المفقود حكاية عن ذلك الفتى الصغير الذي لطالما آمن بوجود دفء عائلتهِ إذا ما بحث عنه جيداً، إلّا أنّ الحياة تعلّمه أنّ الفرق بين الآمال والواقع قد يؤدي إلى هلاكهِ. فتبدأ حكايته وحكايات العديد من الشخصيات التي سترى النور بوجودهِ، لكن هل هو بالفعل لا يم...
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
ساي
لم أتردد ما إن انتبهنا على اختفاء داي، أومأتُ لكولِن بأنني سأنطلق في تتبعهِ، فأشار لي بفزع ألا أُضيع المزيد من الوقت. ولكن القدر قد لطف بي لأجدهُ ما يزال يمشي عند أطراف الغابة، فبدأتُ أُلاحقهُ ببطء يُسايُر خطواته المتأنية وكأنه يُحصي عدد الأحجار في طريقهِ. وفي غضون خمس دقائق وجدتُ رين تمشي وراءهُ على بُعد لن يُلاحظها منه. وبعد صبر طويل، شعرتُ بالأثقال تُزاح من فوق صدري ما إن دخل خيمة الجثث المُقطعة، ضحايا أختهِ، واستهلّ عمله بدون أن يرتدي لباسهُ الواقي ولثامهُ وحتى قفازاتهِ. هكذا فقط بدأ بحمل رأس يصرخ في العالم الآخر بحثاً عن جذعهِ بهدوء تام، وكأنه موظف عازب يعود إلى عملهِ الرتيب في حياة أكثر رتابة. وما جعلني أتعجب أكثر، هو اختلاس رين النظر إليهِ من المدخل ومن ثم رحيلها كشبح زائر.
لم أغادر موقعي، فحياة داي الأكثر تعرضاً للخطر الآن، وأينما تواجد هذا الأخير، سأتواجد أنا. كانت قد مرّت نحو ساعة عندما تقدم أربعة رجال من فيلق فرسان ماتيو قد حشروا أطراف أعينهم بداخل فتحات الخيمة، فتوجهتُ على الفور إلى خيمة كولِن لأجدهُ يكتب أموراً كثيرة على ورقة رسمية، بجانبهِ ماتيو الذي يبدو مُركزاً معهُ على غير العادة.
"ما هي أخبار داي إذن؟"
تقدمتُ نحوهما: "إنه يخيط الجثث، لم يحاول قتل نفسهِ، ولكن نظرة خاوية تعتريهِ وكأنه ما عاد يهتم لأي شيء"
سألني ماتيو بوجه محتار: "ألم تقل له رين شيئاً؟"
"لا، إنني قلق عليهما، منذ خروجنا من ذلك المنزل وهما يتجاهلان بعضهما، لستُ معتاداً على ذلك..."
ختم كولِن في نهاية الورقة بالشمع، ثم أدارها ليستلمها ماتيو ويقرأها. زفر كل ما في صدرهِ المتعب من هواء: "لا أحد منا معتاد على ذلك، ولكن تدخلنا الآن لن يفعل شيئاً سوى رش الملح على الجرح، لنتركهما وحدهما فهما على عكسنا قد ربطهما عملهما منذ الصغر، لقد ندمت بأنني لم أسبق داي في جعل رين عازفة معي لا صانعة أعشاب له"
انتهى ماتيو من قراءة الورقة راضياً، ثم استلم ختمه من كولِن (الذي دائماً ما يفتخر بأنه يحمل ختم أمراء البرايمرد المقدس في جيبهِ بسبب إهمال أميرنا الحالي) ولحم الشمع بقوة في أسفلها. ثم قال بوجه ممتقع: "توقف عن قول الهراء فرين اختارت الاستمرار في عملها بإرادتها وبشغف خاص بها، أتعلم كم نبتة طبية توجد في الحياة؟ لقد جعلتها تبكي بعد سنوات من احتمالها ردع دموعها، وما تزال تُريد المزيد؟"