الفصل العاشر

10.6K 421 107
                                    

تائهة في سرايا صفوان :

الفصل العاشر ..

........

الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ،تسلل بهدوء على أحد الأسطح التابعه لبيت ما لا يوجد به باب خارجي ،وظل يتنقل من سطح لأخر حتى وصل للمكان المنشود ..،توجه إلى السلم الداخلي يهبط منه بحذر شديد وتلك الإضاءه الخافته تضئ له المكان .
ثم وقف أمام الباب المقصود ليخرج دبوس شعر أسود ومفك ثم وضعه داخل موضع المفتاح وبدأ يحركهم بمهارة حتى استمع لصوت تكه يعرفها .
أبتسم بفخر على صنيعه ثم دلف لداخل ليجد نفسه بالمطبخ الخاص بالمنزل ..،توجه بحذر وهدوء شديد يفتح احدى الغرف وهو ينوى أن يعثر على ضالته وهي الغرفة المطلوبة .
ومن حسن حظه أنه وجدها هي الأولى ،أخفض شعاع الكشاف على الأرض ودار بعينيه يتأكد إذا كان أحدهم بها أم لا ..!
ثم رفع الكشاف على الحائط ليجد صورة لأحد الرجال تتوسط الحائط أعلى السرير ..،ابتلع ريقه بخوف وتوجه يبحث عن مراده .
فتح الأدراج ..،أعلى التسريحة او بداخلها ،بكل ركن في خزانة الملابس ، اسفل الوسادة ،اسفل السرير ..،داخل الملابس المعلقة خلف الباب .
زفر بحدة وغضب عندما لم يجد شئ ..،ماذا عليه أن يفعل ..!!
أبتسم بخبث عندما تذكر أنه معه نصف المبلغ المطلوب لتنفيذ تلك المهمه_وهو قدر من المال لا يستهان به_فرجع حيث أتى مقررًا أن يخبر من كلفه بتلك المهمة أنه قد فشلت ولم يعثر على ما أراد ..
وقف على مقدمة الشارع بعيدًا يحمد ربه أنه قد تخطى الامن الذي يحوم بالمكان جراء عملية القتل الذي حدثت لصاحب المنزل الذي كان به ..!
أخرج هاتفه الصغير من جيبه الأمامي وقام بالضغط على أزراره ووضعه على أذنه ..
_ايوا اباشاا ..
_........
_ لا يا باشا ملقتش حاجه ..
_.......
_يا باشا دورت والله دانا مسبتش حاجه غير وقلبت الدنيا فيها ..
_.......
_لا يا باشا مشفتش حد من أهل البيت
_.......
_خلاص يا باشا متقلقش أن شاء التلفون دا يكون اختفى ولا حاجة
_......
_توشكر يا باشا أنا أخدت كدا أجرتي بالسلامة بقى

**************
أغلق الهاتف مع هذا المدعو حسن
_ها يا عادل معرفش يوصلوا ..!
التفت عادل لمن بجواره وقال بقلة حلية :
_ملقهوش يا وليد بيه بيقولي دورت في كل حتى ملقهوش
هتف وليد وهو يسند على نافذة السيارة بغضب :
_امال هيكون راح فين ... التيلفون دا مش لازم يظهر أبدًا .. !
_لامؤخذة يا باشا هو فيه ايه ..،يعني عليه حاجه تضرك ..!
هتف وليد وهو يفتح باب السيارة قائلًا بحدة:
_لاء متضرنيش ..،بس الـ يأذيني أو يأذي حد يخصني .. أنا الـ أعاقبه مش الحكومه ..!!!
ثم أغلق الباب وتركه ليدلف داخل القصر وفكره شارد في ما حدث منذ ساعات ..
"عودة للوراء"...
أنتهى الجميع من تناول الطعام فقالت منال بصوت عال :
_سعادة .. خلي زينات والبنات يجوا يشيلوا الأكل ..
أماءت سعادة مرحبة وقالت:
_تحت أمرك يا ست منال ..
تعالى رنين هاتفه الذي لم يسمعه فقد كان شاردًا يفكر في أمرًا ما ..
هتفت سُمية وهي تنهض قائلة :
_وليد فونك دا الـ بيرن ..! ... وليد ..وليـ
_هاا ... ايه ..،ثواني بس أرد يا سُمية
فاق من شروده على صوت سمية وقبل أن تتحدث انتبه لرنين الهاتف فوقف قائلًا أخر كلماته ..،لتقول سُمية بنبرة خافته:
_طب رد طيب
أبتسم إبتسامه هادئة للجميع وقال :
_عنئذنكوا ..
ثم ذهب متوجهًا للخارج وقام بالدق على من هاتقه فقد انتهى الرنين ..
_الوا .. ايوا يا استاذ شوكت طمني .. اي جديد
_.........
عقد حاجبيه بقلق ثم أردف :
_ يعني ايه ..،هيروحوا بكرا هناك ..
_..........
ضيق عينيه يفكر لثواني ثم قال :
_اسمع يا أستاذ شوكت ..،القضية دي حاول على قدر الإمكان تقيدها ضد مجهول .. حاول يا أستاذ شوكت
_......
_لاء من نحيه دي متقلقش مش هيكون في أي دليل ..،وبكدا مش هيقدروا يوصلوا للقاتل وهتتقيد ضد مجهول ودي مهمتك ..،وهتاخد عليه مكافأة كبيرة اوي ..
_.........
_تمام .. ،سلام دلوقتي وأي جديد لو حتى مش مهم تبلغني بيه فورا ..
"عودة للوقت الحالي"...
_وليد ..
انتبه لأخته تناديه وهو ينوي الصعود لدرجات السلم .. ، فتنتفس بهدوء حابسًا أنفاسه ثم زفره ببطئ قبل أن تتقدم له قائلة :
_.. افتكرتك هتبيت في الفيلا بتاعت القرية انهارده ..
نظر لها ولمح عيناه المنتفخه من البكاء واحمرار انفها ..ابتسم بحزن فقد ظنت انها بسبب فرد شعرها الكثيف على جانبي وجهها ستُخفي ملامحها قليلًا وخاصة مع الإضاءه الليلة للقصر ..
أمسك يدها وقال وهو يتوجه لصالون :
_لاء ياستي .. قولت اذاي اسيب البت سومه لوحده لازم ارجع ... وبعدين مش قايلك شعرك دا ميبقاش كدا وانتي بره الأوضه بتاعك
سريعًا أبتعدت عنه تجذب حجابها قائلة :
_اهوو والله نزلت بيه ..
_اتكلمي يا سُمية عايزه تقولي ايه
أبتلعت ريقها بصعوبه ثم أخفضت رأسها .. ، لا تعلم ماذا ستقول .. تلعن لسانها فقد ظلت تعيد مرارا وتكرارا الكلمات التي ستخبره به لكن قد تبخر كل هذا .. ، لا تود سوى احتضانه الآن .
جذبها بالفعل لأحضانه وأمسك كف يده بين يده وقال :
_ طيب يا ستي هتكلم أنا .. ، انتِ عارفه اني بحبك اوي وبعتبرك زي بنتي مش اختي الصغيرة بس .. 'أماءت رأسها بإيجاب ليكمل' وعارفه كمان اني مش هقدر اشوف بنوتي حزينة او نفسها في حاجه ومعملهاش صح .. 'أماءت مرة أخرى فتابع ' يبقا خليكي واثقة تمامًا .. أني عمري ما هختار ليكي حاجه مش صح .. انا ميهمنيش غير سعادتك ودي مش هتلاقيه مع سراج يا سُمية ..
رفعت رأسها سريعًا وقالت بنفي وقد تشكلت الدموع بعينيها :
_لاء يا وليد .. لاء والله سراج بيحبني وبيخاف عليا اوي يا وليد .. وانا .. أنا .. يعني ..
أعادها لإحضانه ثم مسد على شعرها قائلًا :
_ سُمية .. أنا عارف إنك بتحبي سراج .. ، صدقيني أنا مش وحش عشان أبعدكوا عن بعض ببرود او لا مبالة .. بس يا حبيبتي .. سراج عصبي جامد اوي .. شوفتي عمل ايه النهارده .. !
تذكرت مافعله عندما قامت برفض ، فامسكت كف وليد قائلة :
_ هي نزلت دم ..!
أجابها ضاحكًا :
_ شويا صغيرين كدا .. بس عشان تعرفي أنا الـ صاحبوا وحدف الكوباية فيا بالشكل دا وبجنون ..، تخيلي بقا لما تبقي مراتوا وتعملي حاجه تعصبوا هيرميكي من البلكونه صدقيني .. ومش هترتاحي يا سُمية .. ، هيبقا في مشاكل كل شويا بسبب عصبيتوا دي ..، وأنا يا حبيبتي مش عايز ليكي غير زوج يتقي ربنا فيكي ويعاملك بالحسنه ويحبك .. ويتعامل معاكي بهدوء لو عملتي حاجه غلط .. وتتناقشوا سوا وتسمعوا بعض ..، لكن سراج لاء يا سُمية دا صاحبي وأنا عارفه ، أيدوا سابقا لسانوا علطول .. !
تنهدت بقلة حيلة فأخاه معه الحق في كل كلمة .. لكن نظرت له قائلة بأمل :
_ مش يمكن لما نتجوز ويخاف يأذيني ولا يضربني ..
طالعها رافضا فهو أكثر شخصا علمًا بصديقة سراج :
_ صدقيني يا سُمـ...
قاطعته بإلحاح :
_ صدقني إنت يا وليد .. الحب بيخلي الحجر يلين .. ، مش هيخلي سراج ابوا دماغ نشفه دا يبطل عصيبة وميأذنيش...!!؟
تنهد قائلًا بنبرة مازحة :
_ لاء دا شكل سراج مش داماغوا نشفا لوحدها ..
طالعته بإستعطاف برئ لينظر لها بهدوء وداخله حيرة وتردد كبير فهو لا يريد إحزان صغيرته ولا يريد خلق عدائات بين صديقة وابن خاله .. وبنفس الوقت يعلم أن سراج لن يتخلى عن عصبيته المفرطة التي حتمًا ولابد أنه ستؤذي شقيقتها في وقت ما .
تنهد وليد قائلًا :
_ خلاص يا سمية هفكر تاني في الموضوع دا ..، بس خليكي عارفه إنك هتتحملي نتيجة أخطاءك ومتجيش تشتكيلي أبدًا .. عشان مش هنجدك منه سامعه ...
أحتضنته بحب أخوي ثم قبلت يده قائلة بسعادة:
_ربنا يخليك ليا يا وليد وأشوفك متهني كدا وعيالك حولين منك .. قادر يا كريم
_خلاص يا ماما انت هتشحتي .. يلا على أوضتك
جلبت طرحتها تلفها حول شعرها بطريقة غير محكمة ثم صعدت للأعلى ...
جذب وليد هاتفه من أعلى الطاولة ثم مدد قدميه على الأريكة وجمع بعض الوسائد أسفل راسه وقام بإرجاع ظهره عليها .
عبث في الهاتف يأتي بأخر متصل في سجل المكلمات ثم وضع الهاتف على اذنيه وأغمض عينيه بتعب ..
_الوا .. ايه يا ابراهيم الحلوف الـ معاك عامل ايه
_.......
فتح عينيه بصدمة واعتدل وهو يهتف :
_خمرة ..!! نهار ابوه مش فايت وعيزني اجوزه اختي ..!
_...
قاطعه قائلا بغضب :
_ بلا زعلان بلا زفت على دماغوا .. ، يروح يشرب خمرة يا ابراهيم!!
_..........
تنهد بإمتعاض وأردف:
_والله أنا كنت ناوي أفكر في الموضوع بجدية وأوافق ..، بس بعد ما راح شرب خمرة ..قولوا ينسى سُمية واستحالة اخليه يطول ضفرها .. سلام
ثم أغلق الهاتف يتوعد بداخله لسراج ، فصديقة لم يضع السيكارة بفمه قط ..، يذهب لتناول خمر ..!
وضعت يدها على فمها تكتم شهقاتها بعدما استمعت لكلمات اخيها فهتفت داخله بحزن :
_ليه كدا يا سراج .. ليه كدا بس ..!!
مدت رأسها تنظر لأخيها وجدته قد غفى مكانه واضعًا يده على عينيه فانتظرت خمس دقائق ، لتتقدم بحذر تجذب هاتفها الذي نسته وقد عادت لأخذه بعد أن ذهبت لغرفتها .. ثم توجهت للخارج صاعدة نحو غرفتها .
فتح عيناهُ، وهو ينزل يده من على عينيه وقال بحزن، وأذنهُ تتبع خطوات اختهِ الراكضة على الدرج :
_استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم ..

تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان  © -مُكتملة- حيث تعيش القصص. اكتشف الآن