الفصل الثلاثون (2)
**************
حاولت أن تتناسي وجودهم وتلك النظرات التي يصوبونها نحوها أو يرمقون بها بعضهم... اندمجت مع أبناء شقيقتها تطعمهم وتلاطفهم.
جلس الجار العجوز الطيب العم "حسني" ينظر إلى الرجلان متفرسً خلجاتهم.. جسار انسحب من تلك الحارب الضارية بينه وبين رسلان...حرب كان سلاحها نظراتهم وكل منهم يعبر عن ضيقه من وجود الأخر خلالها.
وقف جسار يطالع الحارة بنظرات نافرة اما رسلان جلس بهدوء على احد المقاعد يطالع أطفاله في أحضانها
تنهد العم "حسني" ينظر نحو رسلان متسائلا
- أنت دكتور يا بني
أماء له رسلان برأسه وقد تنحنح قليلا فأردف العم حسني
- ابن جارتنا ست غلبانه محتاج عملية كبيرة... والست مستنيه دورها على نفقة الدولة ويا علم أمتي الدور هيجي
انتبهت ملك على حديثهم اما جسار اتخذ ركنا بعيدا واخد يتحدث في هاتفه
فاطرق العم حسني رأسه خجلا
- يعني يا بني لو تقدر تساعد...
ولم يكد العم حسني يكمل حديثه فاخرج رسلان بطاقة خاصه به
- خليها تجيلي العيادة يا حاج
طالع الرجل البطاقة وقد لمعت عينيه والتف نحو ملك يطالعها... يتمتم بصوت هامس
- " سبحان الله".. ربنا مكسرش خاطر الست الغلبانه
والعبارة كانت لها ألف معنى وحكاية
...........
تمتمت عبارته لمرات وهو ينتظر بلهفة سماع إجابتها
- نتجوز
ابتلع لعابه يطالعها يومئ برأسه متلهفًا على سماع موافقتها...فتون ستوافق على حمايته.. هو يعلم ذلك تماما فهو كان بطلها الخارق ذات يوم..
انتظر وانتظر حتى أتته الإجابة فتجمدت ملامحه وضاعت لهفته والصدمه وحدها من ارتسمت في عينيه
- طلبك مرفوض يا سليم باشا
- ليه يا فتون؟ .. ردي عليا
خرج صوته متعلثمًا بعدما فقد قدرته على الثبات
- سليم النجار مش بيتجوز خدامه ولا بيرمرم ... مش ده كلامك يا سليم بيه
نهضت من أمامه وقد ألجمه حديثها.. سارت نحو الباب وقبل أن تتقدم بخطوتها الأخيرة عادت تلتف إليه
- سليم النجار لو عايز يساعدني هيساعدني... مش هيحط شروط
- فتون
فتح العسكري الواقف الباب بعدما طرقت عليه.. فتعلقت عينيه بها ومازال في صدمته
...........
كانت تلك اللحظة التي انتظروها منذ أن التقت عيناهم
غادر العم حسني نحو شقته وقد ترك بابها مفتوح و ملك حملت الصغيرين حتى تبدل لهم حفضاتهم في الغرفة
اندفع رسلان إليه يقبض على تلابيب قميصه
- مش خلاص بعدت عنك جاي ليه تاني
دفعه جسار بقبضته ووقف يرمقه بتحدي
- ملك مسئوله مني ولعلمك مش هسيبها هنا...
واردف وقد أراد أن يضغط عليه ويستفزه بطريقة يجيدها
- وبكره نكسب القضية وناخد ولادك.. أنت أب مش مسئول يا دكتور يلي كنت سايب ولادك ولسا فاكرهم
تجمدت عينين رسلان نحوه وتراجع للخلف قليلا يلتقط أنفاسه.. ابتسم جسار بتهكم وهو يراه هكذا يقبض فوق كفيه دون فعل شئ.. انصدم جسار بعدما تهاوي فوق الأرض يضع بيده فوق كدمته وخط من الدماء يسيل من أنفه
دارت حارب طاحنة بينهم فخرجت ملك مذعورة تنظر إليهما بأعين مذهولة من هيئتهما
- انتوا بتعملوا إيه... أبعد أيدك عنه
دفعت رسلان بعيدًا فرسلان هو من كان في الصورة أمامها.. ابتعد رسلان يلهث أنفاسه ينظر إليها كيف احتوت وجه جسار بين كفيها تسأله عما يؤلمه... غادر بخطوات مثقلة دون أن يلتف نحوهما فقد وصلت له الرساله بوضوح
- ليه عملتي كده يا ملك
ابتعد جسار عنها يتحسس وجهه المكدوم
- على فكرة أنا اللي استفيزته
- عارفه يا جسار...أنت استاذ في الحكاية ديه
ورغم ألم وجه إلا إنه كان يضحك.. رمقته بحنق فتنحنح وعاد لجديته
- عارفه يا ملك أنا دلوقتي متأكد إنك بتحبي رسلان
طالعته في صمت فهي لم تعد تعرف ما معنى الحب..هي بالفعل ضائعة في دوامة لا تعرف لها نهاية
- الإنسان مش بيوجع غير أكتر ناس بيحبهم
وابتعد عنها يزفر أنفاسه متنهداً
- تعرفي أنا اكتشفت إني اتسرعت بجوازي من جيهان
انصدمت من عبارته... فمنذ أيام كان غارق في العشق لا يرى سواها
- ساعات بنكون عايزين الشئ عشان نجربه مش أكتر.. نشوف هنلاقي إيه فيه...هل هنلاقي اللي يعجبني ويبسطنا ولا هيكون زيه زي غيره
صمت يسترد أنفاسه ثم عاد يُطالع المكان حوله
- الحب غير كده يا ملك.. الحب إحساس غريب بيخلي قلبك مهما حس إنه شبعان فهو لسا جعان
تاهت بنظراتها ، كانت ضائعة تسمعه وهي شارده
- ملك أنا مش هقدر اسيبك هنا... المكان ميطمنش
- على فكرة يا استاذ الحارة هنا فيها رجاله وانا اه قدامك
التف بجسده نحو ذلك الصوت لتقع عيناه على تلك الفتاة التي رأها صباحًا... تقدمت بسمة منهم تطالعه بترفع
- ملك وسط أهل حتتها يا باشا
رمقها جسار مستنكرًا يُطالع هيئتها الغير مهندمة
- أنتي تعرفيها يا ملك
انتبهت ملك على سؤاله بعدما كانت شارده بينهم... نفضت عقلها تستجمع حالها
- ديه بسمة بنت عمي حسني
قطب جسار حاجبيه يتذكر ذلك الرجل العجوز الذي كان يجلس معهم
- اه... خلينا في المهم... مش هقدر اسيبك هنا
- أنت يا أستاذ مسمعتش أنا قولت إيه
ضيق عينيه وقد تذكر وجودها الغير مرغوب ... فامتقع وجهه والتف نحوها يشير إليها بإصبعه
- ممكن تسكتي
أرادت أن تتحدث ولكن صوت والدها وقد هتف باسمها للتو جعلها تغادر حانقه تتمتم بضيق
- إنسان عديم الذوق
اتسعت عينين جسار ذهولا يرمق خطواتها وكاد أن يلفظ بعض العبارات الحانقة
- جسار زي ما أنت شوفت أنا فعلا عايشه وسط أهلي وحبيت المكان
رضخ جسار في النهاية لرغبتها فهو يريدها أن تستعيد ذاتها كما أراد لحاله أن يفهم مشاعره نحوها فما جمعهم من قبل هو الإحتياج "وهل ينبض القلب به طويلًا ؟"
أصر أن يعطيها مفتاح إحدى الشقق الراقيه التي يملكها بديلا لها عن ذلك المكان
دلفت للصغيرين فوجدتهم كما تركتهم في غفوتهم... اقتربت منهما تقبل أقدامهم ومع مرور الوقت أصابها القلق فلما لم يعد رسلان لأخذهم
ونقطة واحده كان يدور فيها عقلها وللأسف قلبها هو من كان يتسأل
" هل أصابه شئ؟"
............
فتحت عينيها بعدما غادرت جنات الغرفة واغلقت الباب خلفها.. تقلبت فوق الفراش تقاوم ذلك الشعور الذي يخترقها.. تعالت أنفاسها وتسارعت دقات قلبها ورغمًا عنها كان قلبها يأخذها لعالم به سليم النجار
استيقظت بفزع تلهث أنفاسها بثقل تضع بيدها فوق قلبها غير مصدقة إنها حلمت به... حلمت به وهي بين ذراعيه... حلمت به في وضع لا تعرف كيف أخذها قلبها وعقلها إليه.. أسرعت في إلتقاط كأس الماء الموضوع جوار فراشها ترتشف منه
- مش معقول أكون حلمت بيك كده..
