الفصل الواحد والثلاثون (1)
*******************
تلك النظرة وحدها هي ما كانت تحتل عينيها.... نظرة ظنت إنها لن تلقيها يومًا نحو أحبابها ولكن هل نظرة الخذلان ترحل عن أعيننا مهما كنا وتخطينا
أطرق الحاج عبدالحميد عينيه أرضًا بعدما صعدت أبنته السيارة ورحلت مع سليم النجار، ذلك الرجل الذي وعده بحياة افضل لأبنته.. حياة سترى فيها النعيم والدلال... حياة ستكون فيها هي السيدة... منذ سنوات أتم زواجها لأن الزواج ستر للفتاة رغم صغر سنها واليوم يُزوجها بعدما أغرته الحياة التي ستعيش فيها أبنته
سار بخطوات متثاقلة وأكتاف متدلية لأسفل... ونظرة الخيبة والخذلان التي شيعتها بهما أبنته لا تفارفه... وللمرة الثانية كان يختار هو القرار لها
- أنت رايح فين يا حاج عبدالحميد
خرج صوت جنات بعدما أنتبهت على رحيله... ولكنها لم تحصل على إجابه منه.. فقد اكمل خطواته راحلًا
............
بناية راقية وشقة كان العنوان واضح منذ ترجلها من السيارة.. تحركت بخطوات بطيئة تنظر حولها بعدما أضاء إنارة الشقة وأغلق باب الشقة خلفهما ... أقترب منها بخطوات ثابتة والسعادة تحتل عينيه..
أغمضت عينيها فما سيكون المنتظر من العروس إلا إن تُلبي رغبات زوجها... ضمها إليه يهمس جوار أذنها
- قدمتله عرض إيه خليته يا وافق!
تجمدت عيناه كحال ملامحه.. فارخي ذراعيه عنها.. فنفضت جسدها عنه بقوة واهية
- سليم بيه لازم يقدم عروض عشان ينول اللي عايزه... ولا أنت رأيك إيه يا باشا
- فتون أنتي بتقولي إيه؟
خرج صوته بعدما رأي نظراتها نحوه وعاد يقترب منها يُلقي عليها سحره الذي جعلها ذات يوم لا ترى أمام عينيها إلا هو
- طبعا لازم تظهر الفارس المغوار... وراجل بسيط زي أبويا قدرت تلعب عليه... هعيشها أحلى عيشه... هساعد أخوها الصغير إنه يوصل لحلمه وينضم لنادي الناشئين اللي عمره للأسف ماهيقدر يوصله... هساعد باقي أخواتها في تعليمهم.
ألجم حديثها لسانه فتراجع للخلف وعيناه مازالت عالقه بها ... هو يريد لها حياة كريمة ولأهلها ولكنه لا يريد مقابل لشئ... لقد خانه القرار للمرة الثانية وها هو يُخطئ.. أفكاره تجعله يسقط في حفرة يحفرها هو بيديه
التمعت عينيها بالحقد تنظر إليه بنظرة شاملة ماقتة
- عرضت عليه يمسك المزرعه بتاعتك... لعبت معاه في أكتر حلم نفسه يحققه... الفلاح البسيط عايز إيه غير كده
إندفع صوبها يقبض فوق كتفيها فتلاقت عيناهم فهتف بعدما إستعاد ثباته قليلًا
- فتون والدك كان هياخدك من هنا... كنتي هتبعدي عن أحلامك...
