الفصل ٥٦(١)

32.5K 1.3K 88
                                    

الفصل السادس والخمسون(1)
********
لا ترغب في طفلاً منه، اتريد حرمانه بما تاق إليه شوقًا بعدما ترك لقلبه الشعور بما لم يُفكر به يوماً

"عائلة" كلمة كانت بعيدة عن حياته لم يرغبها حتى بين وبين نفسه ، الوحدة وحدها من كان يراها خير رفيق له
لم يترك مشاعره تقوده نحو مشاعر يراها واهية، هو ليس الأبن الجيد ولا والده كان يستحق هذا اللقب حتى والدته المرأة الوحيدة التي أحبها لم تكن إلا أمً ضعيفة خاضعة، ترضى الذل والهوان
ضعفها حوله لشخص كاره وحاقد، شخص اقسم أن ينال ما حُرم منه

والمشاهد التي تركت أحلامه ويقظته عادت تطرق أبواب حصونه، هو كاظم النعماني ولكن داخله مازال الولد الذي يذهب بحذائه الممزق البالي لمدرسته، والأب ينعم مع أولاده الأخرين وزوجته الأولى بحياة الرفاهية، أما هو و والدته يعيشون تحت الأقدام يأتي إليهم ليرمي لهم مال يراه فضلاً منه عليهم

- أبني من حقه يعيش زي ولاد منال

يدفعها جودة صارخاً مقتربً منه يلتقطه من قميصه، يُطالعه بنظرات غاضبة

- مش ابني، احمدي ربنا إني اديته اسمي وسايبكم عايشين في خيري

تندفع صوبه تنحني نحو قدميه تقبلهما، ترجوه أن لا يُصدق ما قيل عنها ظلمًا

- متصدقهاش يا جودة، هي عملت كده عشان تبعدك عني وتكره ابنك

-  قولتلك مش ابني

يدفعها من أمامه مجدداً ويعود لجذبه نحوه، والصوره كانت طبق الأصل منه..
كاظم النسخة المصغرة من جودة النعماني

الحقيقة يكشفها الزمن، وتتبرأ والدته من الجُرم ولكن بعد فوات الآوان، بعد انا عاشت وعاش  يظن نفسه نبته نبتت من حرام

مالها أخذه، جمالها ضاع مع الحزن حتى كرامتها أخذها جودة النعماني و زوجته وهي من ارتضت أن تظل تستجدي العفو منه، أن لا يراها خائنة في حكاية أراد جودة النعماني تصديقها

سقطت بتلات الورد أسفل قدميه، ولم تعد باقة الأزهار كما كانت
ازدادت قبضته فوقها كما أشتدت قبضة الذكريات فوق صدره يستمع لعباراتها في جمود بأعين مظلمه، والعبارات تخترق أذنيه

- كاظم مش لازم يعرف ، لو عرف هيحرمني منه يا فتون، قالها  أول يوم  لمسني ، قالي يوم ما تفكري تجبريني على طفل منك هحرمك منه، لكن أنا كنت غبيه يا فتون معملتش حسابي لليوم ده

تتعالا شهقاتها، فيصله صوت أنفاسها الهاردة  تلوم حالها على تهاونها في تناول الحبوب

- كاظم هيكره ابني، زي ما كرهني ، ليه اختارله يعيش حياة مش سويه ليه أتحرم منه، كاظم مش هيسيبوا ليا يا فتون

لم تعد العبارات وحدها من تخترق أذنيه

" أنت ابن جودة النعماني، ابني من صلبي يا كاظم "

لمن القرارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن