الفصل ٤٨(١)

38.1K 1.2K 75
                                    

الفصل الثامن والأربعون(1)
*************

انسابت دموعها فوق خديها ومازال ذلك الحديث يخترق أذنيها، تعالت شهقاتها رغماً عنها وقد ازدادت حرقة عيناها من تقطيع حبات البصل..
التفت حولها لتتأكد من وجودها وحدها داخل المطبخ .. ،فقد اعطتها السيدة سعاد حرية الانغماس في أحزانها وبؤسها، بؤس لا نهاية لها منه وكأن البؤس كتب عليها

- جحيم فتحي كان أرحم ليا، ياريتني كنت سيبته يعمل فيا اللي عايزه

باتت نفسها ضعيفة، بعدما جعلتها الحياة تتجرع مرارتها وهي تري حالها تُهان تحت الأقدام

- كنتِ عايزه تبقى فتات ليل يا بسمة

خاطبت عقلها، حتى تفيق من شعور الضعف الذي أحتل روحها واخترق قلبها

- الكل جيه عليا، والدنيا بقت صعبة..
وسرعان ما كنت تستغفر ربها وتنفض رأسها من أفكارها

عادت لتقطيع حبات البصل بقوة.. ،تتذكر حديث تلك المرأة التي رأتها ذات ليلة، ليلة هربت فيها من حياتها البائسة ، لتسقط بعدها بين الأمواج تتلقفها داخل ظلمتها

دلفت السيدة سعاد المطبخ، وقد كانت حانقة ممتقعة الوجه مما هتفت به تلك المرأة التي تخلص منها رب عملها وطلقها

- أنتِ لسا بتقطعي البصل يا بسمه

واقتربت منها، بعدما شعرت بالقلق من صمتها..، لتري الدموع تغزو مقلتيها

- أنتِ كنتِ بتعيطي يا بنتِ

أسرعت بسمه في مسح دموعها، وتركت السكين بعدما أنتهت من تقطيع حبات البصل

- لا يا دادة مكنتش بعيط، البصل بس كان حامي على عيني

رمقتها السيدة سعاد بتوجس، وهي تعلم إنها تكذب عليها، اقتربت منها وقد ظنتها بسمة ستتناول منها وعاء الطبخ ولكن السيدة سعاد غمرتها بين ذراعيها

- بكره الدنيا تضحكلك يا بنتِ، واوعى تزعلي مني لما عملتك وحش، كان غصب عني.. أنا ست طول عمري في المطبخ معرفش حاجة عن اللي بقى بيحصل في الدينا

- أنا مش وحشه والله يا داده، طول عمري بعافر مع الدينا..نفسي ارتاح بقى

سقطت دموع السيدة سعاد وقد زاد ندمها، كلما تذكرت إنها للحظات ظنتها مخادعة، ابتعدت عنها بسمة بعدما استمعت لرنين جرس المنزل، فاسرعت في أزالت دموعها العالقة بأهدابها

- هروح اشوف مين بيرن الجرس

- لا يا بنتِ خليكي أنتِ  بدل ما تطلع الحرباية اللي اسمها جيهان..، عارفه لو كانت هي

والتمعت عينين السيدة سعاد بشر، تنظر نحو حذائها المنزلي الثقيل الذي ترتديه

- هعرفها مين هي سعاد

لمن القرارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن