الفصل الثالث والأربعون الجُزء الثاني

4.5K 230 65
                                    

تائهة في سرايا صفوان
الفصل الثالث والأربعون
"الجُزء الثاني "

............................................

وقف في شرفة مكتبه يرتشف من كوب القهوة خاصته بهدوء ناظرًا لنقطة ما في الفراغ حيث كان أمامه مساحة شاسعة من السماء الصافية ليلًا، وما ساعده على ذلك وجود الشرفة في منطقة عالية جدًا عن سطح الارض.
نظر للأسفل حيث حركة السيارات والطريق المزدحم وعيناها تُتابع وتُكرر هذا المشهد الذي راهُ بأم عينيه أمسً.
دق باب الغرفة ثم دلفت سيدة تقول بعملية:
_ الضيفة وصلت يا باشا ...
التمعت عيناه بالخبث ثم رجع للخلف وتقدم نحو الداخل جالسًا على مكتبه الأنيق، ثم أشار لها بأن تُدخلها.
دقائق غابت فيهم تلك السيدة لتأتي ومعها سيدة أخرى، تظن من الوهلة الأولى أن ملامحها تنم على الطيبة، والخير لكن داخلهم أبعد بكثير عن هذا.
تقدمت من المقعد المقابل للكتب وجلست عليه، فهتف الرجل بحدة:
_ هو أنا اذنتلك تقعدي ..!
مدت يدها لتفتح علبة السجائر الذهبية تلتقف واحدة منهم، كانت ضخمة بين أصابعها باللون البني، هتفت بنبرة غير مكترثة:
_ وأنا من امتى بستأذنك يا سيد ..!!، معاك ولاعة
رغم ما انهُ يعرف بوضعها، الا انهُ لا يكره سوى ان يشعر ان هناك احدًا اعلى منه مكانة، لذا طرق على المكتب بحدة مردفًا :
_ انتِ نسيتي نفسك انتِ مين هنا ..!!
طالعته ببرود هاتفه بنبرة هادئة وهي تخرج قداحتها التي تُشبه السلاح باللون الفضي يخرج منها بريق حاد، أشعلتها لتظهر النيران بها ثم طالعته بنظرة ذات مغزى قائلة:
_ لاء شكلك انتَ الـ نسيت نفسك انا مين برا يا سيد يا مُختاار ... وانتَ عارف ان بكلمة مني اقدر أوديك جهنم الحمرا ...
ذكرتهُ بحقيقتها، لهذا اضطر ان يستكين قليلًا بجلسته والذي يشعر وكانه يجلس على جمرً مشتعل، ثم هتف بهدوء مصطنع :
_ مشفتكيش امبارح في الإجتماع يا نيڤين ... !
طالعته رافعه إحدى حاجبيها وهي تقول:
_  وانتَ ايش عرفك اني الـ في الاجتماع ...
_ مش عايزين نضحك على بعض يا نيڤو انا وانتِ الوحيدين الـ نعرف بعض، ها محضرتيش ليه بقى
هتفت بنبرة غير مبالية:
_ جوز بنتي حضر، المهم الأوامر الجديدة دي ...آآآ قاطعها مردفًا:
_ ايه صعب عليكِ ..!
_ انتَ عارف إن مفيش صعب عليا، بس نضمن الأول وليد يخلص على عزيز وياسر....
سحبت نفسًا طويل من السيجارة ثم وفرته على مهل وهي تقول:
_ أنا رميت الطُعم وعارفه إن وليد هيدور ورا كلامي،.. يوصل لليأكد كلامي اذاي... دي بقى معرفهاش....
أومأ سيد هاتفًا:
_ طيب،.... برضوا مقدرتيش توصلي للورق اياه..!
أومأت بحنق وهي تهز رأسها هاتفه :
_ لاء،.. الهكر الـ اخترق حسابات الشركة كلها مقدرش يوصل لحاجه خالص،.. بس متفضلش غير أسبوعين اتنين بس ويجي المحامي بالوصية الـ لسا مظهرتش ..، بعد أسبوعين هيكون فات اربع سنين بظبط على موت سالم صفوان ...
أومأ سيد موافقًا وقد شرد في نقطة ما مُنذ قديم الزمن
"عودة بالزمن للوراء "
_ انا لقيت الورقة دي  ...
هتف بها عزيز وهو يخرج من أحد الغرف فتجمع سالم وسيد حوله ، وهتف سالم بلهفة :
_ ايه فيها رسالة ..!
أومأ عزيز بنعم وهو يفتحها ليقرأها بصوتٍ عالي :
_ اذيكوا يا شباب عاملين ايه، أنا عارف ان اختفائي دا قالقكوا، بس مضطر،.. الوقت الـ هتقرأوا دي فيها هموم سافرت انتوا عارفين مش بحب الـ وداع والحوارات دي عشان كدا مشيت، خدوا بالكوا من نفسكوا ولو رجعت مصر تاني هجيلكوا طبعا، اوعوا تنسوني ...
ثم اختتم كلماته باسمه كاتبًا :
_ كامل الطحلاوي ....
انهى عزيز الكلمات بومضة حزن ، فهتف سالم ممتعضًا :
_ الغبي مشي برضوا،.. ما كنا هنأسس شركتنا سوا ونبدأ فيها من الصفر ....
رفع عزيز حاجبيه وهتف بنيرة حملت جميع معاني الحقد داخله :
_ معذور برضوا يا سالم، مه معندوش شركات ومصانع تهد جبال زي الـ سيبهالك أبوك ...
_ منا قولت هنبدأ كلنا من الصفر سوا يا عزيز ..!
أردف سيد اخيرًا بنبرة غير مبالية :
_ خلاص هو حر،.. كدا فلوس المصنع هتتقسم علينا احنا التلاته بس،.. هندفع جزء من فلوس الأرض دلوقتي ونبني المصنع وأول ما يبدأ يشد حيله ندفع الجزء الثاني ....علطول ...
“عودة للوقت الحالي "
انتبه سيد لحديث نيڤين، ثم قال:
_ طب نضمن منين انوا هيبقى معانا ...
تنفست من سيجارتها الكوبي وهي ترد بثقة:
_ طول ما مكان الورق دا مخفي يبقى ضمانوا في جبنا، بس هلي رجالتك عنيهم ما تغفلش من على المحامي، لحد ما يطلع بالوصية
…......................................

تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان  © -مُكتملة- حيث تعيش القصص. اكتشف الآن