الفصل الرابع عشر
*************
صوت جدال والديها يعلو من حولها وهي ما عليها إلا المشاهدة في صمت.. الصدمة ما زالت تُلجمها لا تُصدق إلى الآن أنا خالتها وميادة جاءوا لها بذلك العريس.. " ميادة " كانت الصدمة الأكبر لها التي لم تستوعبها
- وماله العريس ياعبدالله.. ماشاء الله عليه من عليه محترمة وعنده وظيفة وشقة في مكان راقي
- أنتِ شايفة بنتك رافضه يا ناهد.. والبنت مش كبيرة عشان نغصبها على حاجة
- وهي قعدت معاه عشان ترفض
تجهمت ملامح عبدالله ينظر لها مستنكراً بل ويستنكر الأمر
- أومال كاميليا هانم اللي عملته النهاردة كان أيه.. تاخد بنتي تعرفها على واحد في النادي من غير أذننا
غادر عبدالله بعد تلك المجادلة التي باتت شيئًا عاديًا بينهم منذ أن أصبح يتهمها أنها لم تعد تُحب ملك كما كانت
جلست على الأريكة تزفر أنفاسها...وألتقطت هاتفها حتى تُحادث شقيقتها وتلغي تلك المقابلة التي حددتها
اطمأنت ملك بعدما أستمعت لِجُزء من حديثهم.. وجلست على فراشها تهاتفه ولكن لا إجابة كانت تحصل عليها إلا تلك الرسالة التي حفظتها
- ناهد أنتِ بتقولي أيه عريس أيه اللي رفضته .. ما له الولد أيه عيبه
- عبدالله مش موافق يا كاميليا.. وبصراحه أنا مش عايزة أتجادل معاه بخصوص ملك أكتر من كده.. عبدالله بقى ديمًا شايفني أني خلاص مبقتش أحبها
- وأحنا عايزين أيه غير مصلحة ملك.. أنتي ناسية أن من حق أي عيلة تعرف حقيقة ملك..
ألتفت كاميليا تُطالع أعضاء الجمعية الجالسات خلفها وأردفت بعدما نظرت نحو ساعة معصمها
- قبليني بعد ساعة يا ناهد أكون خلصت أجتماع الجمعية
والساعة مضت وها هي تجلس أمام شقيقتها تتلاعب بها الشكوك
- مش معقول يكون رسلان بيحب ملك.. انا فاكره أنه قبل ما يسافر كان بيتريق ديماً على جسمها
أرتشفت كاميليا من كأس الشاي خاصتها تنظر نحو الوافدين لذلك المطعم
- ناهد أنا مش بقول أن رسلان بيحب ملك.. لكنه معجب بشخصيتها وده اللي بقيت ألحظه من كلامه مع ميادة عايزها تكون زي ملك
وتنهدت وهي تتذكر حاله الذي أنقلب منذ أن عاد
- ميادة مش بتبطل كلام عنها... وطبعًا التغير اللي حصل لملك واتفاجأ بي لما رجع من سفره خلاه معجب بيها وملك ماشاء الله عليها ليها حضور
- رسلان بيحب ملك يا كاميليا وأنتِ بتحاولي توصليلي ده بصورة تانية مش كده
هي تعلم أن شقيقتها ليست بالغبية ولكنها تبحث عن أفضل الطرق حتي لا تجعل أحدًا خاسرًا.. أكملت إرتشاف الشاي خاصتها بتمهل وهدوء عكس ما يدور داخلها
- وأنا هلف ودور عليكي ليه يا ناهد.. انا كل اللي بقوله بلاش تفضل ملك في وش رسلان بمميزاتها لأن ده هيضيع فرصة مها ولا أنتِ مش عايزه رسلان لمها
- ديه الحاجة الوحيدة اللي بقيت عايزاها يا كاميليا وأنتِ عارفه ده
هتفت بها ناهد بإصرار تنظر نحو شقيقتها تُدير الأمور بعقلها
- بس أنتِ عندك حق طول ما ملك قدام رسلان عمره ما هيشوف مها.. رغم ان مها أجمل لكن ملك مميزة
أسترخت ملامح كاميليا بعدما وصلت لهدفها الذي لا تراه إلا هدفًا مشروعًا
- وهو ده اللي أقصده يا ناهد.. العريس هيجي أخر الأسبوع أقنعي عبدالله بطريقتك.
.............
وضعت أطباق الفطور بسرعة بالغة حتى تعود للمطبخ..أصبحت تشعر وكأنه ينتظر لها خطأ ليصرفها من عملها وهي لشدة تعلقها بالمكان وصاحبه لا تُريد الرحيل
- فتون
توقفت في مكانها دون النظر إليه تقبض على قماش ثوبها.. ألتفت نحوه تُسلط عيناها نحو أي شئ حتى لا تتلاقى عيناها به
- نعم ياسليم بيه
جلس على مقعده وكأنه لم يكن يُناديها منذ لحظات.. تجاهلها بعمد ولكن حديثه كان بعيداً تمامًا عن تجاهله
- الست اللي بتحبيها عملت أيه مع أبنها
أخرجت نفسًا عميقًا لعله يزيح ذلك الثقل الذي يجثم علي روحها الهشة
- هتسافر معاه..
طالعها متأملاً ملامح وجهها المنطفئة.. خشيت أن تبكي أمامه فتمالكت حالها قبل أن تُدير جسدها متجها نحو المطبخ
- محتاج مني حاجة تانية يابيه
- لا يافتون شكراً
تعلقت عيناه بها.. الشيء الذي نسي موضعه يتحرك.. يتحرك بعاطفة يخشى عليها منها.. ذلك الشيء يخبره أنه أفتقد تلك النظرة التي كانت له وحده
وعبارة واحدة أصبح دائمًا في ترديدها
" سامحكِ الله يا سيدة ألفت.."
أخذ يسعل بشدة دون توقف فأنتفضت من علي مقعدها بالمطبخ تُسرع إليه وقد أنتفخت أوداجه من شدة السعال
تناول كأس الماء يرتشف منه.. ولكن السعال لم يتوقف وكأن شيء بحلقه قد عُلق.. طالعته مُترددة من تلك الحركة التي أعتادت رؤيتها ...
دبت فوق ظهره تنتظر النتيجة.. وكانت لها في النهاية ومن حظها أن السعال قد توقف
- بقيت كويس يابيه
أبتلع كأس ماء آخر دفعة واحدة
- الحمدلله.. شكراً يافتون
وهي لم تكن تنتظر منه أكثر من هذا.. شكر ونظرة حانية تُشعرها أنها ما زالت من جنس البشر
.............
إنه يوم الوداع... ذلك الشعور الذي تشعر به الآن هو نفس شعورها عندما ودعت أهلها وقريتها.. ضمتها السيدة إحسان إليها بقوة
- أسفه يابنتي سامحيني... غصب عني
وهي كانت خير من يعلم.. عصام ضغط على كل جزء من مشاعرها سواء أم او جده يشتاق إليها أحفادها
بكت السيدة إحسان كما بكت هي
- دافعي عن حقك يافتون يابنتي
وفتون لم تكن تفعل شيء إلا إنها تشم رائحتها التي ستشتاق إليها
أبتعد عصام عنهم بعدما أغلق الشقة بإحكام وأطمأن على كل شئ وحمل الحقائب لأسفل
طالعت السيدة إحسان خطواته على الدرج وابتعدت عنها تُخرج لها ذلك المفتاح الذي خبأته لها
- ده مفتاح الشقة يافتون يابنتي... خلي معاكي محدش ضامن اللي جاي
دارت عيناها بينها وبين المفتاح تنظر إليها لا تفهم السبب
- امسكي يابنتي قبل ما عصام يجي
وضعته السيدة إحسان داخل كفها وقبضت عليه
- اعتبريه بيتك يابنتي
عاد عصام ينظر نحو والدته يصطحبها للأسفل برفق ولكنه وقف وهو يرى إحتضان والدته لفتون مره أخرى وكأنها بالفعل أبنتها
ظلت فتون ساكنه في مكانها بعدما أختفت السيدة إحسان من أمامها... لم تتحمل وقوفها هكذا ولا ذلك القرار الذي أتخدته ألا تودعها امام السيارة
ركضت على الدرج ولكن جسدها أرتدي للخلف وعصام يقف أمامها
- انا عارف يافتون أن أمي أستأمنتك على مفتاح الشقة
أماءت برأسها تفتح له راحة كفها تنظر نحو المفتاح كما نظر هو
- هنضفها وأخد بالي منها ديما يا أستاذ عصام
- أنا هأجر الشقة يافتون... وأنتي عارفه مدام هتتأجر هتبقى ملك للمستأجر ومينفعش حد تاني يبقى معاه المفتاح
ألتقط المفتاح من يدها بعدما مدته نحوه تعطيه إليه
جلست على الدرج كطفلة صغيرة تنظر حولها تستوحش المكان دونها .. ضمت جسدها بذراعيها خائفة تذرف دموعها
أنت تقرأ
لمن القرار
Romansa* عالمه كان بعيد وموحش.. عالم مظلم تُغلفه الشهوات..شهوات كان يوماً يحتقر والده ويمقته علي انحداره فيها الي ان اتي اليوم الذي أصبح يسير فيه على خطاه ولكن كل شئ تلاشي في ليلة ممطرة مظلمة وكانت صحوة البداية * جاءت من قريتها بضفائرها وجلبابها البسيط وبر...