الفصل العشرون

8.4K 337 37
                                    

تائهة في سرايا صفوان

الجزء العشرون
...........

صُعق مما أخبرته للتوا ، وضع يديه الإثنين على الباب وقال بخوف :
_يعني ايه عريانين ..، حد عملكوا حاجه ...
لم تجيب فقط يستمع صوت شهقاتها العالية ويبدو أن قمر ليست معها أو ما شبه ، ضرب بقبضته على الحائط بجوار الباب وهتف بعصبية وصوت حاد مرتج :
_بقولك حد عملك حااااجه ...؟!!!
_آآ.. لاآء ..
ابتعد عن الباب متنهدًا براحة قليلًا ثم توجه خارجًا وجد إبراهيم يستند على سراج وجبينه يتصبب عرقًا ،..اقترب منهم وعيناه تتفحصهم ثم أردف موجهًا حديثه لعادل :
_ابعت اي حد يجيب عبايتين وطرحتين معاهم بسرعه ..
اماء عادل مسرعًا وذهب يخبر أحد الحراس الذين وقفوا على باب المخزن يروى الوضع من حوله .
هتف إبراهيم متسألًا :
_هما جوا صح ...
_ايوا .. بس ..الوضع مش كويس ،ومش سامع صوت قمر
تقدم إبراهيم خطوة واحدة مردفًا بقلق :
_يعني ايه ...آآهه
تجعدت ملامح وجهه بألم اثر حركته فقبض سراج على يده مرة أخرى وهتف بإمتعاض :
_إبراهيم متتحركش...، وليد أنا مش مطمن عليه هرن على سامي واحمد وفتحي يجوا وهنتطلع على المستشـ..
قاطعه إبراهيم مردفًا بتصميم :
_مش ماشي قبل ما اطمن على قمر ..
هز وليد رأسه موافقًا ،ثم دلف مرة أخرى لداخل واقترب من الباب هاتفًا :
_زهرة .. قمر كويسة
استمع لصوتها المنخفض وهي تقول :
_لاء مش كويسة ...، بسرعة بالله عليك
زفر بحنق من موققهِ، كان يتمنى لو كان يرتدي ثياب أطول من هذا ..، اشتعلت النيارن بصدره عندما تذكره قولها "محدش يفتح الـ باب .. آآ أحنا عريانين .." ، مرت بباله خاطرة ان ياسر من فعل هذا أول احدًا من رجاله فثار غاضبًا وهو يجذب أحد الكراسي البالية ملقيًا اياها أرضًا وهو يصرخ بغضب ،متوعدًا داخله لهذا اللعين .
دقائق مرت دلف فيها عادل حقيبة بيضاء كبيرة وأعطاها لوليد ثم اردف :
_وليد بيه في حاجه بس عايز أقولك عليه ..، ناجي وهو جاي ورانا شاف واحد بين الاراضي طالع يجري ناجي ضرب عليه نار وبيتهيألوا انها جات في فيه ،بس ماحقهوش عشان كان في واحد مستنيه بفزبه فخدوا وطلع علطول
هز وليد رأسه وقد توصل لكل الخيوط الآن ترك رجل على بداية الطريق يعلمه بكل التغيرات وحلما رأه كانوا مستعدين ليفروا هاربين .
نظر وليد لعادل وقال منبهًا بنبرة تحذيرية :
_ عادل .. سمير يفضل تحت عينك أوعى يغيب ثانية واحده
هز عادل رأسه بطاعه ثم خرج ،فرجع وليد لمكان غرقة زهرة وقمر وهتف بصوتًا حنون :
_ زهرة .. أنا معايا هدوم اهي هتاخديها اذاي
_أنـ.. أنا ورا الباب ومش قادرة اتحرك ...
انفطر قلبه لنبرته المنهكة فأردف :
_ طب اطلعي قدام شويا صغيرة معلش ، هدخل أيدي بس بالكيس ..، يلا عشان نمشي من المكان الزفت دا
حاولت أن تبتعد قليلًا عن الباب ثم قال :
_ بعدت ..
دار المقبض وفتحه ثم أدخل يده بالكيس وألقاه مكانه حتى يكون بالقرب من زهرة ، ثم أغلق الباب مرة أخرى .
_ حاولي تِلبسي وتلبسي قمر بسرعة
في الداخل كانت علامات الضرب ظاهرة بوضوع على جسدها البض الأبيض وهي ترتدي قطعتين فقط من الملابس الداخلية تُظهر مفاتنها، بوضوح شديد وكذلك قمر المتقوقعة على نفسها في ركنً ما ورأسها تنزف دماءًا .
مدت يدها تجذب الشنطة وقد تشنج عضلات جسدها أثر فردها لذراعيها، أخذت الشنطة وفتحتها مخرجه أول عباءه طالتها يدها ثم بهدوء وتروي بأدت في إرتدئها ، من ثم قامت بصعوبة من مكانها وهي تستمع لصوت طرقعه عظامها .
حاولت إفاق قمر التي استجابت لها في المرة الثالثة بصوت مهمهم متألم بشدة .
أخرجت زهرة العباءه الأخرى وقالت :
_ يلا يا قمر عشان نمشي ، .. معلش يا حبيبتي استحملي الثواني ديه ...
كانت تائهة وغير مدركة ما يحدث فقط جسدها الذي لا تشعر به يستجيب لحركات زهرة وهي تُلبسها العباءه .
ساعدتها على النهوض ثم أقتربت الإثنتين من الباب مستندين على بعضهم ، مد زهرة يدها تفتح الباب لتظهر أمام وليد الذي كان يقف منظرًا اياهم بعد أن خرج ليطمئن إبراهيم على قمر .
نظر لها بتألم يرى علامات الضرب على وجهها وشعرها الذي تضع عليه الحجاب بطريقة عشوائية ينفلت على وجهها ، اقترب منهم هاتفًا :
_ ثواني هجيب العربية قدام الباب علطول
هتفت بتعب وخفوت :
_ بسرعه عشان قمر ...
نظر لقمر نظرة سريعة وجد الدماء تظهر من خلف أذنها نزولًا لرقبتها فتوجه خارجًا وهو يشد على خصلات شعره الطويل بشدة حتى كاد أن ينزعه من فرط غضبه .
وضع السيارة أمام الباب مباشرة ثم هتف مناديًا على سراج :
_سراج خلي عادل يحضر التانيه ويطلع بيها مع إبراهيم على المستشفى علطول وأحنا هنحصلوا ..، وتعال معايا
ابتعد سراج عن إبراهيم الذي من شدة الالم لم يشعر بشئ ، جاء احد الحراس واخذه مع عادل نحو السيارة المنشودة وانطلقا إلى المشفى الخاصة التي يتعاملون معها .
دلف سراج ووليد لداخل وجدو زهرة تحتضن قمر وتستند على الحائط معمض عيناه وتبكي ،... تنهد بحزن وهتف لسراج :
_شيل قمر ...
لم يظهر أعتراضه وتوجه يجذب قمر من بيد يد زهرة ففتحت عيناه بضعف واعترضت بصوت هامس :
_سبـ...آآهه
لم تقوى على أكمال كلمتها حيث حاوط وليد خصرها بيده وأنزل يده للأسفل واضعها خلف ركبتيها ثم حملها ،ارخى يديه قليلًا عندما سمع صوت تأوها المتألم، فجسدها يصرخ مما تلقتهُ، أشاح وجههُ عنها، ومراجيل الغضب تغلو فوق رأسهٌ، مما فعلهُ ياسر، همس بصوتٍ منخفض:
_أنا آسف ...
كانت اخر كلمه استمعتها قبل أن تسند رأسها على كتفهِ وتغيب عن الوعي .
لاحقًا توقفت سيارت وليد أمام المشفى فهبط سراج منها دالفًا قسم الطوارئ يهتف لأحدهم ان يأتي بسريرين ...، خرج بعد لحظات بممرضين يدفعون سريرين ثم توقفا امام سيارة وليد فهبط وفتح باب السيارة بالخلف وسحب زهرة من ذراعها ثم وضع يده اسفل ركبتيها وحملها واضعًا اياها على احد السراير ثم توجه لناحيه الأخرى وحمل قمر كذلك ووضعها على السرير الذي جاء به الممرض خلفه .
تحرك هو وسراج خلفهم وفي طريقهم رن هاتف سراج فأخرجه وهتف وهو ينظر للمتصل :
_دا فتحي هكلمه وأجيلك
أماء برأسه موافقًا وأكمل طريقه خلف الممرضين حتى دلفوا احد الغرف فوقق منتظرهم في الخارج .
وضع يده في جيبه يخرج الهاتف كي يحادث عادل يعلم أين هم الآن لكنه لم يجد هاتفه فمن الواضح أنه قد نساه في السيارة .
مرت ربع ساعة وجد الباب يُفتح ويخرج أحد الممرضين بسرير قمر متوجهين لاخر الطرقة ، اوقف الممرضات قائلًا :
_واخدينها على فين ..!
_هنعملها أشعه على المخ عشان نتطمن إن مفيش نزيف داخلي ....
_طيب الـ جو فاقت ينفع أدخلها ..
_ايوا الدكتور خلص معاه وهيخرج حالًا
