الذي أمامه.. كل شئ أراد أن يعرفه عنها أصبح بين يديه.. تلك الفتاة التي انتشلتها من على الطريق منذ تلك الليلة عندما صدمتها بسيارتها.. مقر سكن والديها الأن ومكان إقامتها مع تلك الفتاه التي أصبحت تعمل الأن في شركته.. المطعم المستأجر من أملاكه... إلتحاقها بكلية الحقوق...
وزفر أنفاسه متنهدًا وصورتها تعود لتقتحم عقله.. اشتاق إليها اشتاق لصغيرته المبهورة به كبطل جميل.. اشتاق لنظرة عينيها اشتاق لأشياء لم يكن يظن إنه سيشتاق لها..
ظن إنها نزوة ومجرد شهوة تقوده ولكن رغم مرور الوقت إلا إنه مازال يشعر بنفس ذلك الإحساس الذي كان يشعره معها..شعور لا يعرف له وصف.
صدح رنين هاتفه فانتشله من حالته تلك... نظر نحو رقم المتصل ساخرًا.. فأخيرًا تذكرته خديجة بعد يومين
- اسفه يا سليم.. المشروع الجديد واخد كل وقتي...
وابتلعت باقية حديثها تستمع لسؤاله
- أنتي اللي منعتي أي معلومه توصلي عنها.. مش كده يا خديجة
صمتت دون أن تعطيه إجابة واغمضت عينيها تستمع إلى صراخه وإتهامه .. تشير لمديرة مكتبها بالإنصراف وتلعن حظها إنها من جعلته يذهب للجمعيه لتكريم السيدات اللاتي ساعدتهم الجمعية ونجحوا في تخطوا ازماتهم
- كنتي عارفه مكانها.. مش كده يا خديجة.. كنتي بتمنعي أي معلومه اعرف اوصلها بيها.. خليتي أهلها يسيبوا بلادهم وكل ده ليه ردي عليا
خرج صوتها أخيرا بعدما إستعادة رابطة جأشها تزفر أنفاسها متمهله
- عشانها يا سليم.. عملت كده عشانها.. شوف دلوقتي فتون بقت إيه
وهل بقيت فتون كما هي.. واردفت حديثها
- عندك فتون جديدة مش الخدامة اللي حاولت تغتصبها عشان صدقت شوية كلام من جوزها اللي كنت عارف ومتأكد إنه زباله
وهل أخطأت في شئ خديجة.. الحقيقه تظهر مع الزمن وهذا ما علمه.. حسن اضله وهو اضاعها
- شكلي هبدء احاول أصدق إنك فعلا حبيتها يا سليم.. لكن اوعي تنسى في شهيرة وفي بنتك!!
..................
ابتسم بمهنية يطالع المريض الراقد على فراش المشفى
- لا النهاردة أنت تمام خالص.. واقدر ابلغك إنك خلاص تقدر ترجع مصر
تهللت اسارير الرجل كما كان حال زوجته التي ترافقه
- بجد يا دكتور
انبسطت ملامح رسلان أكثر.. فهو مع تلك العائلة عادت له مشاعر كادت أن تضحمل
- بجد يا مدام... اهم حاجه بلاش تزعليه
قبضت المرأة على كف زوجه بقوة
- عمري ما اقدر ازعله ده شريك عمري وابو ولادي
قلبه خفق وهو يري كيف أضاءت عينين الرجل بحديث زوجته.. تعالا رنين هاتف الزوجة فانسحبت معتذره تخبره أن أحد ابناءهم يتصل
رمق الرجل زوجته وعاد يسترخي بجسده على الفراش مبتسما
- لو تعرف يا دكتور حكايتنا هتستعجب
أراد الرجل الحديث خاصة وهو يري شخصًا من موطنه و طبيبه الخلوق الماهر كما أخبرته زوجته
- أنا ونهال ولاد خاله... حبتها من وإحنا أطفال صغيرين... لكن للأسف أخويا حبها وكان لازم اضحي... اخويا الصغير اللي مربيه كبر وحب وعايز يتجوز... كان اسعد يوم في حياتي وهو بيقولي عايز اتجوز ولقيت شريكة حياتي
واغمض عينيه والزمن يعود به لذلك اليوم
- فرحتي ضاعت وبقي أتعس يوم في حياتي لما قالي مين هي اللي عايزني اخطبهاله ... سافرت بعيد وحاولت اكمل حياتي لكن مقدرتش.. اتجوزت وطلقت...بقيت اشتغل زي الآله
تعلقت عينين رسلان به بعدما قبض فوق التقرير الطبي الذي مازال يمسكه بين يديه يتذكر حكايته... صمت الرجل ولكن قلب رسلان لم يصمت.. القلب يريد أن يعرف كيف اصبحوا الآن معا
- عايز تعرف ازاي بقينا لبعض... القدر يا دكتور... محدش بيحارب المكتوب... نصيبنا نفترق في البداية... هي تتجوز وأنا اتجوز... هي كانت نعمة الزوجه لأخويا رغم إنها محبتهوش واتقبلت طريقها معاه.. وأنا كملت حياتي ووصلت لطموحي
- وبعدين
ابتسم الرجل وهو يرى تفاعل رسلان معه.. وكيف نسي نفسه في غرفة مريضه
- أخويا مات... حصلتله حادثه.. اوعي تفتكر أني سعيت عشان أتجوزها بالعكس أنا مقدرتش أفكر فيها تاني ك ست عايز امتلكها بعد ما اتجوزت أخويا.. لكن كل حاجه كانت مترتبه.. تدبير ربك.. نهال صغيره واترملت ولسا شابه وكانت حامل ف ابن اخويا... اخواتها بعد ما ولدت وعدت سنه حاولوا يجوزوها وراجل كل يوم بيتقدم.. لحد ما واحد من أخواتها قالي بطريقه تهكمية ما تتجوزها انت وتربى ابن أخوك واه من لحمك و دمك بدل ما أنت معترض أوي على جواز حد من رجالة العيله منها ولا ستات بره بقوا عجبينك..
ولمعت عينيه وهو يتذكر تلك اللحظه التي أصبحت فيها زوجته
- بقالنا عشرين سنه متجوزين... وبقي عندنا 4 ولادك.. تلت ولاد وبنت
- ربيت ابن اخوك
اعتدل الرجل في رقدته مبتسم بفخر
- حضرت الظابط عمر ده ابني البكري... وسند اخواته  وأمه من بعد ربنا وبعدي
وانقطع الحديث مع دلوف إحدى الممرضات تخبره بضروره وجوده في مكتبه
عاد لمتابعة مرضاه وها هو اليوم ينقضي وحديث الرجل عالق في أذنيه وسؤال واحد كان يسأله لنفسه اليوم
" أنت بتعاند مين يا رسلان..؟"
قطع أفكاره رنين هاتفه ينظر لرقم المتصل متعجبًا فوالده لا يتصل به إلا إذا كان هناك أمرًا متعجلًا
- لازم تنزل مصر بسرعه... ابنك تعبان يا حضرت الجراح العظيم... ابنك محتاج عمليه قلب مفتوح
.............
منذ أسبوع يأتي لهنا... يأتي ليُطالعها في مطعمها الصغير من خلف زجاج سيارته... يُطالع إحباطها ويأسها من قلة الزبائن ومحاولتها هي وصديقتها في أن تجعل وجهت المطعم جذب للزبائن
أراد الخروج من سيارته ولكن كلما تحركت يده نحو الباب تراجع وتمالك مشاعره.. فتون لن تتقبله في عالمها بتلك السهوله عليه أن يخطط ويفكر كيف يعيدها لحياته ثانية
تعالا رنين هاتفه فهتف بالمتصل متسائلا
- عملت اللي قولتلك عليه
- ايوه يا فندم... كل مدراء فروعنا وحفلاتنا هيتم التعاقد مع المطعم... غير معارفنا يا فندم
والنتيجة التي أخبره بها رجله كان يراها بعينيه من بعيد... صديقتها تحتضنها بسعاده وهي تهلل بيديها
اتسعت ابتسامته وخفق قلبه يتمتم لحاله دون وعي
- المرادي هتدخلي عالم سليم النجار مراته مش خدامه يا فتون

يتبع بإذن الله ( قراءة ممتعة)
***********"

اقتباس من الفصل 28
****************

فتحت عينيها بعدما شعرت أن هناك من يقف قرب فراشها... لم تكن تُصدق إنها ستراه ثانية.. ها هو رسلان جاء إليها.. سقطت دموعها ترفع كفها نحوه ولكنه ظل جامد في وقفته يُطالعها بملامح باردة
تمتمت اسمه بصعوبه بعدما تمكنت تلك الجلطة منها
- رسلان... مها
ارتسمت السخريه على شفتيه... يعلم من نظراتها  له ماذا تريد أن تعلم... واعطاها الجواب الذي اراحها
- متخافيش مفضحتهاش في النهايه هي أم ولادي يا ناهد هانم
اغمضت ناهد عينيها وانسابت دموعها
- مبسوطه دلوقتي
وعندما لم يجد منها إجابه التف بجسده يفضل الرحيل...فهو لا يريد تذكر ذلك اليوم و مها تخبره على فراش المشفى تلفظ أنفاسها الأخيرة إنها لم تكن عذراء واجهضت جنين كان في رحمها نتج عن تلك الليلة  وإنه لم يقربها ضعفًا منه ولكنها هي من وضعت له المخدر حتى يقترب منها وتحدث علاقه بينهم.. زيجة كانت باطله وضعته داخلها بل وجعلت أولاده ينتجون عنها
- ملك
تجمد في حركته عندما أستمع لصوت ناهد الخافت...ف اكمل خطواته نحو الخارج
- ولاد مها.. ملك بس اللي هتحبهم.. متخليش حد غيرها يربيهم..
ملك مش هتعمل فيهم زي ما عملت فيها.. ملك هتحبهم
قبض على مقبض الباب فلم يعد لديه قدرة لتحمل المزيد
- اتجوز ملك

#سيمو
#لمن_القرار ❤️

لمن القرارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن