تائهة في سرايا صفوان
الفصل التاسع والثلاثون******************
حلما وجدت والدها قد بدأ ينحرف في الاتجاه الأخر لطريق ،قررت أن تدلف لداخل كي تباشر على تنظيف غرفة ابنها البكري حيث تركها كعادته رأسًا على عقب الا انها .. !
لم يكن منزلها بعيدًا عن أول الشارع حيث تقع شُقة العقيد عماد الجبالي في العمارة الرابعة ،واستطاعت ان تستمع لصوت الارتطام العنيف جدًا بالسيارة في جسد ابنها ،فرجعت بلهفة تستند على السور واشرأبت بعنقها في فزع شديد وما لبثت ان صرخت وهي تلطم كفيها بصدرها عندما شاهدت ج ابنها يتطاير في الهواء ثم يُضرب بالأرض الصلة ، هاتفه :
_ يااالهوي .. ابنيييي ... نبييييييييييييييييــل ...
تجمع المارة عند هذا الحادث المروع بينما هتف أحد الرجال وهو يقترب من جسد نبيل الغارق في دماءه وهو يشاهد تلك السيارة التي اسرعت تُسابق الرياح بعد أن اتمت غرضها ، مردفًا بصياح منفعل :
_ يخربيت ابوكوا يا ولاد الكلب ....
تقدم أحد الرجال وكان حارس بناية لعمارة في الارجاء واستطاع التعرف على نبيل فهتف مصدومًا :
_ يا سنة سوخه يا ولاه ... دا سي الأستاذ نبيل ...
هتف أحد الرجال :
_ انتَ تعرفه يا حسنين .. !
رفع حارس البناية حسنين وجهه لرجل الهاتف بسؤالًا ، وهز راسه بثقة قائلًا :
_ عز المعرفة ،ديه الأوستاذ نبيل اخوا سيادة الرائد أحمد بيه الجبالي ابن العجيد عـ...آآآ
قاطعته احدى النسوة مردفه بانزعاج وهي تشير نحو جسد نبيل :
_ انتَ لسا هتحكي قصة ..، الولا بيموت ..!! ، رنوت على الأسعاف فورًا ومحدش يحركه من مكانه عشان لو فـ..آآآ
_ ابنيييي ..، ابنــــــي .. نبيييل ..!! ، ابعدوا من قدااامي ... نبيل ياا ابنيييي ...
قام المتجمعين حول نبيل بإفساح المكان لتمر زينب من بينهم وهم يرافقونها بأعينهم المشفقة ، جلست على الأرض واحنت ظهره وأمسكت بوجهه بين يديها وقالت باكية :
_ نبيل ،.. ايه الـ جرالك يا بني ...، نبيل رد على امك يا ضنايا ...
اقتربت منها إحدى السيدات وامسكت بكتفيها لتعاونها في رفع جسدها ، وهي تقول :
_ قومي يا مدام الاسعاف زمنها جايه دلوقتي ..، منهم لله الى كانوا السبب ...
اعتدلت زينب ،وهي تبكي بشدة وقلبها منفطر ،ولم تقوى على رفع جسد ابنها لأحضانها فهي تعلم ان حركة كهذا من المحتمل انها ستؤذيه مدى حياته .
لاحقًا ، جلست جوار ابنها في عربية الإسعاف ، وهي تمسك بكفه بين يديها تقبلهُ بين الحين والأخر ، نظرت للقناع الأخضر الموضوع على معظم وجهه والموصول بأنبوبة الأوكسجين ثم نظرت للمرض وهتفت راجية :
_ هو هيبقى كويس بالله عليك ..، طمني .. !
طالعها الممرض بنظرات مشفقة ، وقال بقلة حيلة :
_ معرفش يا فندم والله ،.. بس مخبيش عليكي حالتوا مطمنش .. ! ، الدم الـ نزفوا دا مش قليل برضوا .. ، دا غيرر ان في كسور وكدمات كتير اوي في جسموا ..، ادعي ربنا بس ميكونش في نزيف داخلي ،او حاجخ في الدماغ ،... لحسن دول ميطمنوش ابدًا ...
تنهدت بحزن جلي ثم مدت رأسها تستند على يديها التي تحتضن كف ابنها ....
بعد لحظات انتبهت لأمرًا ما ، فرفعت رأسها مردفه :
_ معلش لو مفيهاش ازعاج ممكن اعمل مكالمة ضروري ..، انا نسيت تلفوني في البيت ...
أخرج الممرض هاتفها ثم أخذ يفتحه بكلمة السر خاصته وجاء بتطبيق الهاتف ،ثم ضغط على لوحة الأرقام ليسهل عليها الأمر ولا يكلفها عناء البحث ،ومدهُ لها وهو يقول بدون تعبير :
_ آه طبعًا ،اتفضلي ..
اخذته منه وهتفت بامتنان :
_ متشكرة اوي ...
****************************
أمسك كفها جاذبًا ايها نحو أحدى قطع الأثاث المنزلي وهو يهتف بحماس :
_ طب تعالي شوفي البيچ دا كدا .....
استجابت له وخطت معه أمام أحد الارائك الاي يتطلع لهم بتفحص ، جالت بعينها نحو أحد الواقفين بعيدًا بخفية ، ثم سرعان ما اجابت بنفور :
_ وهـش .. !
نظر لها باستفسار هاتفًا :
_ وحش ..! ، ليه بس .. !
_وهـش اهـ..حمد ،.. وهش وهلاص .. لازم أول تبريرات .. !
رفع حاجبهُ الايسر وهو يطالعها مستعجبًا ، ثم أردف :
_ لا يا ليدا مش لازم تقولي تبريرات ..، تعالي يا عملي الفوشيا ،نطلع من ام المحل اصلًا ...
تنفست الصعداء عندما اخبرها بأمر رحيلهم من هنا ،فخطت للأمام نحو الخارج وهي تمسك بيده قائلة :
_ yes ,so best
جاء هذا البغيض الذي كان يقف بعيدًا عنهم يطالع ماتيلدا بنظرات جائعة عطشة وعيناه تدور على جسدها ،مما جعلها ترتجف لوهلة وتدعو أن تخرج من هنا على خير .
توقفت فاجأه وقد انكمش جسدها وضغطت على يد أحمد بحدة ، تحدث الرجل قائلًا وعينها تتوزع بين أحمد وماتيلدا بالأكثر حتى شعر أحمد بشيء ما :
_ ايه يا باشا ،... ملقتش حاجه تعجبك ..، دا كل الـ هنا استيراد من برا وحاجه أخر فخامة ...
امتعضت ملامحه وهو يوقف ماتيلدا خلفه قليلًا هاتفًا :
_ لا متشكر ...
ثم خطى للأمام قليلًا وبجوارها ماتيلدا ،وعلى حين غرة وقف ثم استدار للخلف فوجد هذا البغيض يطالع جسد ماتيلدا من الخلف فقام بترك يدها وتقدم له سريعًا وقام بلكمة في وجهه بحدة هاتفًا :
_ بتبص على ايه يا ابن الكلب ...
تقهقر للخلف قليلًا وهو يضع يده على فكه التي نزفت دمًا ، فأسرع أحمد بإمساك اياه من تلابيب قميصه وقام بلكمة ثانية وهو يقول بغضب :
_ دي عشان تاني مرة ماتحطش عينك على حاجه ملك لغيرك بذات لو احمد الجبالي .... ،ودي عشان ما ترفعش عينك على صنف النسوان تاني ...
حاول العاملون بالمكان فض الاشتباك بينهم ،الا أن احمد كان مصممًا على تلقينه درسًا لن ينساه فابتعدوا عنهم ورغم ان ملامحهم تُعرب عن رفضهم لما يحدث الا انهم من الداخل فرحين بتلقين هذا الوقح درسًا ،فهذه ليست مرته الاولى في افتعال المشاكل ورغم من تصعيدها للمالك ،لكن هذا العامل تحديدًا يعمل هنا بواسطة من والده لهذا كان مالك المكان يتركه ارضاءًا لوالدهِ فقط ...
_باااااس ....، انتَ كدا مشكلك زادت يا رزق ..، عنك انتَ يا باشا وانا هأدبهولك ..
كان أحد الصبيه قد ابلغ المالك فورًا ،فقام بدفش إرجيلته ارضًا وتوجه سريعًا لطابق الارضي حيث يقبع المحلات .
جذب الرجل رزق من ساعده بحدة ،ووقف أمام احمد هاتفًا :
_ احنا آسفـ..آآ
قاطعه احمد بنبرة منفعلة :
_ والله لبيتك في التخشيبة انهارده يا ابن الـ **** و **** ...
أخرج أحمد هاتفه بالفعل ليهاتف صديقًا له في أحد اقسام القاهرة ، فسارع الرجل بثنيه عما يفعل كي لا تُضر سمعة المكان قائلًا :
_ يا باشا والله احنا هنربيه ...، معلش يا باشا عيل طايش والله ...، طب أومر حضرتك عايز ايه وهنعملك خصم حلو اوي والشحن مجانًا كمان ...
طالعه أحمد بنفور واردف باستنكار، وهو يضع هاتفه على اذنه :
_ وانتَ مفكرني هشتري حاجه من عندك ...، انا هوريك هعمل فيك ايه يا ابن الـ **** اصبر عليا ...، الوا ...، ايوا يا حمدي .. ابعتلي بوكس دلوقتي في شارع الموبيليا الـ جمب مول المدينة .. لاء يا حبيبي ملاهاش لازمة ..ابعتلي بوكس بس ... هتاخد واحد من محل العالمي اسموا رزق ،ارمهولي في التخشيبة عقبال ما اجيلك .... ماشي يا حبيبي .. سلام ...
ارتعدت فرائص رزق الذي لم يقوى على القيام بعد اعتداء أحمد عليه ، نظر أحمد حوله يبحث عنها فوجدها تقف تبكي في ركنًا بعيد خلف أحد الدواليب ،فاقترب منها سريعًا وكان هناك اريكه تقف حاجزة لوصله لها فقفز من عليها سريعًا واقترب من ماتيلدا وأمسك يدها فبكت أكثر فاضطر لاحتضانها هاتفًا :
_ شششش ، خلاص .. تعالي نطلع من هنا ..
تقدمت معه بخوف شديد ولد من هذه اللحظة التي شاهدت فيها نيران غضبه على هذا الرجل ، ماذا إن اخطئت يومًا ما سيكون مصيرها كهذا .. ! ، يبدو انها اخطئت بالفعل عندما سلمت أمرها وباقي حياتها لرجل شرطي كأحمد .. ! .
أجلسها في السيارة وتركها ثم رجع أدراجه نحو أحد المحلات الصغيرة الخاصة بالموارد الغذائية والتسالي ،وابتاع زجاجة ماء وعلبة عصير معلب وبعض البسكوتات المختلفة والكيك ،ثم دفع تمنهم وعاد لها ثانية .
جلس على مقعد السائق ثم قدم منها الماء أولًا وهو مندهش قليلًا من حالة البكاء الهيستيري تلك ،فمد يده يجذب منديلًا من العلبة أعلى التابلوه ومدّ يده يمسح دموعها مردفًا :
_ ماتيلدا .. ،مالك يا حبيبـ..آآ
قاطعهُ انكماشها الغريب على نفسها في الخلف ،ثم هتافها المتقطع :
_ آآ...آيزه .. أروح .... now ahmad .. now.. !!
_ ماتيلدا .. اء
طالعته بغضب قائلة :
_ أنا آآوول .. آيز أروه أهمد .. !
مط شفتاه بضيق ثم القى ما كان بحوزته في المقعد الخلفي بحدة ،وقام بتشغيل السيارة قائلًا بدون تعبير :
_ ماشي هروحك ...
ارتجف جسدها أكثر على أثر إلقاءه الحقيبة هكذا ، بدأ بإدارة عجلة القيادة وحرك السيارة من مكانها منطلقًا نحو منزلها الذي غادروه منذ ساعتين .
اقتربت السيارة من المنزل وكاد يخبرها هل مازالت مصممة على رأيها أم يعود بهم مرة أخرى لكنه صمت .
أمسكت ماتيلدا الخاتم الذي يزين يدها اليسرى خاصة اصبعها الرابع تحرك فيه يمينًا ويسارًا ،ومشهده وهو يضرب الرجل وحشيته وملامح وجهه كلها تتجسد امام ناظريها ، ارتعشت يدها تلقائيًا عندما مر أمام عينها تلك الذكرة المريرة عندما اقتحم جاكسون ورجاله منزلهم .
صنعت لنفسها هواجس عديدة من مخيلتها لا أساس لها من الصحة حول علاقتها به بعد زواجهم ، رفعت يدها لتمسح دمعه حارقة هطلت من عينها وهي تشاهد انها على بضع خطوات من منزلها فقامت في الخفاء بنزع خاتمها وضمته على يدها .
توقفت السيارة أمام المنزل ، فقال دون أن ينظر لها :
_ وصلنا ... ، انزلي يلا
فتحت الباب وهبطت من السيارة وهو كان يضغط على عجلة المقود بغضب من هذا الموقف برمته ، ويحاول جاهدًا أن يتحكم بأعصابه كي لا يرجوه بأن تذهب معه .
انفرجت ملامحه بصدمة وذهول عندما وجدها تضع خاتم الدبلة على المقعد هاتفه بصوت جامد جاهدت في اصطناعه :
_ أهمــد .. آآ..أنا .. مش آوزاك ..
ثم رحلت من امامه سريعًا ،... وزع نظراتهُ بين الخاتم وبينها وهي معطية اياهُ ظهرها وتسير باتجاه البوابة الخاصة بالمنزل ، فتح السيارة سريعًا وهبط منها وقد صدح رنين هاتفه الذي كان بيده ، وهو يهتف :
_ ماتيلدا ..
لم يصل لها ندائه باسمها ، حيثُ كانت بعالم أخر تشارك فيه دموعها فقط ، ظن أحمد أن صديقة قد ارسل بالفعل السيارة لأخذ هذا الوغد ولم يجده فاضطر لفتح الاتصال وهو يقترب من ماتيلدا هاتفًا :
_ الوا ..
صدح صوت والدتهُ الباكي بحدة قائلة :
_ احمااد ..، الحقني يا بني .. اخوك بيمووت يا أحمد .. نبيل خبطته عربية وبيموووت مني يااا ابني ....
جحظت عينها بصدمة ،ثم عاد للسيارة مرة أخرى هاتفًا بخوف :
_ انتوا فين دلوقتي .. !
قاد السيارة سريعًا وأملته والدته عنوان المشفى الذي توجهت اليها سيارة الإسعاف ، فأنهى الاتصال مع والدته وهو يجذّ على اسنانه بغضب ثم ضرب عجلة القيادة بيده عدة مرات هاتفًا :
_ والله لو ليكوا يد في الـ حصلوا مهسيبكوا يا ***** ..
صوت عجلات السيارة التي دارت سريعًا استطاعت ان تصل لاذنه ،فنظرت للخلف بأعين دامعتين فوجدته قد رحل ..، رحل دون أن يُحدثها ويسألها لما فعلت هذا ... ، ببساطة قد رحل .
أغلقت الباب الحديدي من ورائها وجلست على الأرض تبكي بحدة وهي تضم قدميها لأحضانها وتستند برأسها على يدها التي وضعتها فوق قدمها .
في الأعلى عند سحر تحديدًا الدور الثاني وكان المنزل بأكمله يخص سحر وثريا فقط .
كانت تجلس تفحص الأرز بعيونً حذرة ،وثريا تأخذ من الدواء الخاص بها ، .. قطع تركيزها في حبات الرز صوت ثريا وهي تقول :
_ سحر ..! ، اسمعي كدا .. سمعى صوت حد بيعيط .. !
أطرفت السمع قليلًا وجعلت كل تركيزها على حاسة السمع بدل الرؤية ، وبالفعل استطاعت ان تسمع أحدًا يبكي ، فقالت باستغراب :
_ اهه ..،صوت حد بيعيط ..
_ طب قومي بصي من الشباك كدا ،.. تلاقي عيل تايهه ولا حاجه واقف قصاد الباب .. شوفي في ايه ..
_هشوف من البلكونه
وضعت الصينية التي تحتوي على الأرز على السفرة ، ثم قامت ودلفت نحو أحد الغرف التي توجد بها الشرفة .
اطلت من الشرفة نحو باب المدخل فلم تجد أحدًا يقف امام الباب وصوت الهمهمات الباكية تعلو ،فعلمت أن من يبكي خلف الباب من الداخل ، ولا توجد المفاتيح سوى مع جمال وماتيلدا فقط .
جزع قلبها عندنا خطر ببالها أن من تبكي في الأسفل هي ماتيلدا فهتف بفزع وهي تدخل لداخل :
_ يالهوي ... !
توجهت نحو الباب سريعًا هابطة للأسفل حيثُ دومًا ما يترك باب الشُقة مفتوحًا بالنهار ، أو على أقل الساعات الأولى منه .
هبطت للأسفل دون أن تجيب على تساؤلات اختها ،ووجدت بالفعل ماتيلدا تجلس خلف تبكي وحالتها يرثى لها ...
اقتربت منها سريعًا وهتفت بخوف :
_ ماتيلدا ..، مالك يا حبيبتي ..، انتِ مش كنت مع احمد .. اي الـ رجعك .. في ايه يا بنتي ما تردي عليا ....
لم تتحدث ماتيلدا بل واصلت البكاء ، فقامت سحر بمسك ذراعيها بحدة تحاول إيقافها فاستجابت لها بجسدًا وهنّ على وشك الوقوع .
أحاطت سحر يدها خصر ماتيلدا كي لا تقع منها وساعدتها في صعود السُلم وهي تهتف في نفسها بحزن :
_ يا ترا ايه الـ جرالك يا بنتي بس ..، كنتِ نزله زي الفل ومتحمسه اوي ..
***************************
صدح صوت التقاط صورة من هاتفه النقال ،فاقتربت منه سريعًا بحماس وهتفت :
_ وريني .. حلوة ..؟!!
رأت صورتها وهي بجوار أحد سيدات أسوان والتي ابتاعت منها عبائه مزركشه من الصناعة اليدوية وطلبت منها البائعة أن تلتقط صورة معها .
عادت زهرة بالهاتف للبائعة وقالت مبتسمة بمحبة :
_ بصي طلعا فيها جميلة ....
طالعت البائعة الصورة بملامح مبتسمة بصفو نية ،ثم قالت
_ يا حلاوة يا ولاد ..، والله ما ظاهر فينا الشيب ...
دفعت زهرة ثمن العباءة ثم حيتها وتقدمت من وليد الذي مدّ يده لها فاحتضنت كفه وساروا سويًا على ضفاف النيل .
_ طنط دي طيبة اووي .. ، استغربت طلبها جدًا...
رفع منكبيه بعدم اكتراث قليلًا ثم أجاب :
_ لاء عادي ..، هما طيبين فعلًا وعلى نيتهم اوي ..
_ البلد دي جميلة اوي يا وليد ..،اووي
طالعها قائلًا بحب :
_ عينيكي الـ جميلة يا حبيبتي عشان كدا شايفه كل حاجه جميلة ....
رنّ هاتفه فأخرجه من جيبه ونظر للمتصل وجدها والدته فقال مبتسمًا :
_ دي ماما ... وبترن واتس كمان
فتح وليد المكالمة ثم فتح الكاميرا لتظهر صورته أمام والدته ،ففتحت الكاميرا هي أيضًا ،أجاب قائلًا بسعادة:
_اذيك يا ست الكل ..، عامله ايه من غيري .. !
هتفت زهرة وهي تشد جزعه :
_ هات الكاميرا علياا انا كمان يا ولييد ...
_ يا بت استني خلعتي كتفي الله .. !
مدّ وليد يده ووضعه في النصف بينهما بعد أن رفع الصوت ،فتعالت قهقهة منال عليهم ،ثم هتفت :
_ طلعتي كتف الراجل من أول كان يوم يا زهرة .. براحة يا بنتي مش كدا ..
طالعته زهرة بحنق وكأنها تخبره 'عجبك كدا ..! ' ،فرفع لها حاجبيه ليزداد حنقها فقالت وهي تنظر لها :
_ دا بيكدب يا ماما والله ..،دا هو الـ مطلع عيني ..
مال على اذنه هاتفًا ببعض الكلمات ،فجحظت عينها بصدمة ثم زمت شفتاه هامسة :
_ يا مجنون ..! ، وليد والله هزعل منك ...
هتفت منال باستغراب مازح:
_ قولتلها ايه يا ابني...
نظر وليد لزهرة وهو يرفع حاجبه الأيمن فقامت بقرصه من ذراعه وهمست بصوتًا منخفض جدًا :
_ اوعى ..!
_ بتقوليلوا ايه يا زهرة ..
طالعت زهرة منال بحرج وقالت :
_ مافيش يا ماما ..، علماه ايه انتِ وتيتا كمان ...، ومريم وعز وسامي ..
ابتسمت منال واجابت :
_ كلنا كويسين يا حبيبتي ..، وليد عامل معاكِ ايه ..!
وجهه وليد الهاتف نحوه وأردف باستنكار :
_ اسأليني أنا يا حجه ..! ،دي مطلعه عليا القديم والجديد كلوا ..
طالعته والدته بشماته وهتفت :
_ احسن يا حبيبي ..
مدّت زهرة يدها نحو اذنه قائلة بغيظ :
_ يا كدااب ..، هتتحرق من طرطوفة لسانك دي ...
علت ضحكات منال عليهم سويًا ، ثم قالت :
_ أنا كنت عايزه اطمن عليكوا بس واضح انكوا هتموتوا بعض .. ااقصد كويسين مع بعض ...
أمسك وليد يد زهرة بحدة ثم قال وهو يجذّ على أسنانه بغيظ :
_ لا يا حبيبتي احنا كويسين .. ، ابقى سلمي لينا على كل الـ عندك لحد ما نرجع ... سلام يا ماما
_ مع السلام يا ولاد ، خدوا بالكوا من نفسكوا ...
ثم أغلقت معهم الاتصال ، ففصل وليد الشاشة وهو يهتف بنبرة مغتاظة :
_ بقا أنا الـ كدااب ..
سحبت يدها من كفها بسرعة ثم ركضت من امامه وهي تقهقه عاليًا ،فصاح وهو يركض خلفها
_ والله منا سيبك انهارده ...
أسرع اليه سريعًا وقام بحملها فشهقت عاليًا وهي تقول :
_ يالهوي ..!، انتَ اتجننت يا وليد نزلني .. احنا في الشارع
كانوا قد اقتربوا من سيارتهم ،فانزلها وهمس بجوار أذنها بصوتً عذب :
_ تعالي نرجع الفندق ..
دفعته في صدره وهتفت بحنق :
_ فندق ايه بس ..!، انا عايزه اتفسح ..!! ، عايزه أركب مركب في النيل يا وليد ...
_ يا بنـ..آآ....
قاطعته برفضًا قاطع :
_ لااء ..، مش راجعه الفندق دلوقتي أناا ...! ، انا عايزه اتفسح والف البلد دي ... ونبقى نرجع على الساعه تسعة ولا عشرة ....
رفع شفته العُليا لأعلى قليلًا وهتف باستنكار :
_ نعم يا اختي ..! ، عشر عفريت لما يلبسوكِ يا بعيدة ... ، ال عشرة بليل ال ... هي ساعة هنقضيها في النيل زي ما انتِ عايزه وبعدين نرجع الفندق تاني زي منا عاوز بقا ...
تذمرت وصاحت بانفعال وجده محبب لقلبه جدًا :
_ دا ظلم والله ..! ، انا ليا ساعة وانتَ باقي اليوم .. !!!
تنهد مردفًا برزانة، ونبرةٍ راجية:
_ مه هيبقى معاكِ يا زهرة، يعني هسيبك لوحدك
_ وليد .. قولت لاء يعني لاء ....
بعد ساعة ونصف كانت تستند على جزعهُ في غرفتهم في جناح الفندق ، أمال وليد رأسه للجانب قليلًا ليرى ملامح وجهها ، كان يعلوه الضجر والحنق فكتم ضحكته بصعوبة ثم تحدث قائلًا :
_ ما خلاص بقا يا زهرة ، قولتلك هبقى أعوضك يا ستي ..!
طالعته بملامح مكفهرة ثم مدت أصبعه في وجهه قالت :
_ ما تتكلمش معايا انتَ سامع .. !
غمز لها هاتفًا :
_ يا شرس انتَ ..، وحياتك بلاش الصبع دا لحسن بخاف منه ....
_ قصدك ايه يا بابا .. !! ،انا بخوف ..
قبض على شعرها وهتف مازحًا :
_ يا بت انتِ ناويه تعكنني على الـ خلفوني ليه بس ..! ، ما احنا لسا مقضين nice time
ترك شعرها فطالعته بغيظ ثم ابتعدت عنه لأخر السرير فهتف :
_ حاسبي لتقعي ...، ولا تقعي ايه السرير ارضي اصلًا ....
طالعها وهي تُعطيها ظهرهُ، فابتسم بحب واقترب منها، مردفًا بهمس:
- خلاص، ميهونش عليا زعلك ابدًا، ايه رأيك نتعشى انهارده في مركب على النيل، انا وانتِ وبس
*********************************
كانت تضع بعض الأشياء الخاصة بها في أحد الحقائب وهي في غرفتها بمفردها بعد أن ذهبت قمر وآمنة ليشتروا بعض الأشياء .
وجدت الباب يطرُق فهتفت قائلة :
_ ادخي ...
فُتح الباب ودلف ممدوح يستند على عصاه ، وتوجه نحوها وجلس بجوارها فاعتدلت في جلستها وهتفت :
_ في حاجه يا جدو ...
ابتسم قائلًا :
_ وهو لازم يكون في حاجه عشان اجي لحفيدتي ولا ايه .. !
ابتلعت ريقها وهي تهز رأسها بنفي ،فقال وهو ينظر للحقيبة :
_هاا ..، بتعملي ايه .. !
طالعت الحقيبة ثم عادت تنظر له قائلة :
_ بحط حاجات في الشنطة .... عشان هتيوح عند فتحي انهايده ...
_ اممم ...، انتِ الَ هتروحي توضبي هدومك .. !
أومأت بنعم وقالت :
_ اايوا ..، أنا وماما آمنة وقمي كمان ...
_عارفه يا ريم .... ، ابوكي الله يرحمه كان طايش اوي زمان .. وهو صغير وكان علّي دايمًا يخبي عليه ، ... مايغركيش دور التعب الـ ماسكني اليومين دول ...، لما كنت في قوتي وشبابي كان جدك دا بتتهزلوا شنبات كبار البلد كلها .. شنبات يقف عليها الصقر زي ما بيقولوا
تنهد بحزن ثم أكمل :
_ ضهري ما اتكسرش غير يوم ما ابوكي مات ... ، الصدمة قطمت ضهري وشيبت شعري يا بنتي ،... اليوم الـ دخل فيه علّي وهو بيقولي العربية اتقلبت بيه هو وأمك ... محستش بنفسي غير بعد تلات أيام من الغيبوبة الـ كنت فيها ... ، ستك عفاف ماستحملتش وطبت ساكته بعد منوا علطول ... ودي كانت الضربة التانية الـ قضت عليا بجد ... لولا عمك علّي وانتَ وإبراهيم وآمنة الـ مالين عليا حياتي ... وعمتك زاهية برضوا ، رغم اني مش بشوفها كتير لا هي ولا عيالها ،بس انتوا الـ عايشين معايا في نفس البيت كان زماني موت والله
اسرعت قائلة بشهقة خفيفة :
_ بعيد اشيي عنك يا جدو ...
_ لا شر ولا حاجه يا ضنايا ... المت علينا حق ، عشان كدا مش عايزك تزعلي مني يا ريم ، انا عارف انك من يوميها وانتِ زعلانه مني ويمكن كرهاني ، بس غاصب عني يا بنتي والله ...
اقتربت من جدها واحتضنته ،وكأنهُ بكلماتهِ تلك قد داوى جرحها وانتهى ، ربت على ظهرها بحنان وابتعد ممسكًا رأسها مقبلًا ايها بحب ، ثم أردف :
_ ربنا يكملك بعقلك يا حبيبتي .... ،قوليلي اساعدك في ايه ...
عرض عليها مساعدته بحب ،فابتسمت بسعادة ووقفت من على السرير وقفزت للأسفل وأتت بثلاث صناديق كبار ضمت بهم ادوات التجميل التي أتت لهت هدية من اصدقائها ، وأتت بحقيبة مخصص لهم ، ثم قالت :
_ حطيي اييوچ دا كيوا هنا .. ، عقباي ما اخيص ايـ بعميوه وهعمي معاك ...
وضع جده عصاهُ جانبًا ، ثم رفع قدميه على السرير ووضع الصناديق بجواره والحقيبة بين قدميه وهتف بحسرة مصطنعه :
_اخرتها يا ممدوح ، هتعبي الروچ لحفيدتك .. !!
**************************
توسط الإثنين لانش عبر بهم في مياه البحر الأحمر ،كانت تجلس في المكان المخصص لهم بالجلوس وهو يقف أمامها بنطال يصل لبعد الركبة بقليل وفانلة بحملات عريضة ،وعلى أثر جذبه للمقود بحدة كي يستطيع التحكم في الانش ظهرت عضلاته بقوة .
تلاعب بالمقود قليلًا فاهتز الانش بحدة مما اثار فزعها فهتف بخضة :
_ سرااج ..!! ، هتقلابنا في المايه ..!
قهقهة بصوت عالي وهو يهتف :
_ لاء جمدي قلبك يا سوسو ..، احنا لسا هنتقلب في المايه وناخد دور swimming حر انما ايه .. !!
_ دا مع نفسك ..،... يييه سراج وقف البتاعه دي قلبتلي بطني ...
طالعها بنظراتً خاطفة ،وعندما وجد تجهم ملامحها بالفعل قرر ان يترك الانش قليلًا ساكنًا في المياه .
أقترب وجلس بجوارها ثم أخاط خصرها بذراعيه فاستندت على صدره وهي تهتف :
_ فيها ايه لما نقعد هادين كدا وراسين .. ! ، بدل حو الشقلباظات دا ...!
قهقهة بصوت مرتفع ،ثم هتف بنبرة خبيثة:
-والبحر ايه غير شقلبظات، انتِ لسا شوفتي حاجه، دا انا وقفت عشانك بس...
- طب خلاص بقى، طلعني من هنا، واتشقلب براحتك!، يا رزل
*************************
_ لسا مأريف الواد برضوا .. !
هتفت بها حكمت لمريم وهي تجلس أمامها وتضع عزالدين على يدها بين احضانها تهدهد وهو يبكي ويصعب عليها معرفة فيما يبكي .
احنت رأسها تقبل جبهته وهي تقول :
_ مالك يا عز بس .. !! ، ايه يا حبيبي مامي .. !
كانت حكمت قد هاتفت مريم لتأتي للمكوث معها لأنها تشعر ببعض التعب ،فاستأذنت مريم من منال بالخروج لأن سامي لم يرد على اتصالاتها ..
لوت حكمت شفتاها بضيق وهي تقول :
_ والمعدول لسا مردش ..! ، اييه مستني ابنوا يموت وبعدين يفتح الخط ..
طالعت مريم والدتها بضجر وهتفت :
_ تلاقيه مشغول يا ماما ...
_ مشغول عن ابنوا ومراتوا ... دا يتشغل على الناس كها الا انتوا .. !!
وجدت مريم أن الحديث سيأخذ مسارًا أخر كعادة والدتها ،فجذبت حقيبتها ووقفت قائلة :
_ طب يا ماما أنا اطمنت عليكِ ، همشي بقا عشان احود اكشف على عز بالمرة لحسن جسمو بدأ يدفى ...
رن جرس الباب فهتفت حكمت وهي تشرأب بعنقها لأعلى قائلة :
_ افتح يا ولا يا حسن ... ،
'ثم وجهت بصرها نحو مريم وقالت :
_استني يا مريم يا بنتي ..، اديلوا خافض للحرارة واقعدي معايا اتغدي ...
وضعت حقيبتها البيضاء على ذراعها وهتفت :
_ معلش يا ماما يوم تاني ..، سامي كمان ميعرفش اني هــ..آآ
قطعت كلامها عندما وجدت عماد ابن عمها يدلف الغرفة ،ثم هتف متفاجأً عندما وجد مريم هنا :
_ ايه دا مريم ..!! ، دانا ربنا بيحبني بقا عشان حيت ولقيتك عامله...
_ الحمدلله يا عماد
ابتسم لها ،ثم نظر لزوجة عمه وقال :
_اذيك يا مرات عمي عامله ايه .. ماما قالتلي انك تعبانه فقولت احود عليكي ..
هتفت حكمت وهي تحاول الاعتدال :
_ فيك الخير يا عماد يا بني والله ...، مش زي ناس ..!
كانت تقصد بكلامها سامي ، فطالعتها مريم بحنق وهتفت بعجالة :
_ ماشي ،.. انا همشي بقا يا ماما .. مع السلام ..
وقف عماد وقال بسرعة :
_ طب انا نازل يا مريم تعالي اوصلك ..
كادت أن ترفض لولا حكمت التي قالت :
_ اهه والنبي يا عماد ،لحسن عزالدين تعبان وهتروح تكشف عليه ..... وجوزها مش فاضيلها ...
استشاطت غيظًا من والدتها وما تفعله ،مصرة على حد
اقحام سامي في اي شيء ..! ، هتفت بغيظ :
_ منا قولتلتك يا ماما في الشغل وبيبقا قافل فونو ..، مع السلامة ...
ثم توجهت سريعًا الى الخارج ومنه الى باب الشقة ، فأسرع عماد خلفها بعد أن ودع زوجة عمه وهبط ورائها .
ضمت مريم ابنها لصدرها ثم قبلت جبهته فوجدت حرارته قد ارتفعت جدًا ، وصلت لمدخل البناية في الأسفل وهمت بالخروج لكن توقفت عندنا نادها عناد عدة مرات ، فوقفت له ثم استدارت وتحدثت قائلة بضيق :
_ عماد لو سمحت ...، أنا دلوقتي ست متجوزة ومخلفه كمان ملهاش لازمة كل ما اجي عند ماما القيك عندها وبعدين تسببلس مشاكل مع سامي ... جوزي وابوا ابني يا عمااد ...، ويا ريت برضوا تفضل تزن على ودان ماما وتملاها من ناحية سامي ... عنئذنك ..
كان عماد يقف على درج بالأعلى يستحيل أن يرى من يقف بالأسفل أمام الباب في الخارج ،وكانت مريم تنظر له وظهرها للباب .
شهقت بفزع عندما استدارت ووجدت سامي يقف خلفه ، فهتفت باضطراب :
_ سـ..ااا سامي .. !
اقترب منه بهدوء ثم وقف أمامها ومال يقبل رأسها بهدوء ايضًا ، رفعت راسها بتوتر قليلًا ثم نظرت له ولعماد الذي اقتحن وجهه بدماء الغيظ والكره .
هتف سامي مبتسمًا :
_ استنيني في العربية يا روري ..
شددت من قبضتها على ابنها وتوجهت للخارج سريعًا ، اقترب سامي من عماد ووقف امامه ثم قال بهدوء مبطن بالتهديد والتحذير :
_ دي أخر مرة هسمحلك فيها تقرب من مراتي تاني ...، انا بتكلم بالذوء والهدوء .. على اساس ان الـ واقف قدامي راجل يعني ...، لكن لو شوفتك واقف في الشارع الـ هي واقفه في بس ...، صدقني هموتك يا عمااد ..
هبط عماد الدرجات الفاصلة بينهم وهمس أمام بكره :
_ مريم دي كانت هتكون ليا أناا ..، لولا انك جيت ..! ، من صغرنا واحنا عارفين اننا لبـ..اا
_انت .. ،وانت عارف مش احنا ..، هي عمرها لا حبيتك ولا هتحبك يا عماد ...
'ثم دفعه بيديه بحدة عدة مرات في صدره بقوة وأكمل بحدة :
_ هقتلك المرة الجاية لو لقيتك في طريقها يا عماااد ..
ثم دفعها في الأخر بحدة على الأرض ليقع مستندًا على الدرج خلفه ، القى سامي عليه نظرات محتقرة ثم تركهُ وخرج .
توجه نحو سيارته ووقف أمام باب مقعد السائق ثم فتحها ودلف جالسًا على المقعد ، كانت تجلس وهي تضم ابنها لأحضانها بخوف قليلًا .
بدأ سامي بالقيادة ، فهتفت مريم بصوت متوتر :
_ اا اطلع على المستشفى يا سامي ..
رغم غيظها وحنقها منها الذي لم يظهره الا انه التفت لها قائلًا بقلق لم يستطيع اخفاءه :
_ مستشفى ..! ، مالك يا مريم .. انتِ تعبانه .. !!
أومأت رافضه وهو تجيب :
_ لاء ... عزالدين هو الـ تعبان .. مأريف وجسموا ساخن اوي ..
مدّ يده ووضعها على وجه ابنه فوجدهُ يشتعل من السخونة ، فقاد سيارته بسرعة عالية وطالعه متحدثًا بانفعال :
_ولما هو تعباان من الصبح ماطلعتيش ليه من بدري على المستشفى ...، ولا حلوة قاعدتك مع البيه هناااك ... !!
رغم انه سمع أغلب حديثها مع عماد الا ان الحديث خرج منه هكذا دون أن يعلم كيف ، نظرت له مريم بعتاب وحزن ثم ضمت ابنها لها أكثر ..
................................................
_استغفرالله العظيم ....، طب قولي اي حاجه طيب انتِ يا تعيطي يا تسكتي ومتكلميش ...، قولي يا بنتي مالك ايه الـ حصل ... ،وأحمد حتى ما بيردش ...
لم تتحدث ماتيلدا وظلت نائمة على السرير لكن عيناها مفتوحتين وقد ورمت من البكاء ،وسحر تجلس بجوارها على السرير ،.
ضربت سحر فخذيها بانفعال من صمت ماتيلدا ثم قالت لها بصوت حاولت جعله هادئ :
_ طب احمد زعقلك جامد مثلًا ...، او قولتي حاجه زعلته منك ..!!
هتفت ثريا بحنان :
_ قولي يا بنتي عشان نقدر نساعدك لو فيه حاجه بينك انتِ وأحمد ،قبل ما الموضوع يكبر يا بنتي ..
رن جرس الباب فوقفت سحر وهتفت :
_ هشوف مين واجي ....
توجهت سحر نحو الخارج وثريا تشيعها بنظراتها ، في الخارج ،سلمت سحر على جمال هاتفه :
_ بقالك كتير ماجتش يا بني ..، هي نورهان خدتك مني ولا ايه .. !
جلس في الصالون ،وهتف مازحًا :
_ مين دا الـ ياخدني منك يا سحورة ..، دانا والله ما بعرف اقعد معاها ،شغالين في قضية كبيرة اليومين دول وبغيب عنها كتير ...
جلست بجواره وقالت :
_ طب ماتسبهاش تقعد لوحدها يابني كدا ..، يوم ما تحس انك هتتأخر برا هتها تقعد معانا هنا وابقى تعالى اتغدى معانا ...، او اقولك هبتعلك اكلك معاها ..، بس حرام تقعد لوحدها كدا ..
_ والله انا لما ببقا عارف اني هبيت برا بجبهالك ..، بس لما برجع البيت ببقا عايزها معايا ..، بيني وبينك كدا معتش اقدر استغنى عنها الصراحة ..
ربتت على فخذه بحنان مردفه :
_ ربنا يبارك لك فيها يا حبيبي ، واشيل عوضكوا قريب ان شاء الله ...
_ ان شاء الله يا خالتي ..، ادعيلي نفسي ربنا يرزقنا بعيل اووي ...
_ ان شاء الله يا حبيبي ...
_ امال فين ماما .. مش شايفها يعني ..!
_ قاعده مع ماتيلدا جوا بيتكلموا .. استنى هندهالك ..
همت بالوقوف فامسك بكفها سريعًا وأجلسها قائلًا :
_ لاء استني ،عايزك في حوار كدا ..
ابتسمت بخجل وقد علمت فيما سيحادثها ، طالعها جمال مدققًا ثم هتف :
_ انتِ عارفه صح ..! ،نورهان بنت الذينه قالتلك .. !!
أومأت بنعم فقال بنظراتًا ذات مغذى :
_ اممم ..، وعرستنا رأيها ايه بقى ..، بصي هو عايز الجواز وكتب الكتاب وكلوا بعد شهر واحد ..آآ
شهقت فزعة وهتفت مدهوشة :
_ ايه ..! ، شهر ،شهر ايه يا جمال دا الـ الحق اجيب فيه حاجه ..! ،لاء طبعًا ...
غمز لها بمكر وهتف بمزاح :
_ افهم من كدا انك موافق. على سؤالي الأولاني ،وملاهاش لازمة نتأخر في الرد انا هكلمه اقوله موافقة ..
ارجع ظهره للوراء وهو يضع يده بجيبه يأخذ الهاتف ، فأمسكت ذراعه هاتفه برفض :
_ موافقة ايه بس ..، احمم... انا ..ااا. يعني .. ماشي موافقة .. بس سيبوا كدا اسبوع ولا اتنين .. وبعدين قولوا ..
_ والله ..!! ، حضرتك بتستعبطي يا خالتي ..
لوت شفتاه بامتعاض ثم قال مستنكرة :
_ ولازمتها ايه حضرتك وخالتي بقى يا ابن ثريا ..!
_ اصل اقولك ايه ..! ، ال اسبوع ولا اتنين ..الراجل جاهز من كل حاجه ،وهياخدك وتروحي معاه الشرقية آآ
التفت له وشهقت فزعة ثم اردفت بعدم تصديق :
_ واسيب هنا ..!! ، لاء طبعًا شرقية ايه ..!؟
_ يا سحر .. هنا مالكيش حد غير انا وامي ...، وبعدين مش فؤاد دا الـ بتحبيه احمدي ربنا انك لقتيه ...، وملاهاش لازمة مكابرة اكتر من كدا بقى ،اتجوزي وسافري ..، ويا ستي احنا نجيلك مرة انتي تيجي مرة ..، اكيد مش هنقطعوكي يعني .. ، اتحوزي يا خالتي وعيشي حياتك وخلفي كمان واعملي كل الـ كان نفسك تعمليه ...! ، لولا الظروف كان زمانك متجوزه من خمستاشر سنة ..، بس نقول الحمدلله اكيد في خير في دا ..، مش كل تاخيره وفيها خيرة ...
نظرت امامه بحيرة وشرود ..، تريد ان تتزوجه الآن قبل غد ،تريد ان تستمع بما حرمته ُعليها الحياة من قبل ، لكن شهر مدة قصيرة للغاية ، بالإضافة الى انها لا تعلم إن كان فؤاد قد ظل الشاب الذي حلمت به ام تغير ،.. لا تعلم ...!!
تنهدت قائلة بحيرة :
_ مش عارفة يا جمال ... ! ، خايفه اوافق اندم اني اتسرعت .. وخايفة ارفض ... اندم اني سبته يضيع من ايدي تاني ..!
_ بصي يا ستي .. ،من كلاموا عنك احب اقولك انو مش هيخليكِ ترفضي اصلًا ...، يعني ممكن يخطفك اساسًا لو قولتلوا انك رافضة ....
هتفت سحر بصوت هامس :
_ مش بعيد والله ...
صدح صوت نغمة هاتف جمال ،فمدّ يده يأخذه ثم نظر للمتصل وعقد حاجبيه باستغراب ثم أجاب قائلًا :
_ الوا ..، اذيك يا طارق عامل ايه ...
_........
_ لاء معرفش ايه الـ حصل ...، انا لسا جاي من الجهاز من شويا ...، مفيش حاجه حصلت ..، فيه حاجة ولا ايه ..!
_..............
هب من مكانه واقفًا بصدمة ثم طالع خالته باستغراب وهتف :
_ اخوه ..!! ، امتى الكلام دا ...، طب هنا فين دلوقتي طيب ..!
_...........
_ طب وسيادة اللوا ... !
_.........
_ اكيد ليهم يد ..، ماتنساش ان هو قائد الفريق ..
_...........
_ ماشي يا طارق انا هقفل وهرحله .. مع السلامة ..
أغلق جمال الهاتف مع صديقه في مبنى القوات الخاصة بعدما علم ما أصاب نبيل اخو أحمد ، وضع جمال الهاتف في جيبه وقبل أن يتحدث ،هتفت سحر بقلق :
_ في ايه يا ابني .. ايه الـ حصل ..!
طالعها جمال مستغربًا أكثر وقال :
_ انتوا اذاي ماتعرفوش ..، ولا ماتيلدا كمان ..!
_ الله ..! ، في ايه يا جمال ..ما نعرفش ايه ..!
تنهد جمال بضيق وأردف :
_ نبيل اخوا أحمد الجبالي .. عمل حادثة وفي المستشفى بين الحيا والموت ..!
انفرجت عينها بصدمة وهي تلطم صدغها هاتفه :
_ يا مصيبتي ..!!
_ انا لازم اروحله دلوقتي ....
همّ بالتوجه نحو الباب فأوقفته سحر قائلة وهي تتوجه نحو الداخل :
_ استنى اما اقول لماتيلدا ونيجي معاك ..، مهما كان خطيبته برضوا ولازم تكون معاه ..
**********************************
كان يذرع الرواق ذهابًا وايابًا ، المكان هادئ الى من صوت بكاء ودعاء والدته والعواء مليء برائحة البنج المزعج ، استند أحمد بظهره على الحائط ورفع رأسهِ للأعلى وهو يمسك بين اصابعه خاتم ماتيلدا يقلبه بين يده .
أستمع لصوت حذاء يطرق بصوت عالي وصوت أقدام تقترب وهمهمات فرفع رأسه وأداره نحو اليسار حيثُ منبع الصوت ،فوجد جمال وماتيلدا وسحر يقتربون منهم وعلى وجوههم اللهفة .
اقترب جمال من أحمد واحتضنها مشددًا من أزره ثم ربت على ظهره بمساندة وهتف :
_ ما تقلقش ان شاء الله هيطلع ويكون كويس ... املنا في ربنا كبير ...
اقتربت سحر وحيته ثم قالت بحزن :
_ ان شاء الله هيكون كويس يا احمد ... ، ربنا يشفيه ويخرج على خير يا رب ...
اومأ موافقًا دون الحديث فهو من عظم مصيبته لا يقوى على أن ينبت بنبت شفه ، تحرك جمال ليهاتف أصدقائه يخبره بالوضع هنا ،كما تحركت سحر لشد بأزر زينب وتواسيها .
ابتلعت ماتيلدا ريقها بتوتر واقتربت من أحمد باضطراب حتى وقفت بجواره وهتفت بهمس :
_ أهــ ...احمد ...آآ
قاطعها مردفًا بجفاء :
_ ايه الـ جابك ..! ، انتِ مش رميتي دبلتي وقولتيلي مش عوزاك من غير اي تفسير .... جيتي ليه بقى ..!
رفعت نظراتها له تود أن تخبره ما حل بها لكن لم تستطيع فقد انحصرت الكلمات في حلقها ، نظر أحمد لعينها وقد اندهش من شكلهما فقد كانت عينها عبارة عن كتلتين متورمتين ويغزوها الحمّار من كثرة بكاؤها .
كاد أن ينفلت السؤال من بين شفتاه متسألًا عن ما حل بها لتبكي هكذا ،الا انه صمت مرغمًا حتى لا يظهر امامه بموقف ضعيف وهو لا يقبل أن تُهدر كرامته مهما كان الأمر .
*************************************
_ يا أهلًا وسهلًا ...، نورتوا والله .. اذيك يا ياسر يا حبيبي عامل ايه ..!
هتفت بها منال بابتسامتها المعتادة وهي تستقبل عزيز وياسر بعد أن تم دعوتهم من قْبل سالم زوجها اليوم ، اقترب سالم منهم بخطوات ثابتة رزينة ،ثم هتف بابتسامه صغيرة :
_ عزيز .. حمدلله على السلامة يا صحبي .. نورت .. اذيك يا ياسر يا ابني .. اتفضلوا اتفضلوا ..
دلف الإثنين خلف سالم ومنال بعد حيوهم ، ثم أخذ سالم عزيز نحو المكتب ليناقشوا بعضً من أعمالهم الهامة فتبقت منال مع ياسر فأردفت بحنان وهي تملس على خصلات شعره :
_ عامل ايه في دراستك يا حبيبي
ابتسم لها ياسر بمحبة فلطالما كانت تلك المرأة الحنونة تسأل عليه دومًا وتعرف اخباره ،كما انه الوحيدة التي يشعر اتجاها بحنان الأم الذي حرم منه بدون سبب ، هتف بنبرة عادية :
_ كويس يا طنط .. هو .. وليد هنا وسامي ... ممكن العب معاهم ..!
وقفت ومدت يدها لهُ ،ليمسك كفها وهي تقول :
_ اهه ،موجودين ... تعال يا حبيبي هوديك ليهم تلعب معاهم دول مستنينك من بدري ..
توجه معها نحو الخارج ومنه الى الحديقة في الخارج ، استقبل وليد وسامي ياسر بالترحاب ثم اخذوه للعب معهم ، تحن أعين منال المشاهدة لهم بترقب خوفًا أن ينزلق احدهم في حوض السباحة أو يقع على الارض وتتأذى قدماه .. ،وحدث ما كانت تخشاه ..!
حيثُ على صوت صراخ ياسر عندما تعرقل ووقع مصطدمًا بأحد الصخور مما أدى الى انجلاط قدمه بصورة كبيرة ، توجهت له سريعًا تساعده في القيام وهتفت بحدة لوليد عندما رأت اندفاع الدماء من ركبة ياسر بغزارة :
_ روح يا وليد بسرعة هات علبة الأسعافات من حمام اوضتي ...، يلا بسرعه ...
كان الكمّ الخاص بمنال واسع بحدة وذو قماشة يسهل عليها قطعه ، فقامت بشقه وقطعه ولفته حول قدميه لتمنع النزيف الحاد من قدمه حتى اتى وليد بعلبة الإسعافات الأولية وقامت بتضميد جرحه .
عاد من شروده في تلك الذكرى الذي مر عليها أكثر من خمسة عشر عامًا عندما كان الحال غير الحال ، كان في غرفة مظلمة الا من اضاءة خافتة بشدة تخرج من المصباح الذي يقبع أعلى المكتب الموجود عليه صور عديدة لـ .. وليد ،زهرة ،سامي ،مريم ،عزالدين ، إلهام ،سُمية ،سراج .... ويمسك بصورة منال بين يده .
رفع الصورة أمام عينيه وظل يمررها بين أصبعيها من الخلف والأمام ، ثم هتف بصوت يملأه الشر والكره :
_ مممم ..، مكنش نفسي أبدأ بيكِ .. بس أنا عارف انك غالية اووي عند وليد عشان كدا هبدأ بيكِ يا منال .... معلش بقا يا ست الكل ،كام لازم تعملي حساب لزمن وتعرفي انوا قادر يخلي الإنسان الكويس .. وسخ وابن حرام كمان
وضع الصورة على المكتب بعيدًا عن الصور الأخرى ثم أمسك بسكين محدود من فوق بسن مدبب للغاية وقام برفعها في الأعلى كالكرة في الهواء لتتقلب تتقلب ثم تهبط بين حاجبي منال في الصورة ...!!
..........................................
.............................
.....................
............
.....
..
.
أنت تقرأ
تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان © -مُكتملة-
Mystery / Thriller"دراما مصرية " _وليد إنت ليك علاقه بقتل محمود ..!! لم يستطيع الأجابة فقط أكتفى بهز رأسه بالايجاب ، فشهقت إلهام بصدمة وحزن في آن واحد وقالت: _اذاي .. اذاي يا بني ..! تنهد بحزن ثم اعتدل وطالعها قائلًا: _ ياسر يا إلهام هو الـ قاتلوا ، كان عايز يجندوا ب...