89 وعاء

11.4K 929 2.4K
                                    

ماتيو

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

ماتيو

زاغتْ عيني نحو يدي اليسرى؛ خمس أصابع. تحولتُ نحو يدي اليمنى؛ أربع أصابع مع الكثير من الدماء تنسكب في شلال غليظ يُضحي رفيعاً مع جريانهِ على العشب. وما يُثير قلبي عاصفاً هو عدم إحساسي بذرة ألم واحدة وإصبعي الصغير يترنح أمامي في يدها. أرجحتهُ يُمنة ويُسرة بيدها المخضّبة بدمائي، باسمة، تهتز ضفائرها المنسدلة على ذراعيْها العاريتين من الأكمام وكأنها تستمع إلى موسيقى مرحة، وكأن ما ارتكبته لا يستدعي ارتفاع أنفاسي، ولا انخساف تعابير وجهي، ولا خوفي من إدراكي بأنني لا أستطيع تحريك عضلة واحدة أمامها هي الجاثية على رُكبتيها قُبالتي بأحد أصابعي!

أنارت أشعة الشمس الصاعدة بتروي عيْنيها المُفرطتين في لمعانها العسلي، تماماً كما يحدث مع عينيهِ إذا ما لامس الشروق أهدابه، ومن ثم امتدّ لسانها خارج فمها، وفي حركة أثارت حفيظتي حتّى النخاع، قامت بشدّ قمّتهِ بأصابعها ذاتها المُلطخة بدمائي!

صرختُ ملئ رئتي مُشمئزاً: "سحقاً أنتِ حقاً متعصبة!"

امتدت يدها الأخرى نحو وجنتي تزامناً مع انسياب صوتها حاداً ومُسترخياً جداً: "لا بأس.. لا تهوّل الأمور فالدماء حديد وماء وبعض الخلايا الملونة لا أكثر.. لا يوجد متعصبون هنا.."

كشّرتُ موجّهاً كلماتي بحدّة: "صدق حدس رين اتجاه أمثالكِ ممن يضمرون لنا شراً، هالي شولياك، ما الذي فعلتهِ بحق الجحيم بجسدي؟!"

بدأ إبهامها يُمسّد بحركة دائرية كما لو كانت ترسم بالدماء على وجهي، ثم قالت وفي نبرتها بعض الخيبة: "إن رين حقاً صديقة خائنة، لقد أخبرتها أن يظل أمر تعارفنا سراً ولكنها أفسدت مفاجأتي ولعبتي وأخبرتك عني. ما الممتع الآن وأنت قد جهّزت نفسك لِلقائي بالفعل؟"

هل تتصنع الغباء لتُثير أعصابي فقط، أم أن قطع إصبعي وتخديري بالكامل ليس متوقعاً أن يُفاجئني؟!

ازداد صوتي غلظة: "لعبة ماذا بحق الجحيم؟"

رفعت إصبعي على بعد شعرة من وجهي قائلة كما طفلة: "الغُميضة! أنا أهرب بأقصى سرعتي اختباءً منك، أنت تجري ورائي من أجل استرجاع إصبعك"

تقارب حاجبيّ تعجباً كما لم أفعل في حياتي كُلها: "أنتِ مجنونة..."

تناولتْ قارورة لم أنتبه على وجودها من الأرض تحتوي على سائل شفاف، أسقطت إصبعي بداخلها، ثم أكملت مُتهلّلة: "جميعنا مجانين، البعض يُدرك ذلك قبل الآخرين لا أكثر"

المفقودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن