المفقود حكاية عن ذلك الفتى الصغير الذي لطالما آمن بوجود دفء عائلتهِ إذا ما بحث عنه جيداً، إلّا أنّ الحياة تعلّمه أنّ الفرق بين الآمال والواقع قد يؤدي إلى هلاكهِ. فتبدأ حكايته وحكايات العديد من الشخصيات التي سترى النور بوجودهِ، لكن هل هو بالفعل لا يم...
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
ماتيو
كنت أحاول تسلّق شجرة باسقة الارتفاع لأول مرة. كنت ما أزال صغيراً وجاهلاً بمعظم ما يجول في العالم فدفعني الفضول إلى تقصي الأمور من أعلى قمّة أعرفها لأكتشف مدى اتساع الغابة، أو العكس، مدى ضيقها وتوقف الحياة عند حدودها. أتذكر أثناء تشبّثي بالأغصان التي تعلوني ازدياد ضوضاء العصافير مُحاولة تحذيري من شيء سيء. لم أكن حينها أمتلك الكثير من الكلمات، ولكن بطريقة عجيبة كنت قادراً على تفهمهم بدقة بلا حاجة إلى لغة. لم آبه بهم. أكملتُ طريقي نحو القمة والشمس تظهر بين الغيوم وتعاود الاختباء في مناورات مستمرة. ومن ثم رنّ فجأة صوت البيانو بلحن حزين ومقيت جداً. هكذا وحده وبفوضوية مزعجة. لقد كنت أكرهه لأنني أدركت بأنه كلما عُزف كلما سكُبت الدماء على ملابس الرجل البارد مما يُثير فيني الضيق والخوف. وقبل خروجي من السقف الأخضر نحو الهواء الطلق للسماء أردتني قوّة سحيقة على الأرض شبه مقتول. أتذكر الألم. أتذكر صعوبة التنفس وتقوّس ظهري كما الممسوس على العشب المسحوق أسفلي. تجمدت الطبيعة مع اقتراب خطواتهِ التي كما توقعت تماماً، تترك آثار دماء برّاقة في كل زاوية خضراء.
هل ستتغلب على الموت مجدداً؟ هل تقول بأنني فشلتُ مجدداً؟ أم تهزأ بي لأن رؤيتي ما تزال ناقصة ولا تُقارن برؤيتك؟ هل تتألم؟ إذاً ما كان يجب عليك التساؤل والتخيل كما نهيتك وحذرتك مراراً!!
اعتدتُ كلماته، القاسية والطيبة، وكان من السهل لي دائماً فهمها وإن سمعتها للمرة الأولى. ولكن كلماتي التي ترجوه أن يقتلني بالفعل دائماً ما تجد صعوبة في الخروج. لا. بل كنت أنا من يود قتله والتخلص من الحياة القريبة من الموت التي أعيشها معه!
إن عزف زوجتي أفضل من هذا العزف المريع بعشرات المرات فلم أستطع نسيانه! هل أنت من قمت بحمايتي تلك الليلة؟ هل يتردد في قتلي بسببك؟
لم أفهم عليهِ فقد كان مثل المرة السابقة يستخدم الكثير من الكلمات التي لا أستطيع ترجمة معانيها في رأسي. ولكن كل ما كنت أعرفه هو بأنني لم أكن أود لهذا الرجل الدافئ أن يموت وترتش دماؤه فوق ملابس الرجل البارد. وبأنني أيضاً أود الخروج برفقتهِ!
لا أستطيع أخذك معي فهذا الشيء اللعين أقوى مني والحل الوحيد لكسر هذهِ اللعنة هو عودتك بنفسك إلى القصر!