عادت تلتقط أنفاسها تنظر حولها فالظلام كان يحاوط الغرفة
- أكيد أنا حلمت بي عشان اللي عمله معايا النهاردة...سليم النجار راجل وحش وظالم اوعي تنسى ده يا فتون
خاطبت حالها لعلها تعيد لقلبها ثباته ولكن القلب كأنه كان متعطشً لذلك الحدث وتلك الكلمات التي اخبرتها بها جنات... جنات التي لأول مره تمدح سليم النجار أمامها لكنها لو علمت إنه عرض عليها الزواج في البدايه مقابل خروجها لكان مديحها تحول لمقت و حقد
وها هو حديث جنات يأبى تركها تلك الليله مهما فعلت
" بصراحه يا فتون لولا سليم النجار مكنتيش هتعرفي تخرجي منها... صحيح هو السبب في كل ده.. بس إن يكون موجود حد معاكي ياخد حقك.. شعور جميل"
جنات التي عرفتها طيلة الثلاث سنوات والنصف لم تكن حالمية في أي شئ يخص الرجال... ولكن اليوم شعرت بمشاعر جنات نحو الموقف
اغمضت عينيها بقوة والمشاعر تزيد في إختراق فؤادها تهتف لحالها
- أوعى تنسى إنه هو السبب يا فتون.. اوعي تنسى اللي عمله فيكي زمان
.........
صرخة مقهورة بعدما اقتربت منه تتوسل إليه
- عملت كده عشان بحبك.. أنت عارف أنا بحبك اد إيه يا سليم
تعالت صوت ضحكاته رغمًا عنه وهو يرمقها بتفحص
- بتحبيني...مش تقولي كدبه تانيه يا دينا ... ده أنتي لما عرفتي إني بعد الحادثه ممكن متحركش تاني على رجلى وهكون عاجز روحتي اتجوزتي حامد اللي كان عدوك وجتيلي ارفعلك قضيه عشان تاخدي حقك وحق ابنك منه
- لا يا سليم أنا اتجوزت حامد بعد ما أنت رجعت لشهيرة... إتجوزته عشان أكون قريبه منك... سليم أنا مش قادرة أنسى الليله اللي كانت بينا
شحبت ملامحها وهي ترى نظراته التي تحولت للوحشية عندما ذكرته بتلك الليلة بعد وفاة جده ومغادرة فتون حياته.. جاءت إليه شقته أرادت أن تمنحه جسدها في لحظة ضعفه وحاجته ... وسليم القديم كان خير من يرحب بتلك الأمور حتى ينسى ضيقه وحزنه... كانت ليلتها هي الفاصل من حياته وتلك القذارة التي يعيش داخلها ولكنه سرعان ما كان يتجنب وقوعه معها في الطريق الذي أراد نهايته
- دينا انا وانتي عارفين كويس محصلش حاجه بينا في الليله ديه كويس
- كان ممكن يحصل يا سليم... بس انت اللي مدتنيش فرصه
واقتربت تحاول أن تفرض سحرها الذي اجادته وتجيده على الكثير من الرجال... ذكرته بتفاصيل كانت الشهوة وحدها من تحركه... امتقع وجهه نفورًا وهو يسمعها مشمئزًا من حاله ومنها
- فتون خط أحمر يا دينا.... وانتي عارفة كويس ممكن اعمل إيه كويس
التف بجسده كي يغادر بعدما لم يعد يتمالك حاله بعدما ذكرته بنفسه القديمة... رجل عابث يترك شهوته من تحركه
وقعت عينيه على الصبي الصغير ذو التسعة أعوام ثم عاد ينظر إليها بإحتقار شديد وكأن الصغير يذكره بطفولته الغير سوية
...........
اندفع الحاج عبد الحميد داخل الشقة والغضب يحتل معالم وجهه يطالع جنات التي وقفت مصدومة من هيئته وزيارته المفاجأة
- فين فتون... بنتي تدخل الحبس من غير ما اعرف... أخص عليكي يا جنات يا بنتي... هي ديه أمانتي ليكي
تجمدت عينين جنات نحوه تبتلع لعابها بعدما جف حلقها فكيف علم بالأمر.. وقبل أن تبحث عن إجابة داخل عقلها كانت تأتيها الإجابه
- جيت مع واحد معرفه من البلد يخلص شوية أمور ليه هنا ... قولت اجي اطمن عليكم.. الاقي المنطقة كلها بتتكلم عن بنتي.. يا فضحتك يا عبدالحميد. هتروح فين تاني
خرجت فتون من غرفتها بملامح منهكة وقد سقطت على مسمعها عبارات والدها الأخيرة... تعلقت عينيه بها واقترب منها
- إحنا معدش لينا مكان هنا يا بنتي... البلد ديه مصايبها كتير وناسها قادرة
والقرار كان يضعه الحاج عبدالحميد دون رجوع ولكن عينيه ظلت عالقة بها وقد استندت نحو الجدار تكتم صوت شهقاتها
فاسرع إليها نادمًا على حديثه فيكفيها ما جانته قديمًا من جهله
- هتكملي تعليمك يابنتي البلد اللي جانبنا فيها جامعه ساعه بالقطر بينا ... بس عيشه في البلد ديه تاني لاا... كفايه المصايب اللي جتلنا منها
.........
احتضنتها جنات تحاول تهدأها مراراً دون جدوى... شردت في فعلتها... فقد دفعت الحاج عبدالحميد للذهاب لسليم النجار لشكره عما فعله مع فتون وتخليصها من تلك السرقة التي دبرت لها وكان سيضيع فيها مستقبلها ... جعلت دماء الواجب والأصول تضج في أوردته فقرر الذهاب إليه رغم ذلك الدين الذي في رقبته عندما كاد أن ينتهك عرض أبنته
- يا ترى يا سليم بيه هتطلع فعلا بتحبها ولا مجرد كلام
همست بها جنات ومازالت تحتضن فتون التي لم تكف عن البكاء
- طب والمطعم واحلامي هنا يا جنات... ليه كل حاجة بتضيع
هتفت بها وابتعدت عنها تنظر إليها تستعجب صمتها ولكن جنات كانت ساهمة
..................
عبأ رئتيه بالهواء ثم بصق خلفه بعدما غادر قسم الشرطة... هندم قميصه المتسخ يهتف متذمرًا
- أي مصيبة تحصل مافيش غير فتحي
إستمع إلى اسمه فلتف بجسده يطالع الرجل الذي وقف يلتقط أنفاسه بعدما ركض خلفه لمسافه
- في حاجة يا أخ
وبنبرة هادئة هتف الرجل وهو ينظر نحو البعيد
- الهانم مستنياك في عربيتها
- هانم!... أنا معرفش هوانم
لفظها فتحي مستنكرًا يرفع شفته العلويه ويضيق عينيه
- الهانم عايزاك في مصلحة يا فتحي
التمعت عينين فتحي... فإذا كان الأمر يخص مصلحة لما لا يذهب ويرى ... اتبعه بعدما التف حوله قليلا يتأكد من عدم إتباع أحد له ... فتح الرجل له السيارة ليصعد داخلها
- الراجل بتاعك قالي إنك عايزانى يا هانم
قالها بنفاذ صبر فرفعت نظارتها عن عينيها تشم تلك الرائحة الكريهة
تعلقت عينين فتحي بها ينتظر سماعها دون أن يعبأ بنظراتها النافرة نحوه ... سردت عليه ما ارادته تحاول أن تتلاشى رائحته التي كتمت على أنفاسها...
أخرجت من حقيبتها المال وقد لمعت عينين فتحي بشدة
- فضيحة في حارتنا يا هانم... لمين؟
........................... .......
