96 احتفال

14.5K 960 1.6K
                                    

جيني

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

جيني

إن لاستيقاظي من منامي هذا الصباح شعور مختلف، الهواء ما يزال رطباً وثقيلاً، ضوضاء الجنود ما تزال تُذكرني بأننا في منتصف الحرب، ورائحة أعشاب رين كما هي تلسع أنفي. وعلى الرغم من كل ذلك، ما أزال أشعر بتفرّد هذا الصباح عن باقي الصباحات؛ وكأن كل ما أعيشهُ وأتنفسهُ في هذهِ اللحظة يقع في جزيرة أراها من البعيد غير قادرة على الوصول إليها. رفع الطبيب يدهُ في الهواء كمن يحاول لمس شيء ما، يشعر بالضيق كلما فرد راحته ووجدها خالية، ثم يعاود الكرة كمن يلتقط ندف ثلج من شتاء قد فات. اقتنصني أُحدق فيه فتوقف على الفور، وعكف يُصنف أعشاب رين في سجلها بصمت.

جلستُ على السرير وضممتُ ركبتي إلى صدري، وتفاصيل الحلم الغريب الذي داهمني يعود إليّ ببطء. طفل صغير جداً، خائف، يسيل الدم من كل شبر في جسدهِ، يرقد في حضني طلباً للدفء. كان يرجوني الغناء له، ففعلت ذلك، واندهشتُ كلما بُرئت جراحهُ مع كل نغمة تنساب مني لأذنيهِ. لا أعلم كيف انتهى الحال بهِ معي، ولا ما حدث لنا بعدها، جزء مقتطع من أغنية أطول، وأنا المتقلبة بين النيران لم أعلم كيف أُفسر قدومه في ليلة لم أنم منها سوى القليل. ليلة ظلّت الكثير من الأصوات فيها تتردد في ذهني، تُطالب بالإجابات، وتُصرّ على الانتظار.

دخلت رين ووضعت ما جمعته من أعشاب فوق الطاولة، تُمازح الطبيب وتجعله يحمر خجلاً على مساعدتها، تلتفت ناحيتي وتمازحني أيضاً، بأن أترك مشورة السقف وأتحرك، إنه يوم جديد، ولا وقت للشعور بأن كل شيء حولي كالغيوم العابرة.

أحقاً تودين تمضية ما تبقى لكِ من وقت هكذا يا صغيرتي؟ تحويلهم إلى حلم وهم أمامكِ يتنفسون ذات الهواء؟

"رين... ما مدى براعتكما في صيد السمك؟"

...

ماتيو

"يحتضر؟"

"أرجوك يا سمو الأمير أنقذه!!"

رفعتُ رأس الجندي عنوة: "لقد فهمت سحقاً، توقف عن ضرب رأسك بالأرض كي لا ندفنك قبله"

جلس المسكين محمر الوجه يحاول مسح دموعهِ قبل سقوطها، قد يكون في عمرنا أو أكبر قليلاً، يكاد الحزن يمزقه على تعاظم حمّى أخيهِ الكبير ووهنهِ الشديد ونزيفهِ من أدنى حركة منذ ليلة الأمس. ولسبب ما، داي لم يكن متواجداً ليُقيمه بعد فشل جميع أطباء الجيش في مساعدتهِ هذا الصباح. كم مرة تكرر هذا الرجاء؟ كولِن ينظر إليّ بوجه أشد مللاً من وجهي، وكأننا عملنا طبيبين سنين كفاية لنشعر بالسأم من مساعدة الناس، لربما هذا ما يجعل من داي طبيباً حقيقياً كلما أقبل على مرضاه بهمة وشغف وكأنه يرى الحالة للمرة الأولى وإن كانت زكاماً.

المفقودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن