الجزء الثاني ( فصل 21 )

2.2K 65 12
                                        

احتضنتُ إيلا، ودفنتُ وجهي في شعرها الناعم، أتنفس رائحتها كما لو أنني أخشى أن تختفي مجددًا. يداي كانتا ترتجفان وهي بين ذراعي، أصابعي تمسك بها كما لو أنني أخشى أن تكون مجرد وهم، أن يكون كل هذا حلمًا سينتهي عندما أفتح عيني.

لم أكن أصدق أنها على قيد الحياة.

دموعي الساخنة انهمرت على خدّيها الصغيرة، لكنها لم تبكِ، لم تقل شيئًا، فقط تمسكت بي كما لو كانت تدرك أنني بحاجة إليها أكثر مما تحتاج إليّ.

"إيلا..." همستُ، وكنتُ أريد أن أقول شيئًا آخر، لكن الكلمات علقت في حلقي، ثقيلة، كأنها تنتمي لشخص آخر، لحياة أخرى.

ثم...

انفتح الباب.

كان الصوت هادئًا، لكنه اخترقني كطعنة. ارتجفت إيلا بين ذراعي، رفعتُ رأسي ببطء، وقلبي يدق بجنون كأن جسدي أدرك ما سيحدث قبل عقلي.

فيليب.

وقف عند المدخل، الظلال تلتف حوله كما لو كانت جزءًا منه. عيناه الهادئتان، الباردتان، نظرتا إليّ كأنهما تنتظرانني لأفهم شيئًا لم أفهمه بعد.

خطا خطوة إلى الداخل، مشى بهدوء شديد، لم يكن هناك شيء في وجهه يوحي بالغضب، أو حتى بالشفقة. فقط اليقين.

لم أتحرك.

التفتتُ إلى إيلا، شددتُ عليها بقوة، كأنني أتمسك بالجزء الوحيد من هذه الحياة الذي لا يبدو كذبة.

"حان الوقت يا ماريا."

تجمدتُ.

حان الوقت؟

اقترب أكثر.

"حان الوقت لتتذكري من تكونين."

لا.

هززتُ رأسي بعنف، لكنني لم أبتعد، لم أتمكن حتى من النهوض.

"لا أريد أن أتذكر." همستُ، وصوتي بالكاد خرج.

لكن فيليب لم يستمع.

ركع أمامي، كانت إيلا ترتجف، تشبثتُ بها كدرع بيني وبينه، لكنه لم يحاول أخذها، لم يمد يده إليها حتى.

بل وضع يديه على رأسي.

أصابعه باردة، لكنها لم تكن قاسية. كانت ثابتة، واثقة، كأنه كان يعرف ماذا يفعل.

ثم...

انفجر رأسي بذكريات لم أكن أعلم أنني فقدتها.

لم يكن الأمر كحلم، ولا ككابوس. كان مثل أن يسحبك أحدهم من الواقع، يرميك في ماضٍ لا يمكنك الفرار منه.

رأيتُ نفسي.

رأيتُ مكانًا لم أكن أعلم أنني عرفته يومًا، قصرًا تحيط به الظلال، أصواتًا تهمس باسمي، وجوهًا نظرت إليّ برهبة، بأمل، بخوف.

خادمتي اللذيذة ( غموض/رومانسي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن