تائهة في سرايا صفوان :
الفصل السادس......
قبل قليل ..
كانت تجلس زهرة تحتضن نفسها بيدها ،تنظر أمامه بشرود ،أصبحت يتيمة بكل ما تحمله الكلمة،لم يعد لديها أهلًا أطلاقًا .
اغمضت عينها وهي تبكي بقهرة فربتت أحدى السيدات على ظهرها قائلة بشجن:
_وحدي الله يابنتي امال ، في الجنه ونعمها إن شاء الله
أبتلعت غصة مريرة بحلقها الجاف ولم تعلق،تفكر فقط
الآن والدها يحتضن التراب ، سندها لم يعد موجود ..أنحنى ظهرها بشدة!!
لمحت ثلاثة نسوة يدلفن من الباب يبدو على أثرهم الثراء الفاحش ، فعقدت حاجبيه بإستغراب عن ماهيتهم ..؟!
وهي تحاول جاهدة أن تتذكر هذا الوجه العجوز أين رأته ..!
لم تقوى قدمها لحمله كي تذهب لهم ،تقدمت إلهام منها فقامت المرأة التي كانت تجلس بجوارها ،لتجلس إلهام ومكثت سُمية وأمها على مقعد أمامهم .
رفعت إلهام يدها تربت على ظهر زهرة التي لم تتحرك ساكنه وقالت وعينها تجول على صفحة وجهها:
_ الله يرحمه يابنتي دا كان غالي علينا أووي
نظرت لها وحاولت جاهدة أن تبتسم فيبدو بالفعل أن والدها كان محبَا من الجميع ، أخرجت صوتها المجهد بهمس متقطع:
_ حضـ.. حضرتك مين ..!
مدت إلهام يدها تمسك كف زهرة بين يدها وقالت :
_ أنا الـ أبوكي أنقذ ابنها كذا مرة من الموت ورجعهولي بسلامة
هزت رأسها بتفهم ظاهري أما داخله فلم تكن تعلم عما تتحدث ولم تكلف نفسها عناء الإستفسار حتى .
على المقعد المقابل لهم كانت تجلس منال وسُمية على يمينها وامرأة على شمالها .
مصمصت المرأة شفتاه بحزن وقالت بنبرة حزينة على حال زهرة:
_ يرضي مين دا بس يا رب ، الراجل يموت مقتول وهيا لا ليها حد ولا سبت ..!
جذبت إنتباه منال بكلماته فأدارت وجهها تهمس لها :
_ معقول ملهاش حد .. !
أشارت المرأة بأعينها على النساء الموجودين لتقول بقلة حيلة:
_ شايفه النسوان دي كلها ،اهم دول أهل الشارع والعماره، .. الجيران يعني ،إنما شوفنا ليها لا خال ولا عم حتى ..!!،لاء والراجل يموت مقتول وهو خارج من صلاة المغرب ..!!
تمتمت منال بحزن وآسف :
_ لا حول ولا قوة إلا بالله ..، ربنا يصبرها ويجعل مثواه الجنة
_آمين ..، ميت وهو طاهر الله ينولهالوا يا رب .****************
_هو حضرتك مش من هنا ولا ايه
قالتها قمر عندما رأت ملامح إبراهيم التي لم تعلم أهي صدمة أم استغراب أم ... شافقة !!!
لم يجد أمامه مفر سوى أن يقول ، وخصوصًا أن الشارع لا يوجد فيه الا بعض المارة فقط .
أقترب يقف بجواره وقال بصوت جاهد أن يجعله متزن :
_ بصي ..، إنتي عارفه أن الموت علينا حق ..
نظرت له ببلاها مستغربه حديثه ، ثم لمحت أنها ترتدي الأسود فقالت بحزن جم:
_ اهه عشان الأسود دا ، .. أصل ... مامي ماتت من أسبوعين ..!!
حان دوره لينظر لها ببلاه وغباء ..، ماذا يفعل أيخبرها أن هذا العزاء لخالها أما ماذا ..؟!
فكر قائلًا أنه الحل الأمثل أن يبتعد بهدوء ويتركها هكذا ..، إلا أن قلبه لم يطاوعه .
كاد أن يتحدث لولا أحد الشباب الذي تقدم منه قائلا:
_ هو حضرتك ابرهيم بيه الساعي بجد ..
أماء رأسه وكاد أن يتحدث إلا أن الشاب قاطعها وهو يهتف:
_ هو حضرتك قريب عم محمود الجمال الله يرحمه ،أصل شوفتك في العزا بتوعوا يعني وواقف تاحد عزاه ،فقولت أكيد قريبه ..!!!!
_محمود ... محمود الجمال ، خـ.. خالي ..،دا آآ خالي...!!!!!
قالت كلماته بتوهان وهي ترفع يدها لتستند على الحائط فمد إبراهيم يده يمسك يده وقال:
_ اهدي بس..
_ دا خالي .. الـ مات دا خالي ، أنا .. أنا كنت راجعه اقعد في حضنوا .. بعد .. بعد ماكانول هيأذوني .. دا خالي ..،أنا .. أنا معتش ليا حد .. دا ..خـ...
لم تقدر قدميها على حملها لتسقط أرضًا وإبراهيم بجوارها يحاول رفعها ..،نظر لشاب وقال بحدة:
_أنت .. واقف تتفرج ، هات مايه يبني آدم أنت
أنطلق الشاب يأتي بالماء ، بينما قمر كانت بعالم أخر تردد بأسم خالها فقط ،وقد تجمعت آلاف السيناريوهات تحتضن مخيلتها عن مجهولها القادم .
_ قمر .. قمر فوقي ، دي إرادة ربنا
بكت ..بكت بحدة ،لم ترى هذا الخال لكن هو ماتبقى من رائحه والدتها ،رأى حالتها التي تسوء شئ عن شئ فاضطر لحمله وهو يهاتف لأحد الصبيه الذي يتابع الموقف بفضول:
_ممكن تجيب الشنطة دي ورايا ..
أماء مسرعًا بنعم وتقدم يجرها خلفه ، توجه إبراهيم بقمر إلى السرداق ،كان يحيط الشادر من الخلف فلم يره أحدًا ،إلا أنه اضطر ليتوجه من أحد الفتحات _قاصدًا المنزل_ وسيراه الجميع .
وبالفعل تقدم وأعين من بالعزاء تتبعه بفضول ،ليدلف إلى مدخل العماره صاعدًا لأعلى .
أصبح أمام الباب مباشرة ،رأته سمية وهو يحمل أحدهم فتقدمت منه تهتف بإستغراب:
_ إبراهيم .. في ايه
اشار لها برأسه وأردف:
_ فضلي سكه بس أدخلها لأي سرير ..
كادت أن تتحدث تخبره بجهلها للمكان والغرف ، إلا أن "ام علّى" تقدمت منه بلهفه وهي ترى الفاقدة للوعي على يده
_ يا ستار استر يا رب ..! تعالى يابني حطها جوا ..
تقدم معها لأحد الغرف تتبعه سمية ايضًا ، ووضعها على سرير ما برفق وقال :
_ عايزه أي برفان نفوقها بيه
كانت سمية تمسك حقيبتها فقالت وهي تفتحها:
_ أنا معايا..... خد
جذبها منها وبدأ بالرش على كف يده ثم قربها من أنفه تستنشقه ..، فتحت أعينها ببطئ ثم نظرت للمكان تستوعب أين هي ..، ثم للأشخاص
لم تعلم لا المكان ولا الأشخاص سوى إبراهيم .
كانت زهرة تتابع الموقف من بعيد بأعين الإستغراب ، قامت من مكانه متوجه لهم فتقدمت أحد النساء تساندها كي لا تقع ، إلا أنها اوقفتها بإشاره من يدها ثم توجهت لهم تستند على نفسها .
وقفت على باب الغرفة ، ودلفت بخطوات بسيطة فاقتربت سمية تقف بجوارها مستعدة لإسنادها اينما وقعت أو ماشابه ..
_مين دي يا طنط "ام علّي"
قالتها زهرة بخفوت ،لتنظر لها "ام علّي" رافعه منكبيه وتقول:
_ علمي علمك يا بنتي ، شكلها جاي العزاء .. أبوكي أحباب كتير يا زهرة يا بنتي
نظر ابراهيم بإستغراب .. ، كيف انها لم تعرف ابنت عمتها .. ،ثم تذكر أن قمر قد أخبرته بانهم لا يعلمون عنها شئ ..
قال بتروي يحكم كلماته :
_ دي الآنسه قمر هيكل .. بنت أخت الأستاء محمود الجمال ..
وضعت يداها على فمها مصعوقة .. مما استمعته للتو ، ماذا قال .. ابنة عمتها منيرة ..!!!
ابنة عمتها التي بحثت عنهم مرارًا وتكرارًا لتبرد قلب أبها برؤيتهم .. !
اقتربت منها زهرة وقد عرفت الدموع مجراها لتمشي على خديها ، جلست بجوارها على السرير وقمر تنظر لها وزهرة تنظر لها أيضا ..
هتفت زهرة بصوت متهدج :
_ قـ.. قمر ..!!!
امأت الأخرى برأسها دون أن تتحدث فاقتربت زهرة تحتضنها بشدة وعمق لتستقبل الأخرى هذا الإحتضان بإحتضان مماثل لها ، وقد علمت أن هذه ابنة خالها أيضا ، حسنًا لن تغادر هذا المكان .. وأخيرًا علمت بأخر فرد على قيد الحياة من عائلة والدتها
علت أصوات بكاءهم الاثنين، وقد انسحب ابراهيم عندما لم يجد ان وجوده سيفيد ، ابتعدت زهرة أخيرًا من أحضان قمر لتقول بصوت متقطع من البكاء :
_ با... بابا ... كان ..نفسوا .. يـ. يشوف عمـ... عمتوا اووي..
بادرت قمر بإحتضانها هذه المرة وقالت بصوت حزين هامس :
_ الله يرحمهم هما الاتنين .. !!!
شهقت زهرة بعنف واضعه كف يدها على فمها ثم أغمضت عينها لتقول :
_ هي .. هي كمان .. !
أنت تقرأ
تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان © -مُكتملة-
Mystery / Thriller"دراما مصرية " _وليد إنت ليك علاقه بقتل محمود ..!! لم يستطيع الأجابة فقط أكتفى بهز رأسه بالايجاب ، فشهقت إلهام بصدمة وحزن في آن واحد وقالت: _اذاي .. اذاي يا بني ..! تنهد بحزن ثم اعتدل وطالعها قائلًا: _ ياسر يا إلهام هو الـ قاتلوا ، كان عايز يجندوا ب...