13 العبيد

14.1K 1.1K 884
                                    

ما تزال الصرخات تدوي في وجدانهِ، العرق والدماء ماثلة في ذاكرتهِ، الحرارة الغير طبيعية لجسدهِ المنهك، والخدر المفاجئ لأعصابهِ بعد الألم، والأسوأ من كلّ هذا هو الشعور بالضعف والعجز من قبل رجل ظهر من العدم فجأة

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

ما تزال الصرخات تدوي في وجدانهِ، العرق والدماء ماثلة في ذاكرتهِ، الحرارة الغير طبيعية لجسدهِ المنهك، والخدر المفاجئ لأعصابهِ بعد الألم، والأسوأ من كلّ هذا هو الشعور بالضعف والعجز من قبل رجل ظهر من العدم فجأة. أهناك ما هو أفظع من رؤية من تحب على وشك الموت عندما تكون أنت نفسك على وشك الموت؟

لا يريد تكرار ذلك، والوسيلة الوحيدة لضمان ذلك هو الخضوع لأبراهامز للوقت الحالي، فقط للوقت الحالي، فقد أقسم على نفسهِ ما إن يحصل على القوّة الكافية حتّى يجعل أبراهامز يتذوق العذاب الذي قاساه اخوته واسوأ أيضاً، كلّ لحظة خوف، ألم، يأس، موت، وكلّ جرح، نزيف، ندبة، سيضاعف كلّ ذلك أضعافاً وينتقم لعائلتهِ. كانوا يسعون لتحقيق حلم تتمنّى جميع العوائل تحقيقه، حلم دافئ وآمن لا يعرف الضياع والتّشرد، ويُثبت للعالم بأنّهم بالفعل عائلة، إذاً لماذا...؟

"ماتيو.. أما تزال في هذا العالم؟"، حرّك كولِنْ راحة يديهِ أمام وجههِ قاطعاً أفكاره، يقفون بتأهّب في داخل الزنزانة والرأس الأصلع يُعطي السّجان بعض البنسات، حان الوقت لرؤية أبراهامز إذاً.

قال ماتيو وهو يزيح يد كولِنْ باسماً: "لا تقلق، لن أذهب لأيّ مكان وانا لم أتعدّاك بالطول بعد"، مسألة من هو أطول هي منافسة غبية بدأت بينهم منذ سنة، فماتيو منزعج من كونهِ أقصرهم، ساي أطول منهُ قليلاً بينما كولِنْ وداي يمتلكان نفس الطول تقريباً، ورين هي الأطول بينهم ببضع مليليترات، في الواقع عندما يقفون بجانب بعضهم البعض لا أحد يستطيع تمييز الفرق الطفيف بين قاماتهم، لكنّ كولِنْ يعلم بأنّ هذا الترتيب سيتغير في غضون سنتين أو أقلّ، كما أنّه يعلم بأنّ ماتيو يحاول تشتيت أفكارهِ متفادياً الغرض من سؤاله، هذا الفتى المهووس بالطبيعة يحتاج إلى نهر وأشجار وهواء نقيّ لينفّس عن مشاعرهِ، زنزانة رطبة ليست المكان الأفضل للانفتاح.

"اخرجوا هيّا"، فتح السّجان باب الزنزانة وهو يرمق رين بنظرات حقد، وعند خروجهم التصق أحد السجينين القابعيْن في الزنزانة المقابلة بالقضبان وبدأ بالضحك مادّاً يديهِ نحوهم، أسنانهُ حطام طبيعي وقهقهته ممزوجة بأنين بكاء، تمعّن ماتيو بوجههِ وهو خارج، كم يا ترى بقي في تلك الزنزانة حتّى يُصاب بالجنون هكذا؟ 

المفقودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن