الفصل الخامس والسبعون (2)
*****
تعلقت نظرات السيده صباح بها بملامح مشفقة بعدما غادرت جنات واتبعها احمس معللًا بوجود أمر هام ينتظره.صوبت فتون أنظارها نحو القطعة الصوفية الصغيرة التي احاكتها، ولم تشعر بحالها إلا وهي تفك خيوط تلك القطعة وتلقي بها بعيدًا.
ارتعبت نظرات السيدة صباح وقد أصاب الذهول ملامحها؛ فاسرعت نحوها تلتقط ما أمامها من كرات الصوف وسحبتها داخل احضانها تسألها في لهفة- فتون.. إيه اللي حصلك يا بنتي..
حاله من الصمت انتابتها، فاستمرت السيدة صباح في احتضانها وتراجعت عن أي حديث ارادت نصحها به.
اخترقت أذنيها الكثير من الأصوات تطبق فوق جفنيها بقوة.. قاومت السيدة صباح رغبتها بالحديث ولكن في النهاية أبى لسانها أن يظل صامتًا.
- ليه بتضيعي عمرك يا بنتي عشان تكوني شبههم ، ليه شايفه نفسك ناقصه عنهم.. ليه تعوضي نقصك من شفقتهم عليكي..
انسابت دموع فتون في صمت تنظر نحو كفيها تفركهما بقوة
- حبي نفسك يا فتون.. متستنيش الناس تحب الأول
تلاقت عيناها بعينين السيدة صباح، فهاهي نفس العبارة التي أخبرتها بها السيدة ألفت تخبرها بها
- الإنسان احيانا بيكون بأيده يختار قرار سعادته وتعاسته ..وانا يا بنتي شيفاكي بتختاري طريق تعاستك
" طريق تعاستها"! سيكون من نصيبها لأنها تركت عالم سليم النجار، الكل وسط حديثه يُخبرها عن ذلك النعيم الذي وضعها سليم النجار داخله.
- اوعي تفتكري إني اقصد حياتك مع جوزك عشان هو راجل غني يا بنتي.. لكن أنا شوفت لهفتك على جوزك كل ما كان التليفون بيرن حتى كلام احمس ليكي لقيته وجعك.. ليه بتعملي كده في نفسك ما دام عايزاه
بتعلثم تمتمت بعدما ازدردت لعابها تبتلع تلك المرارة التي علقت بحلقها
- حكايتنا كانت غلط من البداية
امتعضت ملامح السيدة صباح، فعن أي خطأ تتحدث هي وهناك طفلاً صار ينمو بأحشائها
- لو في غلط فهيكون عندك أنتِ يا بنت عبلة
تعلقت عيناها بملامح السيدة صباح وقد أصبحت على النقيض..
زفرت السيدة صباح أنفاسها بقوة، هي لا تريد أن تُسمعها ما يزيدها وجعًا وتخبطًا لكنها الحقيقة حتى لو هتخبرها بها وجهًا لوجه في أكثر لحظاتها إنكسارًا- في مثل زمان كانوا بيقولوا.. يا بخت من بكاني وبكى عليا ولا ضحكني وضحك الناس عليا..
تهربت نظرات فتون عنها،فالحياة الرغدة كما تُخبرها دومًا والدتها لا تليق بها لأنها تبحث عن الفقر وكأنها تشتاق إليه
- متزعليش مني يا فتون يا بنتِ.. يمكن الكلام بيوجع لكن بيفوق ساعات.. الفرصه مش بتيجي في العمر غير مره.. وربنا عوضك عن كل الأسى اللي عيشتي براجل أي ست تتمناه.. راجل متقبل وضعك وراضي بيكي في حياته وبيحبك
التقطت السيدة صباح كفيها تمسح فوقهم واردفت
أنت تقرأ
لمن القرار
Romance* عالمه كان بعيد وموحش.. عالم مظلم تُغلفه الشهوات..شهوات كان يوماً يحتقر والده ويمقته علي انحداره فيها الي ان اتي اليوم الذي أصبح يسير فيه على خطاه ولكن كل شئ تلاشي في ليلة ممطرة مظلمة وكانت صحوة البداية * جاءت من قريتها بضفائرها وجلبابها البسيط وبر...