وقف سليم بسيارته بعدما وجد الحارس يشير إليه ... انزل زجاج سيارته يُطالع الرجل الذي وقف خلف الحارس
- يا باشا الراجل ده مستنيك من الضهر... مهما قولتله مش راضي يمشي يا بيه
أشار إليه سليم بالأبتعاد قليلًا حتى يري ملامح الرجل... قطب حاجبيه يحاول أن يتذكر هل رأه من قبل أم لا
ولكن الجواب ها هو يعلمه عندما خرج صوت الحاج عبدالحميد يعرفه بحاله
- اتفضل يا ياحاج نورت
رحب به سليم فور ان فتحت له الخادمة المنزل ودلف هو والحاج عبدالحميد الذي وقف للحظات يطالع المكان بأعين مذهوله يلوم حاله إنه منذ ساعات حداسته كرجل جعلته يفترض أن هذا الرجل يحب إبنته
- تشرب إيه يا حاج
فاق الحاج عبدالحميد من شروده يطالع ما حوله بتوتر
- ملهوش لزوم يا بني... أنا جاي أشكرك
انصرفت الخادمة بعدما أمرها سليم بإحضار كوبان من الشاي
- اتفضل اقعد يا حاج عبدالحميد
جلس الحاج عبدالحميد بجلبابه البسيط يستشعر بالغربه في المكان.. يحادث حاله
" لازم اخدك من هنا يا بنتي..مصيرك مش هيكون غير إنك تنداسي تحت الرجلين... كفاية اللي حصلك زمان"
- أنا عارف يا حاج إن ليك حق عندي زمان... وأنا مستعد انفذ اللي تطلبه
تمتم بها سليم فطالعه الحاج عبدالحميد بغرابة ولكن سرعان ما أدرك مقصده
- حق بنتي عند ربنا يا بيه
اقترب منه سليم وجاوره في جلسته
- وأنا عايز ارتاح يا حاج من الذنب... أنا عندي بنت متمناش إن هيحصل فيها كده في يوم من الأيام
بهتت ملامح الحاج عبدالحميد ينظر إليه مستفهما
- أنت متجوز يا بيه
التقطت عينين سليم الخادمة وهي تقترب منهما بأكواب الشاي.. نهض يأخذ منها الصنية فطالعته الخادمة ولكن إشارة من عينيه جعلتها تنصرف صامته
- اتفضل يا حاج الشاي
التقط الحاج عبدالحميد الشاي بتوتر ينتظر منه إجابته
- ايوة يا حاج أنا كنت متجوز
وصمت قليلا يرتب حديثه لعلا تلك المرة ينال مبتغاه
- أنا راجل دوغري يا حاج وعشان كده بطلب منك النهارده أيد فتون.. رغم إني المفروض أجيلك بيتك الأول... لكن وجودك النهاردة سرع الخطوة وكل اللي أنت عايزه هيحصل
اتسعت عينين الحاج عبدالحميد وقد رفع عينيه نحوه
- أنا عايز فتون زوجة ليا يا حاج عبدالحميد
تعلقت عينين الحاج عبدالحميد به فطالعه سليم ينتظر جوابه في لهفة
- هتتجوز بنت راجل بسيط أجري باليومية ... هتتجوز اللي كانت مرات السواق بتاعك وكانت خدامة عندك يا بيه
تجمدت عينين سليم وهو يحاول تلاشي ذكرى حسن.. عادت ملامحه تنبسط ينظر إليه
- قولتلك يا حاج عبدالحميد عايز فتون زوجة ليا وميهمنيش أي حاجة تانيه صدقني
......................
" قبلت زواجها"
قالها وهو ينظر إليها بحب ... ورغم نظرات اللوم والكسرة التي تطالعه بها إلا إنه كان سعيد بشدة
ضمها والدها إليه بقوة يهمس لها بعدما اخذ البعض ينفض من حولهم
- أنا ظلمتك زمان لما جوزتك حسن.. لكن قلب الاب المرادي مرتاح يا بنتي... جوزك هيجيبك البلد ونعملك فرح وسط اخواتك والجيران
وابتعد عنها... فاقتربت منها جنات تضمها إليها وتمازحها
- قضيتي ليلة في التخشيبة و بعدها جوازة.. يومين عمرهم ما يتنسوا من العمر يا فتون
وقف يستمع لوصايا الحاج عبدالحميد وعيناه لا تفارقها.. تنحنح أخيرًا حرجًا ينظر نحوها
- خد مراتك يا بني
تعلقت عينين فتون بوالدها... فمن التي سيأخذها وسيرحل... وما الذي حدث وكيف تزوجت.. وكأنها أخيرًا بدأت تستوعب ما يمر أمامها
- روحي يا بنتي مع جوزك
والشريط يعود إليها ثانية...ذكريات مضت عليها ما يقارب أربع سنوات وأشهر وحسن يأخذ بيدها ويصعد بها القطار نحو المجهول ... تسارعت أنفاسها من هول الذكريات عليها ووقعت عينيها على يده التي قبضت فوق يدها تقف أمام سيارته وأعين والدها وجنات تحاوطهما
- أنت وخدني على فين
- واخدك على بيتنا يا فتونيتبع بإذن الله ( قراءة ممتعة)
#لمن_القرار ❤️
#سيمو
أنت تقرأ
لمن القرار
Romance* عالمه كان بعيد وموحش.. عالم مظلم تُغلفه الشهوات..شهوات كان يوماً يحتقر والده ويمقته علي انحداره فيها الي ان اتي اليوم الذي أصبح يسير فيه على خطاه ولكن كل شئ تلاشي في ليلة ممطرة مظلمة وكانت صحوة البداية * جاءت من قريتها بضفائرها وجلبابها البسيط وبر...