.كان يقول لي صغيرتي و عزيزتي .. و كنت أصدقه كالبلهاء .. وعدني ببيت أسكنه فأخذني الى قصره لأعمل خادمة وضيعة تستحقرني زوجته .. كنت أرى الهناء في عينيه و ألمس يديه فأشعر بالإطمئنان و أشعر أنني في أمان .. و أقول لنفسي أحبه ! و لكن كان مجرد مسرحية إسمها...
وقف يوري في منتصف جناحه، يحدق في انعكاسه على المرآة الطويلة. عيناه رماديتان كانتا تلمعان تحت ضوء المشاعل الخافت، لكنهما كانتا فارغتين من أي شعور. لم يكن هذا ما خطط له، لم يكن هذا ما أراده، ومع ذلك... كان قد حدث.
دُفع الباب برفق، ودخلت فتاتان، خادمتان اختارتهما الملكة بنفسها. كانتا بشريتين، جميلتين بطريقة هادئة، لكن عيونهما كانت تحمل خوفًا خفيًا. كانتا تعرفان من هو، تعرفان ما أصبح عليه، ومع ذلك، تقدمتا نحوه بصمت، رؤوسهن منخفضة، وبدأتا في العمل.
إحداهما نزعت عنه سترته الثقيلة، أصابعها المتوترة تلامس بشرته. الأخرى انحنت لتخلع حذاءه، حركاتها حذرة وكأنها تلمس وحشًا قد ينقض عليها في أي لحظة.
لكنه لم يتحرك، لم يقل شيئًا.
كان يشعر بنظراتهن المرتعبة، يشم رائحة ترددهن، لكنه لم يهتم. لأنه في داخله... هناك شيء آخر، شيء ينمو كجمر مشتعل في قلبه.
ثم... قبل أن تكمل إحداهن فك أزرار قميصه، توقف الزمن للحظة.
صرخة حادة دوّت من بعيد.
كانت صرخة ليست بشرية بالكامل، ليس حيوانا ... كانت شيئًا بين هذا وذاك، شيئًا وحشيًا، معذبًا، وغاضبًا.
ارتجفت الفتاتان، تجمدتا في مكانهما، لكن يوري؟
يوري فقط رفع رأسه، وشفتاه تقوّستا في ابتسامة بطيئة، مرعبة.
لأنه كان يعرف.. ما يحدث ؟!
لقد بدأ التحول..
تردد صدى الصرخة عبر جدران القصر، كأنها زئير وحش قديم خرج من أعماق الجحيم. ارتعدت الخادمتان وسقطتا على ركبتيهما، أيديهما تغطيان أذنيهما، لكن يوري ظل ثابتًا في مكانه، تلك الابتسامة المتوترة لا تزال تزين شفتيه.
خرجت صرخة أخرى، هذه المرة أقرب، أقوى، مصحوبة بصوت تمزق شيء حيّ، كأن اللحم والعظام تعيدان تشكيل نفسيهما بالقوة.
"إنه... إنهيأتيمنالأعلى..." تمتمت إحدى الخادمتين، صوتها بالكاد مسموع وسط الفوضى التي بدأت تعمّ القصر.
لكن يوري لم يكن بحاجة إلى تفسير.
لقد شعر به.
شعر بالدماء الجديدة التي تنساب في عروقه، شعر بالوحش الذي يركض في مكانٍ ما فوقه. قلبه بدأ ينبض بجنون، لم يكن خوفًا، بل إثارة... ترقب...
ثم...
تحطم السقف فوقه.
بلمحة خاطفة، رأى الظلال تتكاثر، الجدران تتشقق، والغرفة بأكملها تهتز تحت وطأة شيء ضخم، شيء كان يتلوى بين الأنقاض المتساقطة.
كان الوحش أحدى زوجاته الجميلات .
لكنها لم تكن كما كانت.
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.