الفصل الثامن والعشرون ( 2)
********************
رفع عينيه نحو ذلك المبنى بعدما تأكد من العنوان..
إنه هنا في فينيسيا من أجلها... صعد الدرجات القليلة الفاصلة بين المبنى والشارع ومن ثم صعد الدرج حتى الطابق الرابع ينظر للشقتين المقابلتين لبعضهم...
إلتقط أنفاسه التي أخذت تتسارع وكأنها تشتاق، ثواني مرت وهو يقف هكذا شئ يخبره أنه فعل الصواب وشئ يدفعه أن يتراجع
كاد أن يرفع يده حتى يدق جرس الباب... فانفتح الباب ببطء وتعلقت عيناه بها ينظر إلى تفاصيلها التي أشتاق إليها يهتف اسمها كما هتفت هي اسمه
- جيهان
..........
- مراتك فين يا حامد... مبقتش أشوفها ليه هي وابنها
تجمدت عينيه نحوها ثم عاد لأرتشاف قهوته
- طلقتها!
شهقت شهيرة بخفوت تنظر إليه ببعض الدهشة ولكن سرعان ما زالت دهشتها وارتسمت السعادة فوق محياها فها هي تخلصت من دينا فقد كانت تخشي أن يُنجب شقيقها منها ويضيع كل شئ من يدها
اتخذت الأمر مزحة لم تعجب حامد الذي رمقها ساخرًا
- مكانتش لايقة عليك الصراحه يا حامد
- ولا ابن النجار كان لايق عليكي... أكيد أنتي عارفه السبب
تجهم وجهها وقد فهمت مقصده وقد جرح أنوثتها
- سليم عمره ما فرق معاه فرق السن بينا يا حامد...صحيح هو محبنيش بس عمره ما جرحني... عشان كده سيبتله بنتي هو يربيها هيبقى احن عليها مني ومنك يا حامد
ارتفعت شفتيه مستنكرًا تلك الخطبة العظيمة التي تمدح فيها شقيقته ابن النجار وحفيد رأفت
- عارفه أنا طلقت دينا ليه
واردف منتشيًا يرفع حاجبيه متهكمًا ينتظر رؤية ملامحها
- كانت بتحب جوزك وعايزاه
انصدمت ملامح شهيرة تحدق به لعله يكذب عليها
- و سليم
وخرجت باقية الكلمات متعلثمة فابتلعت لعابها
- كان بيحبها؟
تسألت وخشيت أن تسمع الإجابة ولكنه أعطاها ما أرادت ينظر إليها متشفّيًا ويُلقى عليها إحدى الصور
إنحنت تلتقط الصوره تنظر نحو ملامح تلك الصغيرة وقد إرتجف قلبها
- اسمها إيه
والإجابة اخذتها منه بعد ضحكة صدحت بالإرجاء
- فتون
.............
لم يتحمل رؤية المزيد من دموعها.. دموع أجادتها حقًا.. فجعلته يُصدق كل كلمة اخبرته بها عنها ... انسحب عقله وانسحبت كل ذكرى جميله كانت فيها خير من وقف جانبه ولم يفكر إلا إنها حاربت حبه وكادت أن تدمر سعادته
اقترب منها يضمها إليه أسفًا
- مكنتش فاكر إن ملك ممكن تطعني في ضهري وتعمل كده
دفنت رأسها بحضنه تتشبث به وصوت شهقاتها يعلو
- أنا أسفه يا جسار... بس هي لما قالتلي كده أنا قولت لازم أبعد
وابتعدت عنه تنظر في عينيه ودموعها مازالت تغرق خديها
- كان صعب عليا يا جسار أعرف إنك مش بتحبني وإنك متعلق بيا بسبب إن فيا شبه من مراتك الله يرحمها
ازدادت شهقاتها واشاحت عينيها بعيدًا تضع بكفها فوق فمها
- قالتلي إن ولا حاجة في حياتك وإن بسهوله هتقدر تستغني عني وترميني
كانت بارعه في رسم دورها وكان هو أمامها كالمغيب.. إحداهن ماتت وكانت إمرأة لا تعوض وأخرى كانت أكثر النساء عطفًا و وفاء وإخلاص... حتى زوجة أبيه السيدة فاطمة كانت إمرأة عظيمة ربته وكأنها أمه أعطته حنانها وحبها دون بخل... نساء مروا بحياته أثبتوا له كل المعاني الجميلة قدموا له كل شئ.. وهنا كان وقت السقوط
رفع كفيه نحو خديها يجفف دموعها بأنامله بعدما اجتذبها نحو وتلاقت عيناهم
- جيهان أنا مبقتش قادر ابعد عنك.... خلينا نتجوز يا جيهان
تسارعت دقات قلبها طربًا... لقد ربحت وحصدت ما سعت لأجله بعدما أنهى رسلان اللعبه وصرفها بعيدا.. ابتلعت لعابها تنظر إليه غير مصدقه
- نتجوز؟
- أيوة نتجوز يا جيهان... عايزك تكوني مراتي... أنا مبقتش عايز غيرك
............
اندمجت مع لحن الغنوة التي تصدح نغماتها من هاتفها.. تتراقص ساقيها وتُحرك رأسها في متعة وهي ترى كيف أجادة صنع كعكة العيد ميلاد الضخمة
انفتح باب المطعم فرفعت عينيها وقد توقفت حركتها.. تنظر نحو القادم فرسمت ابتسامة لطيفة على محياها ومسحت يديها واقتربت منه بعدما القت نظرة نحو الطاولات القليلة المرتصَّة بعناية بمفارشها النظيفة
- اتفضل يا فندم
طالع الرجل المكان بنظرة فاحصة وترتها.. فرغم تلك التعاقدات مع بعض الشركات التي أتت إلى المطعم ولكن المطعم زبائنه قلائل بل لا يعدوا... إنها تعتمد على ربح إعداد الأطعمة وتجهيزها
- الباشا محتاج يحجز المطعم النهارده... المطعم لفت نظرة وهو معدي على الطريق فعايز يجرب اكله
تهللت اساريرها وقد دلف للتو ذلك الشاب الذي لم يتجاوز عمره التاسعة عشر واقترب منهما وقد سمع العرض فتهللت اساريره هو الأخر
- الباشا.. باشا مين حضرتك
تسألت فتون بقلق... فمطعمها بسيط لن يروق لتلك الطبقة خاصة بموقعه في تلك المنطقة البسيطه النائية بعض الشئ
- ايوة يا أستاذة... عنده إجتماع مع وفد ياباني.. ها هحجز ولا أشوف مكان تاني
اسرع أحمس في جذب ورقة وقلم من فوق سطح الرخامة
- لا لا يا يا باشا أتفضل قول طلباتك وكل اللي عايزه... مش كده يا فتون
تلاشي توترها ونظرت نحو أحمس
طالعهم الرجل بنظرة شامله قبل أن يهتف بطلبات سيده
- بكره الساعه 6 مساء
غادر الرجل بعدما تمم على كل شئ يجب أن يكون معد وألا يخجلوه أمام سيده وضيوفه
- مالك يا فتون قلقانه كده ليه.. المفروض تكوني مبسوطه.. المطعم ما شاء الله بيكبر بسرعه
فركت فتون كفيها وقد علقت عينيها بجسد الرجل الضخم
- مش عارفه يا أحمس... بس مش شايف إن كل اللي بيحصل ده يخوف
ضحك على خوفها ورمقها قبل ينظر نحو ما دونه بالورقة ويجب أن يبدئوا تحضيرها من الآن
- ده رزق حد يقول للرزق لاء يا فتون
انبسطت ملامحها بعدما زال خوفها.. فمنذ لقاءها بمسعد منذ ايام رفيق حسن وقد عاد الخوف يدب داخل قلبها خاصة وأن مسعد أصبح رجل ثري
- عندك حق يا أحمس... يلا خلينا نشوف الطلبيه اللي في ايدينا ونروح السوق
ولطمت جبينها تتذكر أن لديها محاضرتين غدا بالجامعه
- عندي محاضرتين بكره ولازم أروحهم... اعمل ايه طيب
ضحك أحمس على فعلتها
- أنتي أحضري محاضره وانا احضر محاضره وبكده نكون ظبطنا الدنيا
قوست ما بين حاجبيها شاردة في كل ما يدور حولها إلى أن صرخ بها أحمس
- لا مش وقت تفكير دلوقتي يا فتون.... يلا بسرعه نخلص اللي في ايدينا على ما جنات تيجي من شغلها تساعدنا
..........
التقطت جيهان هاتفه الذي أخذ رنينه يتعالا...فارتسم الزهو فوق ملامحها وهي تطالع رقم ملك.. اردات أن تُجيب عليها وتقهرها ولكنها فضلت أن تكون لحظة إنتصارها مرئية أمام عينيها
" نفسي أشوفك مقهورة زي ما خلتيني أتقهر وأنا بقدم حبي لراجل عمره ما شافني وفي النهاية استخدمني عشان اكون حبيبت راجل تاني وكل ده عشانك... عشان مش قادر يشوفك مع راجل غيره"
والتمعت عينيها بالحقد وهي تتذكر كيف أحبت رسلان منذ أن التقت به في لندن
شعرت بيدين جسار تسير فوق كتفها العاري يهمس قرب اذنها
- حببتي سرحانه في إيه
وحدق بهاتفه الذي مازال قابع في يدها.. فانتبهت على أمرها
- ملك كانت بترن عليك
شعر بالتوتر قليلًا من سماع اسمها ولكن سرعان ما تجمدت عيناه
- جسار أنا مش هقدر استحمل قربها منك... ومهما كان هي كانت طليقتك
واردفت بوداعة تجيد رسمها عندما ظلت ملامحه جامده نحوها
- حتى لو كان جوازكم صوري زي ما حكتلي... أنت إديتها كتير ووقفت جانبها غير الأسهم اللي ليها في شركتك
ابتلعت لعابها وهي تراه يرمقها بتلك النظرات التي ترهبها.. فهي مازالت تعلم أن ملك لديها مكانه لدي جسار لم ولن تهتز مهما حدث ولكنها ستفعل كل شئ حتى تبعدها
- حبيبي أنت عملت كل حاجة ورديت ليها الجميل... مش هتوقف حياتك معاها...وبصراحه أنا بغير عليك أوي منها يا جسار
لمحت ابتسامة خاطفة على شفتيه سرعان ما أجاد إخفاءها عنها ولكنها علمت إنها نجحت في إستمالته نحوها
اقتربت منه تحتضن وجهه بين كفيها ثم رفعت يدها تحركها على خصلات شعره الرطبه
- انت متعرفش أنا بحبك أد إيه
أشعلت قلبه وجسده بكلماتها وبغنجها البارعة فيه... لحظات وكان يسحبها معه في عالم يُريد العيش فيه... فتحت له كل الأبواب لينعم بطراوة جسدها..رنين هاتفه كان يعلو ثانية ولكنه كان في جنته غير عابئ بأحد غير التي بين ذراعيه.
القت ملك الهاتف فوق فراشها بعدما يأست من إجابته عليها... جلست على الفراش ولم تشعر بدموعها التي انسابت على خديها
لديها شعور قوي أن هناك شئ سيحدث... شئ سيعكر صفو حياتها الهادئه
مسحت دموعها تبث في نفسها العزيمة
- أنتي قوية يا ملك... سامعه أنتي قوية
نهضت من فوق الفراش تلتقط هاتفها وحقيبتها... وقد اتخذت قرارها أخيرا ستذهب لرؤية أولاد مها.. ستذهب لتجلبهم حتى يعيشوا معها وستقف أمام تلك العائله التي جارت عليها يومًا
...........
