المفقود حكاية عن ذلك الفتى الصغير الذي لطالما آمن بوجود دفء عائلتهِ إذا ما بحث عنه جيداً، إلّا أنّ الحياة تعلّمه أنّ الفرق بين الآمال والواقع قد يؤدي إلى هلاكهِ. فتبدأ حكايته وحكايات العديد من الشخصيات التي سترى النور بوجودهِ، لكن هل هو بالفعل لا يم...
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
جيني
لا أعلم لماذا، أنا البلهاء كثيرة الثرثرة، قررت بأنني سأنهي كتاب الامتحان في يوم وليلة. فالطبيب المتعجرف داي لم يقل شيئاً عن مهلة الدراسة حتى صرّحت بداعي الفخر بأنني مستعدة لامتحانهِ في الغد. الكتاب مكون من ألف وأربعمئة صفحة بتسعين فصل مفصّل عن كل لا أعشاب الدنيا كلها فقط، بل عن كل مرض وُجد واندثر وظهر يوماً على وجه الأرض. أفعل فعلته هذهِ رأفةً أم انتقاماً؟
"بل سأماً من توسلاتكِ التي لا تنتهي، داي يمتلك الكثير من الوقت للحقد في العادة لكن ليس الآن فوقته محدود لدراسة ما هو أهم. كم أرثي لحالكِ يا فتاة فأنا لم أنجح يوماً في امتحاناتهِ إلا بعد الإعادة التي تسبقها محاضرات طويلة يثرثر فيها عن أهمية حفظ موضع كل نقطة في كل كتاب طبي"
ولأن رين طيبة جداً قررت البقاء بجانبي للاعتناء بجرحي طوال اليوم، أو أنها تجلس فقط لترى مأساة ما كانت تعيشهُ معه في الماضي في حالي المثير للشفقة.
"لم أكن أنوي امتحانكِ في هذا الكتاب فهو صعب جداً وفيهِ الكثير عن الأمور المجهرية المعقدة التي يهواها"
"شكراً على التحذير المتأخر فأنا كما ترين أستطيع القول بأن الكتاب صعب جداً"
"ماذا حل بثقتكِ العمياء؟ أنتِ أذكى مما نتصور أليس كذلك؟"
ضحكت بتهكم وهي تغسل مناشفها استعداداً لتغيير الضمادات. ليتني امتلكت قدرة تقسيم دماغي للتفكير في كل شيء دفعة واحدة. جزء يحفظ كتاب المتعجرف داي. جزء يفكر بالكلمات المناسبة لرسالة نانا التي تنتظرها الآنسة إلما. وجزء يفكر لماذا بحق الجحيم تركتني اللعنة حية. وآخر جزء أوكل له أهم مهمة قد أبكي إن لم تنجز، تذكر أسماء المدن والكلمة اللعينة التي ما عدت أذكرهم وكأنني لم أقرأهم في حياتي. اللعنة تمتلك عقلاً يتحكم بها فلن أستغرب ألا تستهدفني بطريقة كلاسيكية بالرغم من أن الأمر يحيرني أنها لم تفعل ذلك. ذئاب، تمزيق المذكرات، جرح غير قاتل، مسح ذاكرة ومن ثم تركي عند أطراف الغابة وكأنه يجب أن يتم إنقاذي. لم أشأ تأجيج الشكوك فيهم فتظاهرت بأنني نسيت ولكنني حقاً متأكدة بأنني لم أتحرك قيد أنملة. كنت منهكة وخائفة من الذئاب ولا أعلم كيف فقدت وعي من الأساس. ليتني امتلكت جزءاً خارقاً من دماغي يستطيع إعادتي في الزمن لأتجنب القفز للصفحة الثالثة والتسعين.