تائهة في سرايا صفوان
الفصل الخمسون
"الجُزء الأول"*****************************
ظهر الإثنين من خلف بوابة القصر الداخلية، فضربت زهرة نسمة هواء ثلجية جعلتها ترتجف، فمالت على وليد هاتفه:
_وليد الجو وحش اوي، چيم ايه الـ اروحه دا، انشالله عني ما اتمرنت...
احاط يدهُ بقبضة يدها كاملة وهتف بحنان:
_طب ايه رأيك اجبلك الكابتن هنا،.. وتتمرني في صالة الألعاب...
أومأت بنفي مردفه:
_لا هتحرج...
كاد أن يتحدث مستنكرًا عن أي حرج تتحدث، لكن وقوف عادل _بعد أن فتح لهم باب المقعدين_ على جانب السيارة استغربهُ، فوجهه وجهه لهُ هاتفًا بقلق:
_في حاجة يا عادل....
أومأ عادل قائلًا:
_لو مش هعطل حضرتك،.. ثواني بس...
هز رأسهُ موافقًا، وهو يدفع زهرة برفق نحو السيارة مردفًا:
_ثواني يا حبيبتي ورجعلك...
دلف هي لسيارة، ثم وجهت أنظارها نحو وليد تراقب ملامحهُ وهو يتحدث مع عادل، لترى إن كان هناك ما سيجعلهُ ينفعل أم أم الأمر طبيعي.
_خير يا عادل...
طالعهُ عادل بهدوء، وما لبث أن حاول يخفي ابتسامتهُ، فهتف وليد مستغربًا:
_ايه يا عادل في ايه..
حمحم بحرج، ثم حك انفهِ بارتباك وحاول أن يقول بجدية:
_المستشفى انهارده بلغتني إن آنسة تمارا فاقت امبارح....
امتعضت ملامحهُ بضيق، وهتف بخفوت:
_مش وقتها خالص...
نظر لعادل مردفًا:
_طيب الدكتور قالك اي حاجه عن حالتها ولا ايه..!
_والله يا فندم قال،... بس مقالش غير إنها في تطوارات مش كويسة في حالتها وماينفعش تتقال في الفون...
عقد حاجبيهِ باستغراب، يفكر الى اي حد توجد تلك التطوارت الغير سارة..!
تنهد وليد مردفًا وهو يربت على يد عادل:
_خلاص، أنا كدا كدا رايح المستشفى هروحلها،... المهم عملت الـ طلبته منك لمريم هانم...
أومأ عادل باحترام:
_حصل بالحرف يا فندم،.. ومحل الملابس هيبعت لها على بعض العصر ملابس لكل الأوقات،.. بس عقبال ما يكون جهزها...
_تمام،.. عايزك في حوار ضروروي، على بعد المغرب كدا، احتمال اكون في الشركة او القصر هنا....
_هكون عند حضرتك ان شاء الله....
_تمام يلا...
عاد وليد وعادل نحو السيارة، ودلف وليد في المقعد الخلفي بجوار زهرة، وأخذ عادل مقعدهُ الخاص بالسائق، لحظات وبدأت السيارة بالتحرك، وتتجه محو البوابة الرئيسية الكبيرة ففُتحت الكترونيًا، وخرجت سيارة وليد منها ليتحرك أمامهُ وخلفهُ أسطول السيارات الخاصة بهِ، وقد أخبرهم عادل بوجهتهم.
مالت زهرة على وليد هاتفه بمزاح:
_حان الآن تقمص شخصية رئيس الجمهورية...
طالعها مبتسمًا وهو يقول نافيًا:
_مش رئيس الجمهوية، بس دا أمان ليا وليكي...
وضعت رأسها على كتفهِ واحتصنت ذراعهُ، ثم رفعت رأسها وهي تضع ذقنها على ذراعها من الاسفل قليلًا لطول قامتهِ، ثم هتفت ببطئ:
_اممم، خايف عليا..!
أدار وجههُ نحوها، وغمز لها بمكر مردفًا:
_طبعًا يا بطل...
همت بالحديث، لكن قاطعها رؤية تلك العلامة التي أخلفتها أمس على رقبتهِ، عندما جذب خصلات شعرها، اعتدلت ورفعت ياقة المعطف لأعلى قليلًا فطالعها باستغراب لتقول:
_اذاي مشفتش العلامة دي...
عقد حاحبيهِ مستغربًا، ثم رفع هاتفهُ واضًا اياهُ مقابل رقبتهِ ليرى بوضوح تلك العلامة الحمراء، جذّ على أسنانهِ بحدة، بتأكيد قد لاحظها عادل عندما وجدهُ يبتسم هكذا.
نظر لزهرة بطرف عينهِ مردفًا:
_الله يكسفك يا زهرة، ينفع كدا..!
طالعتهُ ببراءة وهي تقول:
_محدش قالك شد شعري...
ضيق عينيهِ بنظراتِ ماكرة، فابتلعت ريقها مردفه بريبة:
_ايه..!
ابتسم بهدوء مخادع ثم قال:
_ولا حاجة يا بيبي...
اعتدلت بجلستها وصمتت، وكل ثانيةٍ تنظر لهُ لتجدهُ يطالعها بوعيد، فطالعتها هي وكأنها ملاك لم تفعل شيءً.
أخرج هاتفهِ من جيب بنطالهِ، ثم عبث على شاشتهِ قليلًا، ثم وضعهُ على أذنهِ ولحظات حتى هتف بجدية:
_أهلًا يا كابتن،... عايزك تفضي وقت لزهرة هانم تجيلها القصر، عشان هيكون صعب في الجو دا تخرج وهي حامل...
_...........
نظر لزهرة التي تُطالعهُ بحنق، وقال:
_تمام، بعد العصر انهارده مناسب..؟!
سألها بعينيهِ، فأومأت موافقة بضيق، فوجه بصرهُ للأمام مردفًا:
_تمام كويس،.. العربية هتكون موجودة تجيبك وتوصلك لأن الجو وحش فعلًا...
نظرت لهُ زهرة بسخط، ثم حركت شفتيها هاتفه بسخرية وهي تُقلب عينها في الأرجاء تُقلدهُ:
_العربية هتكون موجودة تجيبك وتوصلك لأن الجو وحش فعلًا..
أغلق وليد مع الكابتن الخط، فهتفت زهرة بدلع خافت:
_قلبك دعيييف اوي....
نظر لها بهدوء، مُستشفً نبرة الغيرة التي تتحدث بها، فأخفى ابتسامتهُ سريعًا، ثم هتف بنبرة عادية:
_ الجو وحش اوي، وحرام نجبها في جو زي دا،.. فأبسط حاجه ممكن اعملها العربية الـ توديها وتجبها عشان تسهل عليها الطريق.....
أخفت ضيقها بسرعة، والذي لاحظهُ، ثم هتفت بغيرة:
_عادي اصلًا،.. أنا متكلمتش،.. أصلًا عادي...
أشاح وجههُ ناظرًا لطريق، وهو يبتسم باتساع لم يحظى من قبل بحلاوة نار غيرتها.
دقائق وتوقفت السيارة أمام المشفى فهبط وليد، ثم مدّ يدهُ لزهرة، لكنها تجاهلتها ببرود مصطنع، ووهبطت قائلة بغرور:
_ بعرف امشي لوحدي...
جذب يدها دون عن أرادتها يضعها بيدهِ، فحاولت جذبها وهي تهتف بحنق:
_سيـ...
وضع اصبعهُ السبابة على شفتيهِ، قائلًا بحدة:
_ششش،.. مسمعش حسك الحلو دا لحد ما نطلع...
نظرت لهُ بطرف عينها مستستلة، ثم دلفوا سويًا لداخل، وكان بطريقهم مدير المشفى الذي وقف قائلًا باخترام شديد:
_وليد بيه،.. نورت يا باشا...
ثم طالع زهرة قائلًا:
_ نورتي يا هانم....
أومأت مرحبة، ثم هتفت بعد زوجها:
_شكرًا...
هتف المدير لوليد:
_محتاحين حضرتك وإبراهيم بيه عشان المستشفى محتاجه آلات جـ..آ
قاطعهُ قدوم ابنهُ الشاب، والطبيب المُعالج لسُمية، وقف بجوارهم، فهتف المدير بنبرة سعادة:
_ابني،.. الدكتور عُدي، اتخرج وحضر الماجستير وخد درجة امتياز كمان، وحاليًا بيحضر الدكتوراه...
مد عُدي يدهُ وسلم على وليد الذي هتف مرحبًا بضيق:
_أهلًا، ربنا يخلهولك...
ثم نظر لعينيهِ التي لم تتزحزح عن زهرة، خصوصًا وهو يمدّ يدهُ يُسلم عليها بأعين مُعجبة، هاتفً:
_اهلًا اتتشرفت بحضرتك،...
قبض على يديهِ بحدة قليلًا ثم هتف بثبات وحزم:
_المدام ما بتسلمش....
سحب يدهُ من كل وليد بحرج شديد، ثم تمتم بأسف:
_اهه طبعًا مفيش مشكلة،.. أكيد حضرتك رايح لسُمية هانم، ودا معاد الفحص بتاعها،...
_اتفضل،.. عنئذنك يا دكتور يحيى...
أومأ يحيى موافقًا وهو ينسحب، وكتمت زهرة ضحكاتها بصعوبة على ضيقهِ، ثم مالت هامسة بخفوت مُحب:
_يسلملي الغيور...
نظر لها بطرف عينيهِ، مردفًا بهمس:
_هكله دلوقتي عشان عينوا الـ رايحه وجايه عليكي دي،.. عايز عسكري ماشي جمبي...
انتصبت في وقفتها بحدة، وهي تُعبئ رأتيها بالهواء الكثير مما أظهر منطقة الصدر بشكل واضح، فزجرها بعينهِ وهو يميل نحوها والحائط جورها من الناحية الأخرى وهو يقول بحدة شرسة:
_انتِ اتهبلتي يا زهرة...
طالعتهُ مستفهمة بقلق، ماذا حدث..؟!، فهتف بتحذير:
_اول وأخر مرة نكون ماشين برا البيت،.. وتاخدي نفس تملي صدرك بالطريقة دي،..... مفهوم..!
انكمشت على نفسها بحرج شديد، وقد شعرت بالسخونة تُعبئ جسدها من الكسوف، وحمدت ربها أن الطرقة فارغة سوى منهم وعُدي الذي يسير ببطئ في الأمام.
قبض على يدها وسار بها بخطواتٍ ثابتة بنسبة لهُ متعجلة بنسبة لها، كررت نفس الحركة بخفوت دون أن يرى لترى نفسها بالفعل بمظهر غير لائق أن يظهر لأحد، زمت شفتاها بحرج من نفسها، فكم من مراتٍ وقفت بالشارع تلتقط أنفاسها بهذا الشكل، دون ان تنبهِ بإن كان هُناك أحدًا يُتابع تلك الحركة أم لا..!، نظرت بحسرة هاتفه بداخلها:
_معتش حد بيغض بصره، أكيد في شباب شفتني بعمل الحركة دي، وفكروا بطريقة مش كويسة....
تنهدت تُكمل حديثها داخلها بضيق:
_عشان كدا وليد حذرني...!
وصلوا الى الغرفة التي تمكث بها سُمية مؤخرًا بعد أن نُقلت من غرفة العناية، وقبل أن يمد وليد يدهُ يفتح الباب فُتح بعنف وصوت هتاف عالي حاد يقول:
_ادينيي غاير اهوو، خليني قاعد يكش اولع بجاز وسخ...
تفاجئ من وجود وليد وزهرة وهذا الطبيب_اللزج كما اسماهُ_ أمامهُ، انتبه لجملة وليد وهو يقول رافعً يدهُ يحك جانب انفهِ بطرف اصبعهُ السبابة، مردفًا بغباء مصطنع وتحذير ضمني:
_كُنت بتعلي صوتك على مين..!
زفر بضيق، ثم اندفع بعيدًا عنهم وهو يقول بحنق:
_ادخل اكلها عشان معاد الدواء بتاعها كمان نص ساعة....
حرك رأسهِ بيأس على اُختهُ فهو أشد الناس علمًا برأسها اليابسة، دلف عُدي أولًا وطالع سُمية مردفًا بمزاح، قاصدًا أعلاء روحها النفسية:
_مرضيتنا الحلوة عامله ايه..!
لم يدلف وليد مع زهرة والتي استمعت لجملة عُدي، فندرت لسُمية بمشاكسة، و فهمت عليها ما تُريد قولهِ.
في الخارج، وقبل أن يتحدث أحدهم وقف سراج بفزع وهو يقول:
_اللزج دا جوا..!
كان قد لمحهُ واقف وقد اختفى الآن، فبتأكيد هو بداخل الآن، ادفع نحو تلك الفرفة ودفع بابها بحدة شديدة، ففزع الموجودين بها، وطالعهُ وليد دون ردة فعل.
تقدم الإثنين من الداخل واتجه سراج يقف مُلاصقًا لسُمية التي طالعتهُ بسخط زائف فنظر لها بشراسة وقوة.
أزال عُدي الاصق الموضوع على رقبتها ليرى الجرح، وهتف براحة:
_لاء دا احنا عال اوي كدا،.. وعندي خبر كويس كمان...
ثم نظر لسراج، الذي طالعهُ مستفهمًا بضيق حقًا من لزاجتهِ،.. او.. يشعر بشعور غبي اتجاههُ..!
تجاهل وليد حديثهُ مردفًا:
_ممكن تخرج امتى..!
طالعهُ عُدي قائلًا:
_ما دا الـ كنت هقول عليه، ممكن تخرج معاكوا انهارده،.. بس محتاجه حد يغيرلها على الجرح وكدا بس..
تنهد وليد براحة، واحاط سراج كتفي سُمية ثم قبْل رأسها هامسًا:
_الحمدلله...
دقائق، انتهى عُدي من فحص سُمية كُليًا، وقام بالتغير على جرحها رغم انها مهمة الممرضة..!.
كان سراج يراقب أدق التفاصيل وما يفعلهُ، حتى وضع الاصق الطبي على رقبتها والذي يُعد أخر المهمات، فقال سريعًا بنبرة حادة:
_خلصت يا دكتور..!
رفع عُدي رأسهُ لهُ، وأومأ قائلًا بضيق:
_اهه خصلت.... وخارج
ولم ينتظر أكثر، حيثُ استدار لوليد الهادئ وقال بابتسامة:
_اتشرفت بمعرفتك يا وليد بيه،.. عنئذنكوا...
ثم اتجه للباب وخرج من الغرفة، فقال سراج بسخط:
_مش بطيقه اقسم بالله،.. تحسوا جواه أنثى كدا، او مايع،... معرفش في ايه...
عقبت سُمية بخبث:
_بالعكس، دا شكلوا لذيذ جـ..آآ
كتمت تأوها الحاد بين شفتيها، فقد قرصها في ذراعها بحدة، وتُقسم انهُ لولا وجود وليد لكانت في خبر كان.
تقدم وليد منها، ثم دنى مُقبلًا جبهتها ومقدمة شعرها وهو يربت على ظهرها بحنان قائلًا:
_حمدلله على سلامتك يا حبيتي...
رفعت يدها تُربت على ذراع اخوها بحب قائلة:
_الله يسلمك يا وليد...
لم يشىء أن يُعاتبها على فعلتها الآن، يكفيها ما بها، وأيضًا توتر علاقتها بسراج، تقدمت زهرة هي الأخرة تحتضنها بحب مرفه:
_الف سلامة عليك يا سمسمة....
بادلتها سُمية الأحتضان بمحبة، ثم طالعتها بامتنان هاتفه:
_الله يسلمك يا حبيبتي...
نظرت لوليد قائلة:
_وليد هخرح انهارده ماشي،.. انا مش بحب اقعد هنا...
طمئنها مردفًا:
_الـ انتِ عايزاه هيحصل، بس الأول...
ثم اتجه نحو طاولة الطعام المتحركة، وقادها نحو سريرها وهو يُتابع بجدية:
_لازم تاكلي عشان علاجك...
وقفت زهرة، وقربت الطاولة من سُمية ورفع وليد الرافعة قليلًا، ليكون صينية الطعام أمام سُمية مباشرة، هتفت زهرة وهي تستعد لأطعامها قائلة:
_يلا يا ستي، هكلك كمان،.. خدي بالك اني مش بعمل الحركة دي غير للغالين...
شاكستها بوهن وهي تغمز لها مردفه:
_زي وليد مثلًا...
ابتسمت بحرج قائلة بهمس:
_مثلًا...
كان وليد يُتابعها بحنان وهي تتعامل بتلك الأريحية مع اختهُ، بينما سراج فقد كان يُحادث أحد موظفين الشركة والذي يتولى إدارة عُليا بها.
أغلق الهاتف واقترب من وليد قائلًا بانهاك:
_هروح انا اخد دوش واغير هدومي، وهطلع على الشركة عشان في حاجات ضروري لازم اعملها،.. وهرجع تاني.. ساعتين تلاته بالكتير وهكون هنا...
أومأ وليد وهو يقول:
_براحتك يا سراج،.. زهرة هتفضل معاها، واحتمال اخدها معايا برضوا،.. هبقى ارن عليك اقولك اذا كانت خرجت ولا لاء...
طالع سراج سُمية بحزن، ودّ لو أخذها لبيتهم كي يعتني هو بها بنفسهِ، لكن يعلم رفضها بالتأكيد.
ربت وليد على يدهُ بمساندة وكأنه يُخبرهُ أن الأمور ستصبح بخير، فابتسم سراج بحزن ثم خرج.
طالعت سُمية أثرهُ بضيق، كانت تعتقد انهُ سيقول انهُ سيأخذها لبيتهِ وهي سترفض، ودت لو اتى يُقبل رأسها كما يفعل في كل مرة....، أتت لتحزنهُ فحزنت هي..!
هتف وليد وهو يستعد لذهاب قائلًا:
_هروح اشوف دكتور صحبي هنا، نص ساعة وهرجع تاني...
ثم طالع زهرة وقال مُنبهًا:
_زهرة،... ماتتحركيش من هنا تمام..
أومأت موافقة، وقبل ان تتحدث هتفت سُمية فاجأة:
_وليد،.. ما تعرفش حاجه عن مريم لسا...
هز رأسهُ بأسف وهو يقول بثبات هادئ:
_للأسف يا سُمية،.. لسا بدور عليها...
ثم خرج دون أن يضيف كلمة أخر، فقالت سُمية بتفكير:
_لاء،.. مش معقول ميكونش لأها...
عقدت زهرة حاجبيها بعدم فهم قائلة:
_اشمعنى يعني..!
_وليد دا اكتر حد بيغير علينا، اذا كنت انت ولا مريم،..او حتى...
تنهدت بحزن جم، وتابعت:
_ماما الله يرحمها،.. كان دايمًا يقعد يشخط وينطر لما يلاقي حد فينا اتأخر،.. تخيلي وليد زعق جامد في مريم مرة لما اتأخرت برا وسامي كان مسافر،.. وعيطها وقتها،... مكنش بيحب يعمل الحفلات والحاجات دي في القصر،.. ولما بيضطر يعمل حاجه وناس كتير من رجال الأعمال صحابوا يعزمهم، كان يفضل باصص علينا كدا،.. يتأكد ان مفيش حد بيضايقنا،... عارفه... تيتا دايمًا تقول انوا واخد غيرة جدو صفوان....
قربت زهرة معلقة بها حساء من فم سُمية وهي تقول باندهاش:
_جدك دا بحسوا كدا حد كان ليه شنة ورنه...
قاطعتها قائلة بمزاح:
_ستي كانت بتقول جدكوا كان بتتهز ليه أكبر شنبات البلد..
_منا بقولك تحسي ليه هيبة من مجرد الأسم بس،.. يعني مش بسمع وليد بيقول ان اسموا وليد الشناوي،.. دا حتى لما بيجيب سيرتك ولا حاجه او سامي يقول سُمية وسامي صفوان...
أومأت سُمية مردفه بتأكيد:
_ فعلًا،.. وليد بيعظم الأسم دا..، انزلي كدا في أي حته اسألي عن وليد الشناوي، محدش هيعرفه خالص،.. انما وليد صفوان،.. الف مين هيدلك...
انكمشت ملامحها بنفور فجأة وهي تقول:
_خلاص يا زهرة مش عايزه أكل خلاص...
طالعتها رافضة وهي تهتف بنفي:
_مش عايزه ايه انتِ كلتي حاجه،.. خلصي اللحمة دي طيب الأول، مش مهم الرز،.. كمليلي عن جدك بقى وحوار غيرته، الـ وليد واخدها دي..!
_اممم،.. تعرفي إن بابا طلق ماما قبل كدا..
اتسعت عينها بذهول شديد، فابتسمت سُمية بحزن على ذكراهم، وقالت:
_الله يرحمهم،.. في أول جوازهم مكنوش متفقين، لأن تيتا إلهام الـ شارت على بابا بماما يعني،.. المهم مش فاكره حصل ايه الصراحة وبابا رمى عليها يمين الطلاق،.. وجدو صفوان كان لسا عايش،.. وقتها بابا مكنش يعرف انوا بدأ يحب ماما بجد، ماما رفضت تقضي شهور العدة في القصر وراحت بيتها، كان بيت بسيط كدا في الزمالك،... وبابا اشترى ليها شقة في الزمالك عشان هي متعلقه بالمكان دا،.. بس متهيألي باعوه...، المهم بقى، لما ماما رجعت بيتها والناس عرفت انها اطلقت وفي العدة، في كذا واحد اتقدملها،.. بس الصراحه كانوا كلهم يا أما متجوز يا رأمل يا مطلق،.. الأخبار وصلت لجدو بقى،.. راح طين عيشت بابا...
ضحك الإثنين بخفوت على تعبيرها، فهتفت سُمية مؤكدة لزهرة التي تستمع بحماس وشغف:
_والله العظيم،.. قالوا مراتك متقدملها عرسان وهي لسا في العدة،... ومعندماش حريم يدخلوا عليها حد من أهل صفوان الشناوي ورجالة تانيه تاخدها،.. بصِ هو حوار مش مفهوم كدا،.. بس دا سلو أو تقليد في العيله دي،.. بابا مركزش في أي حاجه غير ان في حد اتقدملها،.. وجه ام رايح مطين عشتها هي كمان....
قالتها مازحة فضحكوا ثانيةً، ثم تابعت:
_بابا قبل ما يروحلها، كان جدي راح لماما وقالها انوا مش عايزها تتجوز حد بعد بابا، فخالوا سيلمان قالوا هتترهبن يعني وحرام وانتَ بترفض شرع ربنا وكلام كتـ..آ
قاطعتها زهرة قائلة بتأكيد:
_فعلًا يا سُمية، حرام مينفعش جدك يعارض شرع ربنا كدا، ويحرم عليها الـ ربنا حلله...
_كلوا قالوا كدا،.. بس هو كان مصمم، بدافع الغيرة، وقتها ماما كانت ولدة وليد بقالها شهور، فجدو لعب على الحته دي، وقالها انوا مستحيل يسيب حد غريب يربي حفيدو،... ماما اتمسكت بوليد اوي، وبابا لما راح عشان يطين عشتها وكدا، قالها أنا رديتك وغاصب عنك، ابقي وريني هتتجوزي اذاي،.. بابا كان مفكر انها السبب في ان العرسان تجيلها، وهي الـ كانت بتقول لناس انها اطلقت عشان تعرفهم،.. بس اتفاجئ لما ماما قالتوا بكل هدووء، انا كنت عايزاك تردني عشان محدش هيربي وليد غيري وغيرك،.. هنا بقى الحج عيونوا طلعت قلووب، ورد ماما سيطر عليه وعرف انوا بيحبها اوي وقتها، ماما كانت من النوع الـ بيلعب في الكلام بتخليه عاطفي اوي كدا، تحسي ان الـ قدامها عايز يقوم يحضنها،.. رجعت بقى مع بابا،.. بس بابا كان بيقولنا امك كانت منشفها عليا اووي،... لحد ما ربنا كرم بقى وجه يوم عيد جوازهم فجبلها الشقة بتاعت الزمالك وخدها هناك واتصلحوا وقالها بحبك وهي كمان، وجابوا سامي وسُمية كمان...
انهت تلك الذكرى من حياتهم فاتحه ذراعيت بفخر، ثم ضمتهم بحزن وألم وتجمعت الدموع بعينها، فتقدمت منها زهرة بحزن، وهي تقول:
_ربنا يرحمهم يا حبيبتي اكيد في مكان أحسن من هنا...
احتضنتها زهرة، لتهمس سُمية بألم:
_وحشوني اوي....
_هيفضلوا دايمًا في قلوبنا يا سُمية،.. وكل ما تفتكري طلعي على روحهم صدقة اوي ادعيلهم...
أومأت سُمية موافقة ومسحت دموعها، ثم قالت:
_روحي نادي لوليد بالله عليكي، عايزه امشي من هنا قبل ما سراج يجي...
وقف زهرة وطالعتها وهي تضيق عينها مردفه:
_لينا قاعده طويلة هنتكلم فيها عن سراج بيه...
أنت تقرأ
تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان © -مُكتملة-
Mystery / Thriller"دراما مصرية " _وليد إنت ليك علاقه بقتل محمود ..!! لم يستطيع الأجابة فقط أكتفى بهز رأسه بالايجاب ، فشهقت إلهام بصدمة وحزن في آن واحد وقالت: _اذاي .. اذاي يا بني ..! تنهد بحزن ثم اعتدل وطالعها قائلًا: _ ياسر يا إلهام هو الـ قاتلوا ، كان عايز يجندوا ب...