الفصل٥٨(٢)

37.8K 1.4K 94
                                    

الفصل الثامن والخمسون (2)
*******

علقت عيناها به وهو يُغادر الغرفة دون كلمة، حاولت إلتقاط أنفاسها التي حبستها مترقبة ردة فعله ولكن كاظم لم يفعل معها إلا النظر إليها بتلك النظرة المرعبة التي شعرت معها وكأنه لا يوجهها لها وحدها.
مسحت فوق خديها لعلا وتيرة أنفاسها تهدء وتستجمع شتات نفسها.

عادت عيناها تتعلق هذه المرة ب باب الغرفة المفتوح تُعيد المشهد مرة أخرى على ذاكرتها تنظر نحو كف يدها الذي صفعته به

- أنا مش عارفة عملت ده إزاي، وليه أعمل كده؟

سقطت دموعها رغماً عنها فمنذ حملها وهي لم تعد تستوعب ما تفعله، تارة تكون راضية عن حالها وعنه وتشتاقه وتارة أخرى تكون ساخطة على حالها وكارهة له لا تتذكر منه إلا الكلمات القاسية وأكثر ما يُحيرها في نفسها إنها تتذكر كل فعل قاسي نالته منه كلما تقدم منها خطوة وأظهر لها حنانه ورعايته.

هي متأكده أن كاظم لم يحبها بعد، لكنه تقبلها في حياته التي يغلفها السواد وتُحيطها تلك الأسوار العالية التي أحاط حاله بها.

قاومت حالتها الكئيبة خاصة أن مكوثها أغلب الوقت بمفردها في المنزل وهي من أعتادت على العمل بدء يشعرها بالكآبة

- المفروض الغلطان ياخد خطوة الإعتذار يا جنات، كاظم القديم لو كان موجود كان ردلك بدل الصفعة صفعتين

حقيقة نطقها لسانها، فاسرعت في إتخاذ قرارها تقف مرتبكة بعض الشئ تُفكر كيف ستُلقي عليه كلمات إعتذارها وهل سيقبل أم سيعنفها بعجرفته ويُهينها كما اعتادت منه من قبل.

توقفت على بُعد خطوات منه تنظر إليه وهو جالس فوق الأريكة مغمض العينين ومازالت وتيرة أنفاسه مرتفعة يقبض فوق كفيه بقوة

أرادت التراجع بعدما عادت هيئته تبث فيها الرعب، ولكن في النهاية اتخذت قرارها واقتربت منه.

حاولت إخراج كلماتها ولكن كلما حاولت الحديث كان لسانها يخونها فتصمت، فلم تجد حلاً إلا مجاورته فوق الأريكة التي ربما ستشهد لحظة التقاطها أنفاسها الأخيرة بعدما يقبض فوق عنقها.

لأول مرة كانت تنتبه على صوت عقارب الساعة المزعجة، وتلك الألوان المتداخلة في البساط الفخم المفترش أسفل قدميهم ولم يتوقف التحديق عند هذا الحد بل أخذت تُحدق بملامحه القوية وقد زاده الغضب هيمنة ووسامة.

التصقت به، فنهرها بحدة

- جنات ممكن تروحي تكملي نومك أو تبعدي  خالص من هنا

ابتعدت عنه وقد شعرت بالضيق من حالها، فها هو ينهرها ويجتذب ذراعه عنها متحاشياً النظر لها

- أنا أسفه يا كاظم

هتفتها بهمس خافت وسرعان ما كانت تنفجر بالبكاء، ضاقت عيناه وهو يراها بالفعل تبكي بقوة دون سبب فماذا كانت ستفعل إذا صفعها مثل صفعتها الحمقاء؟

لمن القرارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن