الجزء الثاني ( الفصل الخامس )

2.4K 74 12
                                        

كنت في حالة من الفوضى العقلية. كلمات فيليب ترنّ في أذني كناقوس خطر، لكنني رفضت التصديق. كيف يمكنني ان أثق بشخص غريب؟ قررت الابتعاد عنه لتصفية ذهنها.

تقدمت ببطء نحو باب زجاجي كبير، يطل على الخارج. دفعت الباب بحذر، وصوت الهواء البارد استقبلني برفق. خطوة واحدة للخارج، ووجدت نفسي في شرفة زجاجية تطل على منظر لم يكن أقل من كونه سرياليًا.

أمام عينيّ، ظهرت مدينة لم أرَ مثلها من قبل ،مبهرة إلى حد يفوق الخيال. مبانٍ شاهقة تمتد نحو السماء، واجهاتها مضيئة بشاشات ضخمة تعرض صورًا متغيرة باستمرار. سيارات تطير في السماء بهدوء، تتنقل في طرق غير مرئية. الأضواء الملونة تتراقص على أسطح المدينة، بينما كانت شوارعها تعج بالحياة.

همست لنفسي، وكأنني أحتاج إلى سماع صوتي لأصدق ما أراه:
"أين أنا؟"

صوته جاء من خلفي، هادئًا لكنه يملأ المساحة بأكملها.
"أنتِ في يوتوبيا."

استدرت ببطء لأواجهه، الصدمة تتملك ملامحي.
"يوتوبيـا؟ أليست هذه المدينة التي تحكمها الملكة إليزابيث؟" سألت بصوت مرتجف، ثم أكملت، "هل تعرف أنني هنا؟"

هزّ رأسه ببطء.
"نعم، تعرف. انت في القصر الملكي ."

تراجعت خطوة للخلف، وكأنني أحاول وضع مسافة بيني وبينه، بيني وبين الحقيقة التي يحاول إخباري بها.
"لماذا؟ لماذا أنا هنا؟"

اقترب مني، محاولًا تهدئتي. لكن صوته لم ينجح في كسر الجدار الذي بدأت أبنيه بيننا.
"مارية، انتظري. بالطبع الملكة لا تعرف كل شيء.. طلبت مني أن أتلاعب بك، أن أكذب عليك."

تجمدتُ، ملامحي مشوشة، وقلبي ينبض بشدة.
"لماذا؟ لماذا لا تستطيع فعل ذلك؟"

نظر إليّ بعينيه المثقلتين بشيء لم أستطع تفسيره، ثم قال بصوت منخفض:
"لأنكِ... لأنكِ تعنين لي أكثر مما أستطيع قوله."

لم أستطع الرد. الكلمات تجمدت في حلقي، لكن قبل أن أتمكن من استيعاب ما قاله، صوت خطوات كعب عالٍ اخترق الصمت.

التفت نحو الباب، وهناك كانت تقف إيزابيلا .

كانت كما أتذكرها، بل أكثر جمالًا وقسوة. زوجة يوري السابقة، المرأة التي لم أرها منذ خمس سنوات، لكنها لم تتغير أبدًا. شعرها الأشقر الطويل ينسدل على كتفيها، وعيناها تلمعان ببرود أشبه بحد السكين.

ضحكت بصوت عالٍ، ضحكة مشحونة بالسخرية.
"أوه، مارية، يا عزيزتي. هل اشتقتِ إليّ؟"

شعرت أن قدميّ تجمدتا في مكاني.
"ما الذي تفعلينه هنا؟ لماذا تظهرين الآن؟"

تقدمت بخطوات هادئة، وابتسامة ساخرة تزين وجهها.

"إيزابيلا: "أنا؟ أنا هنا لأستمتع بالمشهد بالطبع. رؤية هذه اللحظة التي تنهارين فيها تمامًا... كانت تستحق كل هذا الانتظار."

خادمتي اللذيذة ( غموض/رومانسي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن