الفصل (٧٢)

31.1K 1.1K 47
                                    

الفصل الثاني والسبعون
****

تعلقت عيناها به بعدما سحب جسده من فوق جسدها.. يمسح فوق وجهه ثم خصلاته التي خالطها الشيب.
اشاح ماهر عيناه عنها وصدى صوت الماضي يخترق أذنيه.. وذكريات هذا اليوم تعود إليه..

" ابنك عايز يتجوز مين يا كامل، ابنك إظاهر حصل لعقله حاجه.. من أمتى الخدامين بيبصوا على اسيادهم.. شكلك معرفتش تربي"

" ورقك اترفض للأسف.. ومكان تعينك اخده واحد تاني.. شوف أنت زعلت مين وحب يقرص ودنك"

" ليه يا بني عملت في نفسك كده.."
والده يسأله في عجز وهو واقف لا يُصدق أن كل ما صار له ولعائلته لأنه افصح عن حبه

" يا حسرة قلبي عليك يا بني.. يعني خلاص حلمك في التعين ضاع.. مش هتكون زي ما حلمت "
ووالدته تصيح بقلب مكلوم على وحيدها، من عاشت الحلم معه.. وانكبت فوق مكينة الخياطة لكي توفر له ثمن الكُتب والملازم حت يرتدي كما يرتدي زملائه.

عاد يُحدق بها، فكيف له أن ينسى ما فعلوه به، كيف ينسى قهر والديه وقله حيلتهم، كيف له أن ينسى لقائه الاخير بها..؟

رفضته مستهزئه بحبه.. هى تستلطفه لكن أن تحبه كيف؟

نظراته صارت جامدة كحال ملامحه وهو يراها تُحاول لملمة أطراف ثوبها الذي بات ممزقً من أعلى تلعنه وتلعن شقيقها.

شهقة خرجت عن شفتيها في فزع بعدما عاد ليجذبها إليه يقبض فوق ذراعها بقوة وكأنه يظنها مازالت شابه صغيرة ستتحمل رعونته

- أنت مجنون، سيب دراعي يا ماهر.. لو فاكر إني هكون ليك جارية يبقى بتحلم.. أنا هفضل طول عمري شهيرة الأسيوطي

" الأسيوطي" لم يكره بحياته مثلما كره هذه العائلة، عائله ثرائها لم يكن إلا باعمالهم الغير مشروعة"

لم يعد يرى أمامه شئ، فقط يسمع صوتها الذي اقتحمه مع صراع الماضي

اشتعلت عيناه بنيران الغضب يهمس لها بصوت أشبه بالفحيح

- شهيرة الأسيوطي خلاص انتهت... لا عيله ولا فلوس ولا حتى جمال .. أنتِ هنا مجرد لا شئ.. أنا حتى قرفت وأنا بلمسك.. هعوز إيه من واحده مبقتش تصلح

اختفت النيران المشتعله في عينيه وهو يرى تأثير حديثه فوق ملامحها

طعنها بحقيقة ليست مخفية عنها، لم تعد شهيرة ابنة الحسب والنسب، لم تعد شهيرة الفاتنة.. فالزمن لم يقف بها عند شبابها.

ابتعلت المرارة التي تجرعتها مع حديثه، تشيح عيناها عنه

- مادام مصلحش اتجوزتني ليه؟

داعبت شفتيه ابتسامة أراد بها أن يرى المزيد من الألم في عينيها وسرعان ما صدحت ضحكاته عاليًا

- تقدري تقولي حققت كل حاجه في حياتي كان نفسي فيها.. وأنتِ كنتِ من الحاجات ديه لكن محسبتهاش صح.. المرادي صفقتي خسرانه

لمن القرارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن