المفقود حكاية عن ذلك الفتى الصغير الذي لطالما آمن بوجود دفء عائلتهِ إذا ما بحث عنه جيداً، إلّا أنّ الحياة تعلّمه أنّ الفرق بين الآمال والواقع قد يؤدي إلى هلاكهِ. فتبدأ حكايته وحكايات العديد من الشخصيات التي سترى النور بوجودهِ، لكن هل هو بالفعل لا يم...
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
جيني
لِلحظة، لم أعد أنا التي أعرفها. لِلحظة، شعرتُ بأن السماء والأرض يُطبقان الخناق على صدري، ولا خلاص لي إلا بالصراخ قوياً كما لو أن فتاة أخرى تلبّست جسدي.
تقوقعتُ على نفسي مُستندةً على الشجرة، صوتي قُهر بداخلي، وتمتماتي بالكاد تصل إلى أذني، بينما الصخب المُستنكر، المتفاجئ، الغير واعي بالحياة الواهنة المصلوبة فوق الأسوار يملأ رأسي إلى آخر عنقي.
"لقد امتلكتْ الخيار وفضّلت البقاء يا سمو الأميرة، تذكري ما قالتاه لنا، لقد-"
"أتعاتب شخصاً على ولائهِ يا ساي؟ أنت ولا أحد غيرك من يجب أن يتفهمها. إن الذنب ذنبي عندما تركتُ لها الخيار، لقد كنتُ حمقاء أجري وراء الأحلام كالعمياء"
نزل على أربع، ناصيتهُ تلتصق بالتراب، ثم قال، وبحزم هزّ عظامي: "إنني أُذكرك بخيارها لأنني أكثر من يتفهم مدى إيلام قلب أي تابع إن تهاوي سيّدهُ بسببهِ. إنها امرأة رفيعة خدمت الدماء الإمبراطورية، ولوم نفسكِ هكذا سيُسبب لها ألماً بل وربما يُهين تصميمها الذي تركها في المقام الأول تبقى في القلعة. أرجوكِ لا تُدمري كل ما عملتي من أجلهِ في لحظة ضعف. وتذكري بأن ماتيو أعدلُ من أن يتركها تعاني، سوف يشفيها ويُنسيها أوجاعها في لحظة، صدقيني لقد شافاني مرات عديدة حتّى عدتُ أتساءل فور انتهائهِ عما كانت عليهِ معاناتي. نحن الخدم لا..."
نعم، كلماته هزّت عظامي وذكرياتي وأوقاتي الدافئة معها كما لو أن زلزلاً مدوياً يصرخ بداخلي. لم أستطع كبح استرسال دموعي، فتوقف، رفع رأسه، وظل يتنفس بإجهاد من لا يعلم ما الذي يتوجب عليهِ فعله.
"أعتذر لك.. من الظلم حشرك هكذا ولكنني لا أستطيع إيقاف الدموع.. ما العذابات التي انهالت عليها إن كان ما انتهت إليهِ هكذا؟"
ساي
إنها ترتجف، تُخفي وجهها بيديها وعبثاً تحاول كبح غصّة مشاعرها. سيدتك تتألم، فما الذي ستفعله؟ قُل لي يا جدي، ما الذي ستفعله لو كنت في محلي؟ لستَ مستشاراً، ولا فائدة من كلماتكِ وإن أجبرت نفسك على صفّ الأسباب لها إلى الغد. أنت، وكل شبر منك، ما يجب عليك فعل أي شيء سوى الطاعة. فاجثوا على رُكبتيك، وكن على ثقة بأنها ليست ضعيفة للاستسلام من هذا التهديد.