إسترد أنفاسه المهدورة وأطرق عينيه يُتابع حديثه لعلها تفهمه
- مقبلش عرضي للجواز في الأول خاف لتكوني نزوة في حياتي... مكنش قدامي حل غير كده... كان لازم أستخدم الطريقه ديه لأنها الطريقة الوحيدة اللي هتقنع ابوكي يا فتون
هتف عبارته الأخيرة وكأنه يقصدها... إنحدرت دمعة على كلا خديها سرعان ما ازالتهما
- وأنت عرفت تلعبها معاه صح... سليم بيه المحامي بيعرف كويس إزاي ياخد اللي عايزة بكل الطرق الممكنه
قطب ما بين حاجبيه يستمع لحديثها لا يُصدق أن التي تقف أمامها الأن هي فتون الصغيرة
- أنتي اتغيرتي أوي يا فتون
- الزمن بيغير يا باشا
هتفت بها وتقدمت للأمام بخطوات ثابته تبحث عن غرفة تستشعر فيها راحتها... وقد وجدت أخيراً الغرفة التي راقتها . وقف مكانه مصدومًا لا يستوعب ما حدث.. وبعدما كان يشعر بالزهو لنيله ما أراد إختفي زهوه وسعادته
تهاوي بجسده على أقرب مقعد يدفن رأسه بين كفيه
- كنت فاكرها هتجري تترمي في حضنك... للمرة التانية بتخسر يا سليم
.............
يخطف تلك النظرات خلسة ك اللص يُطالعها وهي تبتسم لصغيريه بعدما غفوا... يستمع لصوتها ووصاياها لمربيتهم بأن تعتني بهم جيداً حتى تأتي إليهم صباحا ولكنها ستتأخر عن موعد مجيئها.
غادرت الشقه فسمح لأنفاسه بأن تعود لطبيعتها... فقد عادت الحبيبه لعالمه... عادت لتسرق فؤاده وأنفاسه ثانية... عادت لتؤكد له أنه لم يكرهها يومًا... وفي حضرتها يكون رجل ضعيف
أسرع نحو شرفة غرفته يصوب عيناه نحو سائقه وهو يفتح لها باب السيارة وينتظر دلوفها... للحظات ترددت ولكن في النهاية أتأخذت مكانها فالطريق للحارة طويل
اغمضت عينيها واتكأت للخلف تسترخي قليلًا بعد يوم مرهق ولكنه كان لذيذ مع الصغار... الصغار الذين هم من دماءها.. صغار شقيقتها التي حاربتها يومًا لتنال الرجل الذي أحبته.. وهي تركت لهم الساحة وانتصروا في النهاية وضاع الحب كما يضيع دومًا في المعارك الصعبة.
وقفت السيارة أخيرًا أمام البناية وقبل أن تنتبه على وقوفها وتترجل منها كان السائق يفتح لها الباب... طالع المشهد الكثير من الأعين المتربصة..شكرت السائق بخفوت وأسرعت في دلوف البناية تتجنب تحديق الناس بها وخاصة الرجال... ندمت على سوء أخذها إعتبار إنها لم تعد تعيش في تلك المناطق التي لا يهتم فيها الناس ببعضهم.
- الأكل يا فتحي
التف فتحي نحو بسمة التي وضعت له صنية الطعام حانقة من تسخينها له للمرة العاشرة... طالعها فتحي متهكمًا بعدما القى بنظرة أخيرة نحو السيارة الفاخمة وهي تغادر حارتهم للتو وقد ترجلت منها تلك الجارة الدخيلة على حارتهم
- حتت عربية... أما إيه بصحيح.. الواحد إمتى يطلع على وش الدنيا ويتنغنغ
وابتلع لقمته والأحلام تراود مخيلته الطامعة... قطبت بسمة جبينها متسائلة بعدما غمست لقمتها في الطبق
- عربية إيه اللي كانت في حارتنا يا فتحي
تأوهت بخفوت بعدما لطمها فتحي على يدها الممدودة نحو طبق الطعام
- إيه مش فالحه غير ليل نهار تاكلي... مش بتشبعي
ابتلعت غصتها مع تلك اللقمة التي استقرت في جوفها بمرارة.. نهضت من أمامه.. فرمقها غير عابئ بها
- اعمليلي كوباية شاي...بدل ما انتي واقفه بصالي في اللقمة كدة
طالعته بمقت ولكن تلك النظرة التي طالما أرعبتها جعلتها تتراجع... فجسدها لم يعد يتحمل ضرباته... اتجهت نحو المطبخ تصنع له كوب الشاي تتمنى داخلها أن يكون أخر كوب يرتشفه من الدنيا ثم رفعت يديها داعية الله أن يخلصها
- يارب يجيلي ابن الحلال اللي يخلصني منك يا فتحي
- بسمة.. بسمة
انبسطت ملامح بسمة واتجهت بعينيها نحو شباك المطبخ
- أنتي رجعتي امتى يا ملك
وسرعان ما تذكرت حديث فتحي عن تلك السيارة الفارهة.. فتلاعبت بحاجبيها
- هي العربية الفاخمة اللي كانت في حارتنا كنتي انتي اللي فيها
لصقت ملك جسدها بجدار الشرفة المطله على مطبخ بسمة مازحة
- هو أنتوا الخبر بينتشر عندكم بالسرعة ديه
التوت شفتي بسمة إستنكارًا تستند بذراعيها على النافذة الضيقة
- ما أنتي سايبه العز وجاية تعيشي هنا...ده الواحده مننا حلم حياتها تمشي من الحارة الفقر ديه
وأردفت بمقت من تأخر ابن الحلال الذي تنتظره منذ أن كانت في سن الخامسة عشر
- أمتي يجي ابن الحلال ويخلصني من الحارة ديه
لم تتحمل ملك سماع المزيد فانفجرت ضاحكة وقد صدحت ضحكتها بالارجاء ولكن سرعان ما تجمدت ملامحها بعدما استمعت لصوت فتحي
- هروح اعمل الشاي لفتحي بدل ما يجي ويعلقني
ونظرت خلفها خشية من قدومه
- هحاول اتسحب واجيلك... اعمليلي من العصير الحلو اللي بتعملي
والقت عليها قبلة في الهواء قبل أن تغلق الشباك وتهرول في صنع كوب الشاي.
اتسعت ابتسامة ملك.. ثم عادت تضحك دون توقف وهيئة بسمة المذعورة لا تترك مخيلتها
التقطت هاتفها دون أن تنظر نحو رقم المتصل بعدما شرع في الرنين.
رفرف قلبه وهو يستمع لنبرة صوتها السعيدة... وبصعوبة هتف بعدما علم إنها أنتبهت أنه من يهاتفها
- وصلتي
أطلقت تنهيدة قوية ووضعت بيدها فوق دقات قلبها المتسارعه
- بكرة هجيلهم وهفضل اجيلهم لحد ما تقتنع وتعرف إنهم محتاجني عشان أربيهم وأرعاهم
- تصبحي على خير يا ملك
أنهى المكالمة بعدما أدرك أن الحديث سيأخدهم لمنعطف مسدود... نظرت نحو هاتفها بعدما أغلق الخط بوجهها فاسرعت في دق رقمه
- أنت ازاي تقفل المكالمه في وشي
- اتنفسي براحه يا ملك
و رسلان أصبح يعرف معنى المراوغة بجدارة...التقطت أنفاسها بصعوبة وأخذت تهدأ رويدًا رويدًا
- انا عايزة ولاد اختي يا رسلان... أنت شايف اتعلقوا بيا ازاي في أيام قليلة
انتظرت جوابة الذي طال ولولا صوت أنفاسه لكانت ظنت إنه أغلق المكالمة للمرة الثانية... أبعدت الهاتف عن أذنها فقد مرت دقيقة وهي تنتظر سماع جوابه وقبل ان تهتف باسمه كان يعطيها الاجابه
- و أنا مش هضيع ولادي يا ملك ولا هضيعك انتي كمان... الصبر واتعلمته كويس و رسلان القديم خلاص إنتهى .. رسلان الجديد مبقاش يعرف يعني إيه تضحية عشان يراضي اللي حواليه
وها هي المكالمة يغلقها دون أن ينتظر سماعها... تجمدت عينيها نحو الهاتف... وعباراته تتردد في أذنيها
ثواني وكان الهاتف يُعلن عن وصول رساله... وتلك الرساله كانت مجموعة من الصور تجمعهما... وصورة وراء صورة كانت تُذكرها بالذكريات القديمة.. ودون شعور منها كانت تُقرب وجهه إليها تتأمل ملامحه وقلبها يعود ليخفق... يخفق بجنون.. يُذكرها أن هذا الرجل هو حبها القديم... هو حلمها الذي سُرق منها... سرقته ناهد لتجعله زوج لأبنتها... رسمت لشقيقتها الخطة ببراعة وشقيقتها سارت عليها...تعمقت في النظر إليه وحديث ناهد الأخير عاد يخترق أذنيها
" رسلان حافظ على سر مها... رسلان لم يترك صغيريه إلا لأنه كان مجروح كما جرحت هي فتركت لهم عالمهم ووافقت على عرض السيدة فاطمة وتزوجت من جسار"
انتبهت على تلك الطرقات الخافته ولم تكن إلا بسمة.. أسرعت بسمة في الدلوف بعدما فتحت لها الباب
- كنت هتقفش يا ملك... ده انا ما صدقت فتحي اتكيف ومبقاش حاسس بحاجة.. ملك مالك واقفه كده ليه
اردفت بسمة متسائلة بعدما أدركت أن ملك لم تكن معها... اقتربت منها تنظر نحو الهاتف فوقعت عينيها على صورة ذلك الوسيم الذي تعرفه
- دكتور رسلان... توم كروز في شبابه
بهيام كانت بسمة تُطالع الصورة وتقلب شفتيها مقتًا
- ده لو البنات في المصنع معايا شافوا هيضربه عبده المقشف بالجذمة القديمة...
واستطردت متسائلة
- ملك انتي سمعاني
انتبهت ملك اخيرًا وقد نالت الذكريات منها وأخذتها لأيام ظنت إنها أنساها لها الزمن
- على فكرة الراجل ده بيحبك اوي يا ملك
تعلقت عينين ملك بها... فسارت بسمة نحو الأريكة تجلس عليها وتستطرد بحديثها
- لما عمي عبدالله جيه يعيش هنا وسطنا كان بيزوره يوميًا... سمعتهم مره كانوا بيتكلموا عنك وعمي عبدالله كان بيترجاه ميسيبكيش ولا يتخلى عن مها
واردفت بمقت وغضب وهي تتذكر تلك السيدة التي كانت سبب في كل ما حدث وقد علمت عنها عندما التقطت أذنيها بعض من حديثهم الذي أصبحت تفهمه اليوم بعد مرور هذه السنوات
- الست ديه هي السبب... لو مكانتش حربت حبكم و دورت على سعادة بنتها وبس لكنها ست أنانيه وبنتها كمان زيها ... أنتي طيبه اوي يا ملك.. رغم كل اللي حصلك منهم رجعتي عشان ولادها تربيهم
- مها مكنتش وحشه يا بسمة... ناهد على السبب
هتفت بها ملك واسبلت اهدابها تخفي دموعها
- عارفه يا ملك لو كنتي بتحبي جسار كان جوازكم تم... مافيش ست وراجل بيكون بينهم مشاعر ويقدروا يقاوموا غريزتهم
علقت عينين ملك بها.. ف الحديث لا يخرج إلا من إمرأة ناضجة ذات تجربة وليست فتاة في العشرين من عمرها... هي التي أتمت الثامنة والعشرين لا تعرف تلك المشاعر التي تقود نحو الرغبة
- لا اوعي تفهميني غلط
لفظت بسمة عبارتها وقد توردت وجنتيها خجلًا من نظرات ملك الفاحصة
- يقطعهم البنات معايا في المصنع مش وراهم حكاوي غير كده.. بقى عندي خبرة اد كده
ومدَّت يديها حتى تصف لها مقدار خبرتها.. وكالعادة عندما تشعر بالحنق من أمر ما تقلب شفتيها لاسفل
- وابن الحلال مش راضي يجي وسايب فتحي يبيع ويشتري فيا... بس هو اللي خسران
والحديث مع بسمه كان يأخد منعطف أخر... منعطف يتقافز معه القلب من شدة الضحكات.
..............
فتحت عينيها بعدما شعرت بشئ غريب يسير فوق وجنتها... ابتسم وهو يراها كيف تحدق به وكأنها لا تستوعب الأمر... ردة فعلها كان يتوقعها مما جعله يتقبلها بصدر رحب فالطريق مازال طويلا بينهم
- أنت بتعمل إيه هنا؟
وبهدوء كان يسحب حاله من فوق فراشها يضبط من وضع ساعته
- عندك محاضرة بعد ساعة ونص ... واظن مافيش وقت قدامك
التقطت هاتفها تُطالع الوقت... فانتفضت من فوق الفراش وانتصبت على قدميها تنظر نحوه بغضب
- عدي من الساعة عشر دقايق واخرتيني على إجتماعي
طالعته بذهول فمن هذا الرجل الذي أمامها اليوم
- عدي خمس دقايق
تركته مندفعة نحو المرحاض تطالع هيئتها في المرآة تلتقط أنفاسها... غادرت الغرفة بعد نصف ساعة ولم يعد أمامها أي وقت إضافي حتى تتدلل في خطواتها... ركضت نحو باب الشقة دون أن تهتم بشئ أخر فعقلها هذه اللحظة مع تلك المحاضرة وذلك المحاضر الذي لا يستطيع أحد الدلوف بعده
- رايحه فين قبل ما تفطري
توقفت في مكانها واستدارت نحوه
- رايحه الجامعه ومتأخرة يا سليم باشا ومش عايزة افطر
حاول تجاوز نبرتها المتهكمه واندفع صوبها...التفت تكمل سيرها ولكنه كان أسرع منها فالتقط ذراعها...
ظنته سيمارس عليها سطوته كما كان يفعل بها حسن قديما وكما فعل هو تلك الليله وكما فعل الكثير منهم
- مش هتمشي غير لما تفطري وبعدين انا هوصلك يا فتون
نفضت ذراعها عنه ترمقه بنظرة خاليه من أي شئ
- شكرا.. وفر حنانك لحد تاني مش الخدامين ولاد الفلاحين
تجمدت عينيه ولكن سرعان ما استرخت ملامحه مجددًا
- قولت هتفطري يعني هتفطري... مش معقول اكون محضرلك الفطار بنفسي وترفضي ده... وبما اني راجل مش معطاء ومستغل فاعرفي الفرصة مش هتكرر تاني
وكأنه فتح لها الطريق حتى تجد ما تصنعه في خيالها فتثبت لقلبها كم هو رجل مخادع وإذا ارتجف ودق في وجوده سيكون خائن ضعيف
- عارفه دوري بعد كده مع سليم بيه النجار... هكون خدامه
اجلسها عنوة فوق المقعد فطالعت الطاولة المعدة وكأن أحدهم أعدها وليس سليم النجار الذي إعتاد أن يخدمه الجميع
- دورك إنك مراتي وملكة في بيتك يا فتون
نفضت يده الممدودة إليها فسقطت الشوكة من يده
- قولت مش عايزة منك حاجة...مش عايزة حاجة منك أنت بالذات
وبسلاسة كان يُجيبها
- فاضل على المحاضرة نص ساعة يا فتون
تجمدت عينيها نحوه الطبق واسرعت في النهوض
- لو مستنتيش عشان اوصلك مش هتوصلي في الميعاد خالص... غير دكتور تامر هيطردك
فتحت باب الشقة دون أن تعبأ بهتافه... وكم كان حانقا من تصرفها...عقله يهتف به بأن لا يتهاون ولكن قلبه يطالبه بالصبر فهو من جعلها كارهة له.. فهو من إستغل والدها هو من وضع قانون صك ملكيته وهو من أرادها.
من حسن حظه لم تجد سيارة أجرة ومن سوء حظها ندمت لرفضها عرضه ... رأته وهو يصعد سيارته فاشاحت عينيها عنه
فوقف بسيارته أمامها
- فتون اركبي وبطلي عند... مصلحتك دلوقتي تروحي محاضرتك بدل ما انتي مضيعه اغلب المحاضرات وديما مطرودة منها
صعدت حانقة فابتسم ولكن سرعان ما اخفاها حتى لا يزداد حنقها
- هتعملي إيه بعد الكلية
لم تجيب عليه فعاد يكرر سؤاله ولكنها ظلت صامتة... تخبر حالها لا بد أن تُحارب ذلك الرجل وتثأر لحالها...
دلفت المحاضرة متأخرة كالمعتاد ولكن تلك المرة لم تطرد منها..فالدكتور تامر أخبرهم اليوم أن لا أحد سيطرد من تلك المحاضرة لأهميتها ولكن بعد إنتهاء المحاضرة وإستدعاء دكتور تامر لها.. جعلها تعلم أن عدم طردها اليوم كان وراءه سليم النجار... فدكتور تامر صديق للعائله والكثير من الشكر والمدح في عائلة النجار وخاصة سليم وكم يعتبره اخ صغير له
غادرت مكتب الدكتور تامر وسارت دون هدف ... فانتبهت على صوت أحمس ثم اقترب منها يسألها بلهفة وقلق
- انتي كويسه يا فتون... حقيقي من امبارح قلقان عليكي من ساعة اللي حصل وأنا مصدوم... مش ده نفس الراجل اللي شوفته في المطعم
واستطرد في حديثه وهو يسير جوارها
- أنتي كنتي تعرفيه مش كده يا فتون
لفظت أنفاسها ووقفت قبالتها تطالعه
- أحمس ديه حكاية طويله ومش حابه اتكلم فيها ممكن
احترم رغبتها واطرق عينيه خجلًا من فضوله وثرثرته
- هنفتح المطعم ولا خلاص كده
والإجابة كان يحصل عليها أحمس وهم يمارسون مهمتهم في إعداد الطعام وترتيب المطعم
.............
نظر نحو سائقه الذي دلف للتو وأطرق رأسه يخبره عن عدم قبولها بأن يصطحبها لوجهتها
- رفضت يا بيه... ومشيت مع الواد إياه اللي شغال معاها في المطعم
إنصرف السائق بعدما أشار إليه سليم بالمغادرة.. قبض فوق القلم حانقا..وشعور الغيرة يتغلغل داخله
نهض عن مقعده وقد اتخذ قراره أن يذهب إليها ويرى بعينيه ماذا تفعل
دلفت مديرة مكتبه تخبره عن وجود جنات ورغبتها في رؤيته..
وقفت جنات قبالته وهو كان خير من يعلم ماذا تُريد منه
- ساعدتك إنك تتجوز فتون... وجيه دورك إنك تنفذ وعدك وتساعدني اخد ارض أبويا الله يرحمه من ابن عمه
.............
تجمدت عينين جيهان نحو النادل الذي وقف يقدم لهم الطعام في ذلك المطعم الذي اختاره جسار لتناول غدائهم... إرتجف جسدها تنظر نحو يديها تفركهما في توتر
- حببتي الاكل هنا هيعجبك حقيقي يجنن
ابتسمت جيهان حتى لا تشعره بشئ ورفعت عينيها نحو النادل الذي وقف يرمقها ساخرًا
لم تمس من طبقها إلا القليل فعينيها كانت مع الواقف في أحد الأركان ينظر إليها بحقد وكأنه يخبرها إنه لن يتركها
- مبتاكليش ليه يا حببتي
وضعت يدها فوق يده ورسمت فوق شفتيها إبتسامة هادئة خفت خلفها مشاعر خوفها
- ماليش نفس... وعايزه امشي من هنا
إبتسم وهو ينهض عن مقعده وقد مسح شفتيه بالمحرمة البيضاء
- اوك يا حببتي هدخل الحمام وهرجع نحاسب ونمشي.. مع إن المكان هنا تحفه
إرتاحت قليلا ونهضت عن مقعدها حتى تغادر وتنتظره جوار السيارة... ولكن حركتها تجمدت وهي ترى ما تخشاه يتحقق جسار يقف يتحدث مع النادل وظهره إليها.. ابتلعت لعابها وهي تراه يلتف نحوها يرمقها بملامح جامدةيتبع بإذن الله ( قراءة ممتعة)
#لمن_القرار ❤️
#سيمو
أنت تقرأ
لمن القرار
Romance* عالمه كان بعيد وموحش.. عالم مظلم تُغلفه الشهوات..شهوات كان يوماً يحتقر والده ويمقته علي انحداره فيها الي ان اتي اليوم الذي أصبح يسير فيه على خطاه ولكن كل شئ تلاشي في ليلة ممطرة مظلمة وكانت صحوة البداية * جاءت من قريتها بضفائرها وجلبابها البسيط وبر...