دع خيالك يقودك إلى هذا المشهد..الى ليلة سوداء كالعدم.. فوق جزيرة جلاجابوس يتوهج قمر يشبه الدم كأنه جرح مفتوح في سماء .. الرياح تعوي كصرخات خافتة.. يشد الأنفاس ويجعل الليل يبدو ككابوس ..وفي وسط الفوضى..تقف الكاهنة إيلونا كشعلة هادئة وسط العاصفة.. شعرها يرفرف في الهواء كما يرفرف العلم في وسط معركة دموية..يتمايل فوق ركام الجثث، يعلن عن صمود لا تنكسر..، عيناها غارقتان بحزن لا يطاق ..أمامها على الأرض جثة ابنتها التي لم يتبقَ منها سوى أشلاء.
هل جربت ذلك الشعور؟ كأن شيء ما في داخلك يتشظى، كأن حزنك يتحول إلى طاقة قاتمة لا يمكن السيطرة عليها ؟ هذا ما حدث لإيلونا تلك الليلة. حملتها الغريزة أولًا لتصرخ حتى كاد صوتها يُمزق السماء... لكن الصراخ لم يُطفئ نارها. ..لا شيء يمكن أن يُطفئ ما شعرت به في تلك اللحظة...لذلك .. فعلت ما لا يمكن أن يفعله إلا من فقد كل شيء.. لَعَنَت..و لعنت ..و لعنت .
لا.. لم تكن لعنة عادية... ليست تلك الكلمات المبتذلة التي تسمعها في قصص الأطفال. ..لا. هذه كانت لعنة حقيقية.. لعنة مغروسة في أعماق الظلام .. و الأرواح الغاضبة فيه تترصد الفرصة للانقضاض.. الكاهنة كانت تعرف ما تفعل.. وقفت تحت القمر القرمزي ورفعت يديها الملطختين بدم ابنتها.
"يا قمر الدم، يا حامي المظلومين، اسمعني..."
كان صوتها كالسكين، يقطع الهواء البارد. حتى الحيوانات توقفت عن الحركة.. هناك هدوء رهيب.. لحظة من السكينة .. تلك التي تسبق الكارثة ..
"أيها القمر، اشهد لعنتي،
ليُسلب من سلالة أكوادور ما يجعلهم بشرًا.
ليعيشوا كل مائة عام كأشباه أحياء، قلوبهم خاوية، عواطفهم ميتة، بلا حزن ولا حب،
وليُصبحوا آلات من الجفاء تسير بلا رحمة،
ولا يُكسر قيدهم إلا بأن يقتلوا أعز أحبائهم،
ليشعروا بالألم الذي أذقوه لي،
وليعرفوا أن الدماء التي سفكوها ستطاردهم إلى الأبد."
ثم حدث شيء غريب. القمر، ذاك القمر القرمزي، بدأ يتوهج كأنه قلب ينبض. الضوء الذي أطلقه كان غريبًا، مثل وميض حريق بعيد في عينك، لكنه لا يختفي. الأرض ارتجفت، والهواء صار ثقيلاً. بدا أن شيئًا قد تغير في الجزيرة .. في العالم نفسه.
ومنذ تلك الليلة، لم تعد سلالة أكوادور كما كانت.
**** ****
دموعي كان جمرًا يطفو فوق رماد قلبي المحترق.
ها أنا ذا، جاثية على ركبتي، يداي متشبثتان بجثته كأنني أستطيع، بقوة إرادتي وحدها، أن أعيد إليه الدفء. لكن الموت عنيد. الموت لعين. الموت لا يستمع إلى توسلاتي. لا يهم كم مرة همست باسمه، كم مرة رجوت الكون أن يعيد لي ستيفن. لا يهم. الجثة بين يدي باردة...قاسية... قطعة لحم منسية في الثلج.
هذا ليس ستيفن.
استيفن الذي كانت وسامته في صوته، في ثباته، في الطريقة التي يقول بها اسمي.. الرجل الذي كان يمدّ يده لينتشلني من الظلام.
أنت تقرأ
خادمتي اللذيذة ( غموض/رومانسي)
Mystère / Thriller.كان يقول لي صغيرتي و عزيزتي .. و كنت أصدقه كالبلهاء .. وعدني ببيت أسكنه فأخذني الى قصره لأعمل خادمة وضيعة تستحقرني زوجته .. كنت أرى الهناء في عينيه و ألمس يديه فأشعر بالإطمئنان و أشعر أنني في أمان .. و أقول لنفسي أحبه ! و لكن كان مجرد مسرحية إسمها...
