الجزء الثاني ( فصل 20 )

2.3K 70 10
                                        

ماريا كانت غارقة في احتضان إيلا، تبكي بصمت وكأنها لم تصدق أن طفلتها عادت إليها. لكن يوري لم يكن معها في هذه اللحظة.

كان عقله قد انسلخ عن الحاضر وسُحب نحو ماضٍ بعيد، نحو الذكرى التي لم يستطع يومًا أن ينساها.

قبل مئة عام

كل القصص المرعبة تبدأ بنفس الطريقة: صرخة، دماء، وعتمة باردة تبتلع اللحظة الأولى للوجود.
لكن قصة يوري لم تكن كأي قصة أخرى.

في الليلة التي وُلد فيها، انطفأت المشاعل في قصر آل أكوادور، وصرخت والدته صرخة ليست كأي صرخة، بل كانت أشبه بعواء، كأن شيئًا عتيقًا ومخيفًا قد شق طريقه من رحمها إلى العالم.
كان الأب جالسًا على كرسيه المخملي، يراقب القابلات وهن يتبادلن النظرات المذعورة. شيء ما لم يكن طبيعيًا.

ثم جاء الصوت.

صوت هدير منخفض، أشبه بزئير مكبوت. صوت لم يكن يجب أن يصدر عن وليد صغير . كانت الغرفة تشتعل بالخوف قبل حتى أن يُرفع الجسد الصغير أمام الجميع.

جسد مغطى بفراء رمادي، أذنان مدببتان، عينان حمراوان كدم متجلط، وأنياب صغيرة خرجت قبل أوانها. لم يكن هذا الطفل بشريا ولا حتى ابن الهجينين.
لقد وُلد ذئبًا.

في سلالة أكوادور، لا يفترض  أن يكون الشكل الحقيقي للهجين هو الذئب. كان يجب أن يكون هناك تحكم، توازن، إرادة تحدد متى يكون الوحش ومتى يكون الإنسان. لكن هذا الوليد لم يكن لديه خيار. لقد خرج إلى العالم كخطأ في قوانين الطبيعة، ككابوس يرتدي هيئة طفل.

نظر إليه والده نظرة واحدة، ثم بصق على الأرض.
"خذوه بعيدًا." قالها بصوت بارد، كأنه يرفض حتى الاعتراف بالدم الذي يجري في عروقه.
"اقضوا عليه."

ثم بدأ النبذ.

لكن الموت لم يأتِ.

لأن شخصًا آخر كان ينتظره في الظلال.

في زاوية القصر، حيث الظلام كثيف لدرجة أنه يبتلع الضوء، وقف رجل طويل، أكتافه مغطاة بمعطف أسود ثقيل، وسيم بملامح باردة، شعره الذهبي ينسدل على كتفيه كأشعة شمس خبيثة، وعيناه كانتا بلون الدم المتخثر. لم يكن واحدًا من الخدم، ولا من الحراس. لم يكن ينتمي لهذا المكان.

كان اسمه فيليب، وكان هناك من أجل يوري.

لم يتحدث حين رأى الصغير يُنتزع من بين يدي أمه، لم يُظهر أي ردة فعل حين سمع قرار الإعدام يُنطق كأنه أمر روتيني. فقط انتظر.

وعندما حلّت الليلة، عندما أُخذ الطفل إلى الغابة حيث لا أحد يسمع الصرخات، جاء فيليب كظل، بلا صوت، بلا تحذير.

وقف أمام الحراس، الذين لم يكن لديهم وقت ليستوعبوا ما يحدث قبل أن تنغرس أنيابه في رقبة أحدهم، بينما سقط الآخر دون صوت، عينيه متسعتان من الرعب.

خادمتي اللذيذة ( غموض/رومانسي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن