الفصل الثالث

11.7K 458 60
                                    

الڤوت والكومنتس الحلوة أحبائي ..

.......

تائهة في سرايا صفوان :
الفصل الثالث

....

تركت أحكام يدها على المعلقة لتقع بما بها على فخذتها بينما هو وقف الطعام بحلقه وظل يسعل بشدة ، فأقترب إبراهيم من دورق الماء يصب في الكوب الذي أمامه وهو يعطيه لسراج الذي أحمرت عيناه ووجنتيه بشده ، وكأن النفس انقطع عنه ووقعت تلك اللقمة في مسار الرئتين وليس البلعوم ..!!
اتجه وليد نحو صديقه عندما رأى سوء حالته بالفعل وقام بإيقافه والضغط بكف على معدته والأخرى قبضها وهبط بيها على ظهرة بشدة ، فخرجت تلك اللقمة من فمه ووقعت على بعد أمتار منهم .
هتف وليد بنبرة جادة :
_ سراج أنت كويس
ندمت الجدة على ما فعلت في حفيدها فوقفت، واقتربت تأخذه في احضانها وهي تقول بصوت قلق نادم:
_ سراج يابني أنت كويس ..
خطف نظراتهُ لها تقف وراء والدتها وقد امتلئت عيناه بالدمع لا يعلم لما ..!
أمن وعكته هذه ..؟! ، أم من عريس الغفلة ذاك ..؟!
ربت على يد جدته وقال بهدوء يحاول التحكم في نفسه :
_أنا كويس الحمدلله
'ثم أقترب يأخذ مفاتيحه وهاتفه '
_مضطر امشي دلوقتي عنئذنكوا ...
وغادر يتبعه إبراهيم وسامي يحاولان إيقافه إلا أنه توجه نحو سيارته يفتح بابها بغضب ثم دلف لها وأنطلق بسرعة الرياح حتى أنهم سمعوا صوت اصطدام بوابة القصر الحديدية بالسيارة مما أدى إلى كسر المرأة الجانبية لها .
هتف سامي بقلق وهو يري زوبعة الهواء الذي احدثتها سرعة السيارة :
_ هيعمل ايه المجنون دا .. ، دا عصبي ودماغوا طقا
_ متقلقش هتلقيه رايح الشركة بتاعتوا ..، هيهدي نفسوا بنفسوا
في الداخل نظرت سمية لهم جميعا ثم ركضت نحو الدرج صاعدة لغرفتها ودموعها على وجنتيها من تصرف سراج .
طالعت منال مريم وأشارت برأسها للخلف ففهمت عليها وقامت تأخذ ابنها في أحضانه وهي تقول :
_ عنئذنكوا يا جماعة ..
ثم صعدت وراء سمية ، نظر وليد إلى جدته ووالدته وقال بصوت حاد :
_ يجي يا ستي ونشوفوا ،ولو سمية موافقة عليه يبقا ال فيه الخير يقدموا ربنا ..، بس تأكدوا إني مش هغصبها على حاجة أبدا .. !
ثم خرج من الغرفة متوجها نحو غرفة المكتب يأمر أحد الخدم بجلب له قهوته على الفور .

****************

أقتربت من والدها وقد تشكل الدمع بين مقلتيها وهي ترى احد أعينه تحيطه هاله زرقاء كبيرة تغطي خده وعينه اليسرى
_ ايه الـ زرْق عينك كدا يا بابا ..، ايه الـ حصل
قالت كلماتها وهي تأخذه من يده نحو أحد المقاعد ثم أقتربت تتفحص عينه ،أغمض عينه بحزن ثم فتحها وعقله يدور ويفكر حتى هتف بتوتر ظهر بوضوح في نبرته :
_وانا طالع من العربية .. دوخت .. اهه دوخت والباب دخل في عيني كدا ، .. الحمدلله انوا مقلعهاش
طالعته بإستغراب مما قاله وعدم اقتناع ثم قالت بشك:
_متأكد يا بابا ..؟!
_اهه متأكد ، هاتيلي تلجايه بس وحطي الأكل يلا
لم تقتنع بحديثه البته وقررت أن تحدثه ليلًا فيما حدث ستحضر له الغداء الآن ثم يذهب لصلاة المغرب وبعدها سيتحدثان ،توجهت نحو المطبخ وهي تهتف :
_دانا عملالك شوية رز ولحمة وبسلة هتاكل صوابعك وراهم .. ، حاجه كدا ايه ملوكي يا باشاا ...
خد حط التلجاية دي
قالت جملتها الأخيرة وهي تقترب منه تمد يدها بمكعب ثلج فأخذه ووضعه مكان الألم ، ذهبت إلى حجرتها تنزع ملابسها التي كانت ستخرج بها ،ثم دلفت مرة أخرى للمطبخ تحضر الطعام .
بعد دقائق كان الغداء جاهز فهتفت :
_ يلا يا حج حوده الأكل جهز ..
_حاضر جاي .. تعالي بس هاتي دواء السكر
ذهبت إلى حجرة والدها تجلب دواءه ثم كوب ماء وأعطته لها ، أخذ دواءه وهو يتقدم من المطبخ حيث تقبع السفرة فيه وجلس على رأسها وزهرة على يمينه
في منتصف الأكل قال محمود بنبرة حزينة ومشتاقة :
_ متعرفيش يابنتي اي طريق يوصلنا بعمتك برضوا .. ؟!
توقفت عن الأكل وهتفت بصوت فاقدا للامل :
_ للأسف لاء يا بابا مش عارفه أي حاجه توصلني بيها خالص ..، دانت حتى متعرفش عيالها ولا أساميهم ولا عندها عيال اصلا ولا ايه ظروفها ...
أرجع رأسه للوراء وقال بحزن :
_ منيرة كانت بتحب محمد جوزها أوي ..، مع أنوا اتجوزها عشان معاها الهجرة ويسافر يشتغل هناك ، بس حبتوا ..، أنا مش عايز غير أطمن عليها بس عايشه ولا ... ولا ربنا أفتكرها ..!
_ وحد الله يا بابا إن شاء الله عايشة ،وبإذن الله ترجع وتشوفها أحنا عزلنا اهه بس كل الناس في الشارع بتاعتنا تعرفنا وبينا وبينوا نص ساعه..، يعني لو رجعت هتعرف توصلنا أكيد
_ إن شاء الله يا زهرة إن شاء الله ..، المهم الأكل جميل تسلم ايدك يا حبيبتي
هتفت بفخر وهي تفرد يديها الإثنين في الهواء :
_ عمايل بتك يا حجوج ..، عشان تعرف اني طباخه شاطرة
أمسك يدها التي بإتجاه وقام بتقبيلها بحنان قائلًا:
_ واحلى طباخه ..وإن شاء الله أحلى عروسة ...، دانتي الـ مورده حياتي يا زهرة ربنا يحفظك ليا وأشوفك مع راجل يصونك ويحميكي يا بنتي
سحبت كف والدها بعد أن قبْل يدها لتقبلها هي الأخرى وقالت بحب :
_ ربنا يخليك ليا يا بابا وتفضل معايا دايمًا وتشوف عيالي كدا وأقرفك بيهم كل شويا .. أقولك هجيب زوجي قرة عيني ونجي نعيش هنا
ضربها على مؤخرة عنقها قائلًا بغيرة :
_ متجبيش سيرة راجل تاني يا اروبة انتي ..، عايزه تتجوزي وتسبيني ..، دا بعينك يا اختي أسيبك لحد
_ والله أنا قولت ما حد معطلني غيرك ..، ما تتجوز يا راجل أنت وتجوزيني معاك
ضحك محمود على عبارتها فقد كبر في السن ولا يريد سوى الإطمئنان عليها وعلى أخته أيضًا .
مرت دقائق كثيرة حتى رفعت زهرة الطعام عن السفرة ومسحتها ، وقامت بعمل الشاي لها ولوالدها وتوجهت نحو غرفة الصالون .
_ تسلم أيدك يا ست البنات ...
اعطاها فنجانه وجلست بعد أن سحبت فنجانها هي الأخرى ، رفع محمود حاجبيه وقال وكأنه تذكر شيئا ما :
_اهه يا زهرة يا بنتي ، أنا كلمت وليد بيه على الشغل بتاعك وهو كتر خيروا قالي أنوا محتاج ناس لسا متخرجه وكدا عشاز تشتغل معاه ..
طالعته زهرة بتركيز ، ثم قالت :
_ أوعى تكون اتحايلت عليه يا بابا ..!
_ لا يا بنتي والله ، دانا من قبل ما أقوله يشغلك لقيتوا بيقولي تيجي وتقدمي ورقك وكدا ، راجل اصيل زي ابوه سالم بيه الله يرحمه ، عمرو ما قفل بابوا لحد محتاجه أبدا ...، طب تصدقي يا بنتي ساعات بحس كتير ان وليد دا نسخه مصغرة من ابوه ، لولا بس موت ابوه الـ كسروا .. وكسرنا كلنا ايه والله !
_الله يرحم موتنا وموت المسلمين يا بابا
أنهى فنجانه فوضعه على الصينيه وقال بتمني:
_ أشرب شرباتك يا بنتي يا رب ..، هقوم ادخل جوه علشان محتاج أعمل حاجه قبل صلاة المغرب
ثم قام متوجها للداخل وما إن أغلق الباب حتى عبثت ملامحه ووضع يده يتذكر تلك اللكمة التي اعطاه أياه أحد الرجال ، غير مدركين او محترمين لسنه الذي يضاهي عمر ابوهم ..!
"" عودة للوراء ""
أنهى عمله اليوم وقرر أن يعود لمنزله فقاد سيارته التي يتركه في مركن السيارت الخاص بالشركة ثم يستقل سيارة الحراسة متوجه لمنزل وليد حتى يقله إلى عمله ، ويعود أخر النهار يأخذ سيارته ويتوجه لمنزله الذي يبعد ساعة عن الشركة من أحد الطرق ، وساعة ونصف من طريق أخر مزدحم .
قرر العودة من الطريق الشبه خالي من السيارات كي يصل سريعًا، فمعدته تتضور جوعًا عندما أخبرته زهرة في رسالة أن الغداء سيكون لحمًا .
أحاطت سيارة دفع رباعية سيارته وسيارة اخرى من الخلف تجبره على التوقف ، فتوقف يخرج رأسه من النافذة يهتف بعصبية :
_ في ايه انت وهو .. ابعدوا عن الطريق
نزل رجلين ملثمين يتوجهان له يفتحان الباب ثم يرغمانه على الهبوط منها فهبط معهم وهو يصيح :
_ انتوا اتجننتوا ساحبني كدا ليه .. ، أوعى أيدك يالا أنت ....!!
وضع احد الرجال قماشة متينة حول فمه تمنعه من الحديث ثم قادونه نحو أحد السيارت ذات صندوق كبير من الخلف ، فتح احدهم الباب لينظر محمود لمن بالدخل بغضب وغيظ وقد تسلل الخوف لقلبه ...

تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان  © -مُكتملة- حيث تعيش القصص. اكتشف الآن