المفقود حكاية عن ذلك الفتى الصغير الذي لطالما آمن بوجود دفء عائلتهِ إذا ما بحث عنه جيداً، إلّا أنّ الحياة تعلّمه أنّ الفرق بين الآمال والواقع قد يؤدي إلى هلاكهِ. فتبدأ حكايته وحكايات العديد من الشخصيات التي سترى النور بوجودهِ، لكن هل هو بالفعل لا يم...
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
كريس
أضمّها، أنتظر، أحاول الردّ وأفشل، لقد فرضت عليّ الصمت بصمتها. كُنت أعلم بأنّ قراري لن يتركها في حال أفضل، ما لم أتوقعه هو رؤيتها تنمسخ لطفولتي، لجمودي والنّاس تُقتل من حولي. ما الذي بوسعي قوله؟ ما الذي كُنت تفعلهُ بي يا لويس؟ كيف جعلتني أبكي وأضحك وأستجيب كما يجب؟
همستُ في عُمق شعرها: "سأحاصر القوّات الرئيسية لأودا وعلى حين غفلة منهُ سأشنّ هجوماً"
لم تستجبْ، ولستُ أعلم إلى أين تنظر.
"ليليا أرجوكِ.. لا أستطيع احتمال عدم سماع صوتٍ آخر من عائلتي"
كُنت أعلم بأنّ زواجنا سيجلب لها البؤس؛ دماء ملعونة، حياة مُقيّدة، نسل مُقرّر وحُرّية وهميّة. ولكنّ شبابي كان أقوى، أمنياتي كانت أعظم، وجنون عظمتي أوهمني بقُدرتي على حمايتها من كل شيء، حماقةٌ واثق بأنّ ابني يُخطّط لمثيلتها الآن.
"لقد حسمتُ أمري، لن أختبئ، سوف أواجه أعداءنا واحداً واحداً وأسترجع ابننا"
ارتجفت، أمر سيء قد أسعدني. لم أكن يوماً مستعداً لمجابهة المسخ كما أفعل الآن. رفعت رأسها ببطء تتأمّلني، فخيُّل إليّ بأننا عُدنا للغابة المُلتحمة بسور مدينتها حيث كُنّا نلتقي بشوق، نرتمي في الأحضان، نضحك، نتشاجر، نتوسّل بعضنا ونستعرض أنفسنا بخجل وبلاهة.. غابة أعدائي كانت ألطف بي من غابة قصري.
إنني أذكر الماضي بحنين مبالغ فيه، فهل أضحى موتي مُسلّماً بهِ مع اتخاذي قرار التمرّد ضد عادة يأسي المُبكّر؟
"لن أسمح بموتهِ، إن كانت الحياة ستتخذ لها شكلاً فستُضحي روح ماتيو هيئتها النهائية.. الموت لا يليق بهِ.."
تردّدت شفتيْها قليلاً، ثمّ، وبصعوبة شديدة همست: "إن فقدتكما معاً، سأُقرّر مصيري بنفسي بلا هيمنة حروب ومسوخ"
أحكمتُ ذراعيّ حولها حتّى غدت خفيّة بالكامل في حضني.
"وهذا أكثر من كافٍ لأبقى حيّاً.."
تعاستكِ ليست من الحروب والمسوخ يا ليليا، إنّهُ وجود البرايمرد بحدّ ذاتهِ، وجودهُ الذي جررتكِ في عُمقهِ حتّى أصبحتِ عاجزة عن الفكاك منه إلى يوم مماتكِ.