09 منتصف الليل

17.3K 1.3K 671
                                    

"أعتقد أنّ أحدهم يحتاج إلى حمّام طارئ"، رفع داي شعرهُ للوراء بانزعاج، وقد أدرك أخيراً أنّهُ يحتاج إلى حلّاق إنْ لم يرد أن ينافس رين بطول الشعر، فقد وصلت خصلات شعرهِ المتموجة حتى ذقنهِ، يا الإزعاج

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

"أعتقد أنّ أحدهم يحتاج إلى حمّام طارئ"، رفع داي شعرهُ للوراء بانزعاج، وقد أدرك أخيراً أنّهُ يحتاج إلى حلّاق إنْ لم يرد أن ينافس رين بطول الشعر، فقد وصلت خصلات شعرهِ المتموجة حتى ذقنهِ، يا الإزعاج. كانت نظرات الجميع موجّهً لماتيو الذي كان يصبغ شفتيهِ بألوان التوت البرّي الوردية الفاقعة.

"ماذا؟ لا أحد يحتاج إلى حمّام هنا"، كان يشتم كتفيهِ بنظرات استغراب وهو يمتصّ عصارة التوت المحصور بين أسنانهِ، يحب صنع ثقب صغير بأسنانهِ في التوت ليمتص العصارة ويشعر بقشعريرة الحموضة التي تسري بلسانهِ حتّى بلعومهِ، بينما كانت تسري قشعريرة من نوع آخر بجسد كولِنْ الذي أقسم على ألّا يضع التوت البرّي في فمهِ بعد أوّل تجربة له، كيف لهُ أنْ يستمتع بفاكهة تجعل جسدهُ ينقبض من المرارة؟ أردف بعد زوال القشعريرة من الوراء: "لابدّ أنّك اعتدت على الرائحة النتنة مع الوقت، أردت أن أعلّق على هذا الموضوع سابقاً لكنّ الجوع طغى"

فقالت رين: "لم تكن الرائحة قوية في البداية لكنّها آتية من ملابسك، هل وقعت على شيء ما في العاصمة؟"

توقف ماتيو عن أكل التوت وأعطى ساي نظرة مطوّلة، بينما كانت عضلات وجه ساي لا تتحرك وكأنّهُ جثّة، علم ماتيو أنّه سيشرح ما حدث لوحدهِ، لن ترحمهُ رين هذهِ المرّة، استهلّ حديثهُ ويديهِ تحكّ مؤخرة رقبته قائلاً: "في الواقع لم أقع على شيء معيّن بل اصطدمت بشيء ما..."

قال كولِنْ: "شيء ما؟ مثل ماذا؟"

"فتى... لكنّهُ لم يتأذّى، ربما قليلاً"

نظر ماتيو لرين مع ابتسامة بلهاء على وجههِ، لكنّهُ يعلم أنّها لن تفلح في استرضائها، لم يعد تأثيرها قويّاً عليها كالسابق. رين من ناحية أخرى قد رفعت حاجبيها تنظر إليه ثمّ تلتفت على ساي الذي كان يتصنّع وجهاً خالياً، لكنّها تعلم أنّهُ متورّط أيضاً، تعابير وجههِ واضحة في عينيها كوضوح بريق الشمس. إلّا أنّها لا تريد الغضب منهم الآن، بالرغم من أنّها ذاقت ذرعاً من تهوّر إخوتها، ففي غضون الثلاث السنين الماضية لم تسلم أيّ بقعة من أجسادهم إلّا ونالت نصيباً من الجراح والخدوش وأحياناً النزيف بسبب أعمالهم الصبيانية، فالعودة مثلاً من مهمّة تسوّق من المفترض أن تكون مسالمةً، مع كولِنْ بأنف منفوخ وماتيو برجل تعرج وساي بجبهةٍ تنزف (مع تكرار وتبادلهم أشكال الجراح المتنوّعة)، قد جعلها تغضب حتّى أصبحوا يحاولون تفادي المشاكل كي لا يواجهوها مع تجاربها على جراحهم بالأعشاب الطبية التي تكتشفها كلّ يوم.

المفقودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن