كانت الجدة، نانا، كثيرة التجاعيد والهموم، تجلس في حديقة منزلها الخلفية عندما أطلّت حفيدتها بيلا وبيدها ظرف مزدان بختم ذهبي تتوسطه شمس ساطعة. لم يكن سهلاً عليها اتخاذ قرار إعلام جدتها عن الرسالة مثلما كان عليهِ الحال مع رسالة جيني التي تهللت ما إن وصلتهم فقد كانت على وشك اقتحام المجلس الملكي إن لم يتم تبرئتها من تهمة بشعة كقتل لوردات المجلس. تذكرت ابتسامة جدتها الواهنة عندما قرأت بأن المجنونة استطاعت مرافقة الأسطول نحو الجبهة ولم تُرد لها أن تحزن الآن برسالة لا تعلم ما يخفى فيها من قبل أكثر من عذبها في شبابها وشيخوختها.
"لماذا التردد بيلا؟"، كان باستطاعة نانا النظر إلى انعكاس الرسالة على البركة ويبدو بأنها تطرح سؤالها لتشجيع حفيدتها لا أكثر فهي تعلم ماذا يعنيه تعبير الوجه القلق الذي تضعه.
"هل يمكنني قراءتها أولاً ومن ثم اتخاذ قرار تسليمك إياها أم لا؟"
أدارت نانا رقبتها قائلة بعيون ناعسة: "المرء حقاً لا يستطيع معرفة من منا الوصية على الأخرى. هاتيها فهي بالتأكيد لها علاقة بفتاتي القمر وإلا لما أرسل لي كريس الصغير رسالة في هذا الوقت"، وقد كانت محقة لدرجة عجزت فيها بيلا عن التعبير عن مدى دهشتها عندما يتعلق الأمر بصغيرها الملك. علاقة لن تعلم أبداً كيف تفككها وتخلص جدتها منها على جمالها وقبحها.
قالت وقد اكتسح وجهها الخوف: "هل ستخبرينه عن هويتها؟"
أسندت نانا رقبتها على كرسيها تُراقب الشمس من خلال متاهة الأغصان والأوراق: "كريس الصغير لا يخفى عليهِ شيء فلا فائدة من الكذب عليهِ. كما أنني أثق بأنه سيتخذ القرار الصائب. هو دائماً ما يفعل ذلك وإن أدى ذلك إلى هلاكهِ..."
هلاكهِ وهلاك من حولهِ... كما فكرت بيلا ولكنها قررت الاحتفاظ بتصريحها اللاذع في نفسها. فهي مهما كرهت أو امتعضت من الملك، لا تستطيع أبداً إنكار حقيقة كشف هوية جيني سيوفر لها الحماية والرعاية كي لا تقتل نفسها بتهورها.
نظرت إلى السماء محاولة تخيل ما عليهِ هواء البحر المالح قائلة بصوت خفيض: "نعتذر لكِ يا جيني ولكن في النهاية دائماً ما يحصل الطفل البكر على الأفضلية..."
قرصتها نانا على ما قالته.
...
جيني
أنت تقرأ
المفقود
Historical Fictionالمفقود حكاية عن ذلك الفتى الصغير الذي لطالما آمن بوجود دفء عائلتهِ إذا ما بحث عنه جيداً، إلّا أنّ الحياة تعلّمه أنّ الفرق بين الآمال والواقع قد يؤدي إلى هلاكهِ. فتبدأ حكايته وحكايات العديد من الشخصيات التي سترى النور بوجودهِ، لكن هل هو بالفعل لا يم...