كل شئ تم إعداده بدقة... والمطعم أصبح مُهيأ لإستقبال الوافدين... نظرت نحو ساعتها بقلق... ف جنات قد تأخرت عليها وأيضا أحمس
تعلقت عينيها بالسيارات التي اصطفت خارج المطعم فارتجف قلبها تهتف بصوت قلق تخاطب حالها
- اتأخرت عليا ليه يا أحمس.. هعمل إيه دلوقتي
ثواني وكان الوافدين يدلفوا المكان ينظرون إليه بنظرات فاحصة مما زاد توترها فعلى ما يبدو أن مطعمها البسيط لم يروق لهم.. اسرعت نحوهم بأدب ترحب بهم
فابتسم البعض إليها محركين رأسهم بتحيه متمتمين بلهجة لم تفهمها هتفت داخلها وقد ازداد توترها بشدة
"هتعملي ايه يا فتون لوحدك... دول شكلهم ناس تقيلة وأجانب "
حاولت تجاوز خوفها تمسح يديها المتعرقة في ثوبها.. طالعها الرجل الذي أتى أمس لحجز المطعم يسألها
- كل حاجة اتعملت زي ما طلبت
اماءت برأسها تنظر نحو الطاولات والمقاعد.. واسرعت إليهم حتى تساعدهم مع ابتسامة لطيفة جلعت دقات قلبها المتسارعة تهدء
أدركت فداحة خطاءها بعدما نظرت نحو الطاولتين .. فأين زجاجات الماء... عادت بأدراجها نحو المطبخ بنظامه المفتوح حيث يكون كل شئ يتم إعداده أمام الزبائن كالنظام الأوربي
- شكرا ليكي
واخيرا نطق أحدهم بعدما أرتشف من زجاجة الماء... اتبعت الأمر بوضع السلطة والشربة وما يخص وجبة الأسماك الدسمة.
شهقت بفزع عندما ارتطم جسدها بشئ صلب...فهتفت أسفه وهي تخفض عينيها أرضًا
- أسفه
- خدي بالك
وهل نسيت صوته يومًا... رفعت عينيها نحوه وقد إرتجفت اهدابها تبتلع ريقها تُقاوم تلك الرجفة التي انتقلت لسائر جسدها
- سليم بيه .. الضيوف
نظر خلفه نحو مساعده وكان يومًا ما صديقه... حركة من عينيه جعلت الأخر يتقدم من الضيوف والمترجم بدء دوره في ترجمة كل شئ يريدونه
اندفع أحمس داخل المطعم ولكن سرعان ما تمالك إندافعه ورتب هيئته بعدما علقت به أعين الجالسين.
رحلة طويلة دامت بينهم عندما تلاقت عيناهم... الكلمات تريد أن تخرج من بين شفتيه.. يريد أن يخبرها كم إشتاق إليها وافتقدها وبحث عنها
- فتون معلش أتأخرت عليكي.. المواصلات صعبة
افاقها صوت أحمس من تلك الحالة التي أصبحت فيها... ويا للأسف مازال يحمل ذلك السحر الذي اسقطه فيها يوما ولكن هي ليست فتون الضعيفه الخادمة التي ترى العالم من نافذة صغيره
بللت شفتيها بلسانها تتمالك حالها ثم تجاوزته... نعم تجاوزته سليم النجار تجاوزته امرأة.. قبض على كفيه بقوه يلتف نحوها وكيف اتجهت نحو ذلك الشاب الوسيم ذو العينين الخضراوين
أنتبه على نظرات ضيوفه... فجاهد نفسه للعودة لهيئته المنمقة الجادة
- مالك يا فتون... وشك مخطوف كده ليه
وضعت يديها فوق الرخامة تلتقط أنفاسها تنظر نحو أحمس الذي اسرع في ارتداء ثياب المطعم وعاد إليها يحمل معها الأطباق ويخرج الصواني من الفرن
- مافيش يا أحمس... خلينا نشوف شغلنا
وها هم أعدوا كل شئ كما تم طلبه منهم.... والضيوف منهمكين بتلذذ ومتعة في تناول وجبتهم.. أما هو كانت عيناه عليها من حينًا إلى أخر وكيف تتهامس مع ذلك الشاب ويضحكون
تجمدت يده فوق شوكته وقد علقت عيناه بأحمس وهو يلتقط منها الورقه والقلم بعدما دفعها بيده برفق
- سليم بيه... الضيوف بيقولوا لحضرتك أد إيه اختيارك للمطعم نال إعجابهم... وإنهم أحبوا بساطة المكان
أنتبه على صوت المترجم بعدما اخذ "شادي" مساعده يتنحنح حرجًا حتى يلفت إنتباه
أماء برأسه إليه يحاول تمالك نفسه ولكن عيناه أبت ان تبتعد
نهض عن مقعده بعدما مسح شفتيه بالمنديل وعينين مساعده عالقة به
اندفع إليها ينظر إلى ذلك الشاب بمقت
- فتون
طالعه أحمس مدهوشًا من نطقه لاسمها وكأنه يعرفها وكيف اشاحت هي عينيها منشغلة في ترتيب اطباق الحلوي التي ستقدم بعد قليل
- افندم يا سليم بيه.. في حاجة ناقصه او مش قد المستوى
- فتون بصيلي
اقترب منها حتى يجذب ذراعها ولكن أحمس وقف بينهم يحدق به
- حضرتك ممكن تكلم معايا أنا... أنا هنا المسئول لو في مشاكل مع الزباين
تعلقت عينين سليم بيد أحمس التي قبضت فوق ذراعه.. اغمض عينيه ثم ازاح قبضة أحمس
- هنتكلم يا فتون... هنتكلم كتير أوي
وعاد لطاولته يبتسم بدبلوماسية إلى ضيوفه ثم مال نحو مساعده يهمس بخفوت
- تحاول تتصرف مع الولد اللي واقف هناك... قبل ما الضيوف يمشوا تكون اتصرفت فاهم يا شادي
وشادي يفهم وينفذ في صمت
.............
هل ما يسمعه من خادمته حقيقي أم هو أصبح يتوق لذلك .. لم ينتظر سماع المزيد من خادمته واندفع نحو غرفة صغيريه ينظر إليها متلهفًا... فالخادمة لم تخطئ ...
تلاشت لهفته عندما تلاقت عيناهم ولم يجد في عينيها إلا الخواء
نهضت من جوار الصغيرين بعدما قبلتهم ومسحت فوق وجنتيهم.. والتحدي وحده ما كان يحتل كيانها
- جيت عشان أخد ولاد اختي يعيشوا معايا يا دكتور... ياريت نعرف نتفاهم بهدوء لأني مش هتنازل عنهم
ضيق عينيه وهو يقترب منها بخطواته يشير للمربية أن تنصرف حتى يسمع ما تخبره به ثانية
- مسمعتيش اللي قولتيه يا مدام ملك
ضغط على أحرف كلماته ينظر إليها بشوق استطاعت عيناه إخفاءهم ولكن قلبه خانه... اقتربت منه تعيد عليه حديثها
- ولاد اختي أنا اللي هربيهم... اظن إنك سامع كويس
- ومين اللي هيسمحلك بكده
- أنت... وده الأفضل ليهم...
واردفت متهكمه ترمقه بتحدي
- أنت لسا فاكر إن ليك ولاد يادكتور
غامت عينيه ينظر نحوها بملامح قاتمة
- وانتى كنتي فين... مش المدام برضوه بتكره العيلة بكل افرادها
واستطرد بجمود يقطع عليها حديثها حتى يستفزها
- ولادي أنا هعرف كويس أربيهم.. هما مش محتاجين غيري
واولاها ظهره مغادراً الغرفة
- نورتي البيت يا مدام ملك... وتقدري تشوفي ولادك أختك زي ما أنتي عايزه
ولكن توقف في مكانه ينظر نحو قبضة يدها فوق ذراعه مدهوشًا من فعلتها
- من أمتي انت حبتهم... أنت كنت سيبهم ومسافر بره وعايش حياتك... كفايه أوي عليهم لحد كده مع عيلتك ومعاك... كفايه ظلم ليهم
التف إليها وقد أنتبهت للتو إنها مازالت تقبض فوق ذراعه وقريبة منه للغاية
- قولتلك انا أبوهم... سامعه كويس ولا محتاجه اكرر كلامي
- وأنا خالتهم... مها عايزانى انا أربيهم
طالعها بنظرة غامضه فاشاحت عينيها بعيدًا عنه
- أقول للخدامة تحضر العشا ولا معندكيش وقت
إستطاع إثارت حنقها من تلك البرودة التي يتحدث بها فمال نحوها ينتظر سماع إجابتها
- ولاد اختي هعرف اخدهم منك كويس يا رسلان.. بيني وبينا المحاكم
صدحت ضحكته عاليا فلم يعد يتمالك حاله من ثقتها
- شوفي انتي هتعملي إيه وبلغيني
أندفعت من أمامه حانقة نحو غرفة الصغار تلتقط حقيبتها ثم عادت تتخطاه راحلة
تشبثت قدماها مكانها دون أن تلتف إليه
- في طريق أقصر من التحدي ومن كل ده يا ملك..
واردف ساخرًا يلوي شفتيه إستنكارًا
- أنتي طول عمرك بتضحي عشان الناس.. فمجتش من مره تالتة تقدمي التضحية ديه كماناقتباس من الفصل القادم
***********
انهارت أسفل قدميه تكتم صوت شهقاتها تتذكر تفاصيل تلك الليلة
- متعملش فيا حاجة... متعملش فيا حاجة.. أنا معملتش حاجة
إنحدرت دمعة فوق خده سرعان ما ازالها ينظر إلى هيئتها وينحني صوبها يُحاول إنتشالها من فوق الأرضية وضمِها إليه
- مش هأذيكي يا فتون صدقيني... أنا أسف.. سامحيني
- أبعد عني... أبعد عني
دفعته بيديها فتهاوي للخلف بعدما فقد السيطرة على جسده بسبب وضيعته تلك.. تحكمت في نوبة فزعها ونهضت تجذب إحدى الزجاجات تدفعها فوق رأسه
فاقت من صدمتها وهي ترى الدماء تغرق رأسه ثم إنبطاحة فوق الارضيه..
نظر ت إليه في ذعر وانكمشت على حالها نحو الجدار لا تستوعب ماذا فعلت.. ارتجفت يديها وقد وضعتهما فوق شفتيها ومازالت الصدمة والضياع تحتل عيناها
حاول أن يرفع رأسه لعله يطمئنها وقاوم شعوره
- متخافيش يا فتون
وسقط بعدها في دوامة الظلام... فجحظت عينيها تنفض رأسها مما هي عليه وتستوعب تلك الكارثة التي فعلتها
- سليييميتبع بإذن الله ( قراءة ممتعة)
**********#لمن_القرار ❤️
#سيمو
أنت تقرأ
لمن القرار
Romance* عالمه كان بعيد وموحش.. عالم مظلم تُغلفه الشهوات..شهوات كان يوماً يحتقر والده ويمقته علي انحداره فيها الي ان اتي اليوم الذي أصبح يسير فيه على خطاه ولكن كل شئ تلاشي في ليلة ممطرة مظلمة وكانت صحوة البداية * جاءت من قريتها بضفائرها وجلبابها البسيط وبر...