92 حرية

12.5K 991 1.7K
                                        

رين

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

رين

اشتدّ تشبّثهُ بأعمدة الشرفة الصغيرة وكأنها حليفتهُ الوحيدة في الكون كلهِ، يُخيّل إليّ بأنّهُ يبكي دماً لا دموعاً مالحة ترتجف في انسيابها ببطء، ووجوهنا نحن الثلاثة تتساءل في الآن ذاتهِ، كيف استطاعت السفاحة جعلك تنفر منا هكذا...؟

زحفتُ أقتربُ منه بتؤدة، وكأنني أدنو من طفل أتعرف عليهِ للمرة الأولى، ولم أرفع يدي نحوه بعجالة فأنا أعلم جيداً كم يمقت التلامس والحرارة الحميمية الزائدة، فقط وجهتُ كلماتي بهدوء، ولكن بوضوح تام، وضوح حازم لا يقبل الخلط بين الواقع والخيال، وبصدق جعلني أرتعش: "لا توجد دماء تتدفق منك ولا حقيقة تقول بأنها مقززة، الجميع هنا يتفق مع-"

"لا تحاولي تنقيتي بكلماتكِ! ألا يُمكنكم تركي أذهب مع الموت بالفعل؟!"

جثا ماتيو بجانبي وأمارات الفزع تملؤهُ: "داي أرجوك استمع إلينا و-"

قاطعهُ مُحكماً كلتا يديهِ على أُذنيهِ: "لا! لا أود الاستماع إلى أي صوت! لا أنتم ولا هي ولا أي إنسان آخر! أُريد الموت بصمت فلا تزعجوني وتعترضوا طريقي مجدداً! لن..."، استمر سيل اعتراضاتهِ لدقيقة كُنا نُراقبهُ فيها بذهول، هو الشديد مع نفسهِ في كبحها، ينطلق بكل أُمنياتهِ المكتومة كطفل يصرخ في وجوه بالغين يحاولون مساعدته.

اقترب ساي قائلاً بصوت ما بين الهمس والعلو: "أقترح أن نطرحهُ أرضاً ونُحدّثهُ بعقل أكثر صفاءً ما إن يستيقظ"

"لا، لن أتركهُ ينام مُتسمماً بكلماتها"

قال لي ماتيو: "ما الذي تُفكرين بهِ؟ أليست هذهِ حالة أخرى؟"

"لا أعتقد ذلك فهو لم ينفعل عند رؤيتك، ولم يُهددني بالرغم من أنه رأى الملوثة الحقيقة للتو. هذا هو داي نفسه، ومحاولة إقناعهِ بالعدول عن الانتحار مثلما نفعل بالعادة لن تُجدي نفعاً"

"ما العمل إذن؟"

"اتركوا الأمر لي، أود تجربة شيء ما دام واعياً، قد تكون هذهِ فرصتي الوحيدة..."

سعل عدة مرات بعدما انقطع نفسهُ طلباً للهواء، فانتهزتُ الفرصة في القول له: "داي... أيُمكنك رفع رأسك والنظر إليّ؟"

المفقودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن