كولِن
توقفت أنفاس ماتيو مُحدقاً بي بدهشة عارمة. أعاد خبزته المُشبعة بمربى التوت البري للطبق ببطء وحرص. الشلل أصاب البقية كما يبدو. وبصوت هادئ قال: "أُيمكنك إعادة ما قلته للتو أخي؟ أعتقد بأن أذني سمعت الكلمات الخطأ وأود التأكد إن كنت أحتاج إلى مشورة طبية"
"أذنك لا تعاني من أي خطب ماتيو، من الآن فصاعداً لن ينام أي منا معك في غرفة واحدة، وبطبيعة الحال، على سرير واحد أيضاً. وإن كنت تتساءل عن السبب فالإجابة بسيطة جداً؛ يجب أن تبدأ كالتصرف كأمير حقيقي ونومك معنا وكأننا أطفال مدرسة داخلية لا يساعد على ذلك. كما أننا يجب أن نضع حداً للشائعات اللعينة بشأن علاقتنا"
نهض من مقعدهِ مقترباً مني: "أعتقد بأنك تعلم بأنني لا أهتم إن كان أحدهم يراني كأمير حقيقي هنا. سأُدير هذا المكان بدون اعترافهم أو هُرائهم"
"نعم أعلم ذلك جيداً ولذلك قررت اتخاذ أولى الخطوات لإقناعك بأن نظرة من حولك هنا هي ما تُحدد ما أنت عليهِ وراء أسوار القصر. أن تُعرف بالطفل الذي لا يستطيع النوم في غرفة منفصلة عن عائلتهِ تُظهرك كجاهل لا يعلم شيئاً عن العادات الملكية. دماء البرايمرد التي تجري في عروقك هي ما تجمع الناس من حولك الآن ولن يتوانوا عن التخلي عنك ما إن تبدأ في تخييب توقعاتهم"
"أعلم عن هذهِ التوقعات أكثر مما تظن، تكفيني هذهِ الدماء اللعينة لأبدو لهم كقائد جبّار"
"وستبدو لهم كطفل جبان إن استمر الحال هكذا. الملك كريس قام بتلبية هذهِ التوقعات كبرايمرد حقيقي، الملك ليوبولد فشل في تلبية هذهِ المطالب كبرايمرد عاجز. قل لي من استطاع خوض الحرب والفوز بها منهما؟"
"وما علاقة الحرب بمن ينام في غرفتي؟"
"كل شيء ماتيو. يجب أن نبدأ من قعر عاداتك السيئة وإلا فشلنا في الاستمرار فيما تبقى. ستنام وحيداً وتصحو في الصباح الباكر لتأكل فطورك في غرفة الطعام الملكية ولن تدخل المطبخ بعد الآن. هذا ما يجب أن يكون عليهِ صباح أمير البرايمرد"
اندفع ماتيو خارج الغرفة متجاهلاً رداءه الملكي ذاهباً لتحية الملكة بوجه لا يود سماع المزيد. اقتربت مني رين بابتسامة حيادية: "كان يجب عليك اختيار وقت متأخر لمثل هذا الاقتراح، سيظل متجهماً طوال اليوم"
أنت تقرأ
المفقود
Historical Fictionالمفقود حكاية عن ذلك الفتى الصغير الذي لطالما آمن بوجود دفء عائلتهِ إذا ما بحث عنه جيداً، إلّا أنّ الحياة تعلّمه أنّ الفرق بين الآمال والواقع قد يؤدي إلى هلاكهِ. فتبدأ حكايته وحكايات العديد من الشخصيات التي سترى النور بوجودهِ، لكن هل هو بالفعل لا يم...