انتظر حتى خرج الطبيب فاقترب منها متسألًا بقلق :
_ كويسين يا دكتور ...!
_الـ جو اتعرضت لضرب مبرح وشرخ في عضمة الزند وجبسناها مع أنها مش محتاجه بس عشان الحذر أكتر ، والـ خرجت هيعمل علي دماغها أشعها عشان نتطمن اكتر ..، الف سلامه عليهم بس أنا مضطر ابلغ البوليس
نظر له وليد بحدة وهتف بجدية :
_البوليس مش هيعرف حاجه 'ثم اكمل بتهديد وهو ينظر لكارنيه المعلق على صدره ' مش كدا برضوا يا دكتور ...اممم رأفت إسماعيل
ابتلع ريقه بصعوبة وهتف بتوتر :
_بـ..بس.. بس
_هشششش، شكلك متعرفش إنت شغال فين وعند مين ،.. كل عيش وأنت ساكت ،روح شوف شغلك
في غمضة عين كان قد أختفى من أمامهِ، يفعل ما يريدهُ وليد، بينما دلف الأخر لداخل وجد أحد الممرضات تقويم بمسح وجه زهرة بالمعقم وتضع الاصقات على الجروح التي به ، بعد أن انتهت حملت علبة الأسعافات وقالت بعملية :
_ هتحس بألم جامد في جسمها أول ما تفوق ودا طبيعي ..حمدلله على السلامه عنئذنكوا
خرجت من الغرفة فأقترب وليد من زهرة وظل واقفًا بجواره حتى سمع همهمات بسيطة منها فدنى منها قليلًا وهتف بأسمها بصوت خافت، بنبرة ولهةٍ:
_زهرة ..
فتحت عيناه ببطئ وطالعته بتعب ، تابع :
_حسا بحاجه وجعاكي ..!
_جـ.. جسمي كلــ..ـوا واجعني
_معلش شويا ومش هتحسي بحاجه
_قمـ..ـمر فين ..!!
_ماتخفيش بتعمل شوية فحصات بس
_عـ..ـايزه امشي
_لاء تمشي ايه أن شاء الله بكرا ولا حاجه هنروح ،إنتِ لسا تعبانه
صمت ولم تقوى على الحديث مرة أخرى ،فجذب كرسي لجواره وجلس ، تذكرت ما حدث معها عندما دخل مرأتين وقامت بتجريدهم من ملابسهم ثم أنهال عليهم بضرب المبرح وتلقت ضربتين على ظهرها بالسوط الذي كانوا يحملونه، لم تتوقع ولا في مخيلتها أن تتعرض لمثل هذا الحدث أطلاقًا .
أحست بأهانه شديدة جدًا لمجرد تعريتها هكذا أمام هؤلاء النسوة الجبابرة .
كان قد شرد قليلًا مفكرًا كيف سيذيق هذا الياسر العذاب ألوانًا على مافعله ،وقد أقسم له أنه أن مس أحدهم بسوء سيؤذيه ،التمعت عيناه بشر وهو يفكر بالنقطة الوحيدة الاي ممكن أن تضعف قواه ويجعله يخر راكعًا .. ' السلطة والمكانة ' سيحقهم بالأرض ...، فاق من شروده على صوت نحيب زهرة فقام مقتربًا منها وأردف بحنو :
_ زهرة ... خلاص إنتِ كويسة ومعايا
_كنـ.. كنت خايفه اوي ...، كان شكلهم وحش ..و ..و ضربوني جامد
مسك يدها محتضنًا أياها بين يده وأردف بتصميم :
_والله كل واحد أذاكِ لهؤذي الطاق طاقين اومي بسلامه بس وهخليهم تحت رجلك حتى لو كلفني دا حياتـ...
_لاء .. لاء أرجوك كفايه كدا ،كفايه بابا مش هستحمل أخسر حد تاني
انتبه لكلماتها التي خرجت بصدقٍ تام، فهتف بنبرةٍ جاده:
_أنا عندي كلمتي والله لجبلك حق رقدتك دي
توجه نحو الباب فجحظت عيناه فزعًا وقالت :
_إنتَ رايح فين ..!!
_متخافيش هطمن على قمر واجي
_طيب ...، وليد
نظر لها سريعًا ينتظر سماع باقي كلامها بلهفة، فأكملت:
_متعملش حاجه تخلينا نخسرك أرجوك
_ متخافيش ....
اختفى خلف الباب فنظرت لأعلى،  شاردة في عدد كلام لا تخاف التي قالها في حديثهُ، وكأنهُ يصدق ويؤكد لها أن وجودها بحياتهِ مقرونًا
 باجبارية ان لا تخاف. طالعت الباب بصمتٍ، لتجد لسان حالها يدعو دون أن تدرك:

تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان  © -مُكتملة- حيث تعيش القصص. اكتشف الآن