تائهة في سرايا صفوان
الفصل الخامس والاربعون
"الجُزء الأول"****************************
الساعة الخامسة فجرًا، رفع يدهُ على جبهتها يتحسسها باصابعهِ، ثم لف يدهُ حول خصرها دافنً وجههُ في ثنايا عنقها لعلهُ ينام في هذا اليوم، قبل أن تشرق الشمس، فقط ساعات قليلة حتى يستطيع المداومة لأخر اليوم.
ارتفع رنين هاتفهِ فاجأه، فعقد حاجبيهِ باستغراب وهو يستدير بهدوء.
أمسك هاتفهُ من أعلى الكومود لينظر للمتصل، ازداد استغرابهُ عندما وجد والدتهُ من تدق عليهِ، ففتح الاتصال وهتف بنبرة ناعسة:
_ايه يا ست الكل خير..!
_الــ..حقني يا آآ وليد..، الحــ..آآ قني يا بني ...
جزع في مكانهِ وسحب يدهُ التي توضع أسفل زهرة، ووثب واقفًا بفزع، كان مازال ممسكًا بهاتفهِ، وركض سريعًا لخارج الغرفة، منهُ الى خارج الجناح، ثم أكل درجات السُلم ركضًا بسرعة، حتى وصل لدور التي تمكث فيهِ والدتهُ، اتجه مسرعًا نحو غرفتها ثم أدار المقبض سريعًا ودلف منادي باسمها بلهفة:
_ماما،... ماما،...
وجدها مُلقاة على الأرض تتنفس بصعوبة، فركض نحوها ثم جثى بجوارها وهو يهز جسدها برفق مردفًا بخوف وقلق:
_ماما ماااما...!!!
لم تستطع الرد او التحدث، فقط تسعل وتمسك صدرها بألم يخترق جسدها.
حملها سريعًا بين أحضانهِ بخوف اكتسح ملامح وجههُ بحدة، ثم ركض بها للخارج ثم للأسفل، كان سيُهاتف الطبيب الا ان حالتها تحتاج للمشفى عاجلًا.
خرج بها من الطرقة راكضًا الى السُلم، حتى هبط فاتجه سريعًا نحو الخارج، حاول فتح باب الفيلا وهو يحملها، حتى نجح ومنال بين يديه لا تكف عن السُعال بحشرجة.
في أحدى الطرقات، أغلقت ديانا الباب سريعًا، وهي تتنفس بسرعة عالية جدًا، ثم استمعت لصوت هاتفها فاسرعت تمسكه وترد على المكالمة، تحدث بانهيار وهي تُجيب دون ان تستمع لهُ:
_خدهاا ونزل بيها دلوقتييي،.. ابوس ايدك ارحمني وما تكلمنيش تااني،.. انا مش هعمل حاجه تااني تقولي عليها غير برشاام زهرة،... ما تنرش علياا تاني انتَ فاااهم....
ثم أغلقت الخط وألقت الهاتف أرضًا ثم جلست تبكي بألم، من وجع يدها وخوف قلبها..!********************************
ركض بها في الممر الطويل المؤدي للخارج، فوجد عم حسين يجلس بجوار الباب، فتحدث بنبرة حادة وصوت مرتفع:
_افتح الباااب بسرعاااه....
وثب حسين واقفًا بخوف وقلق، ثم اتجه يفتح البوابة الصغيرة بسرعة فخرج وليد بوالدتهُ ليجد الأمن الذين يقفون حول القصر.
اشتر لأحدهم قائلًا بعجالة:
_معاك اي مفتاح لعربية هنا...
أومأ قائلًا:
_ايوا عربية الحراسة يا باشا...
_اطلع قدامي بسرعه...
اتجه الحارس نحو الطريق للامام وهو يخرج المفاتيح من جيبهِ، توقفوا حول أحد السيارات وقد قام الحارس بفتحها الكترونيًا، فقام وليد بالدخول للمقعد الخلفي وصرخ بالحارس الذي يستدير راكضًا حول السيارة ليستقل مقعد السائق:
_انجز بسرعااه...
نظر لوالدتهُ بين يديه، ثم احتضنها بشدة وهو يهتف بصوت حزين خائف:
_مالك بس يا ماما..، ايه الـ حصل..!
حاولت منال التحكم بسعالها قليلًا ثم هتفت بصوت ضعيف:
_اا ..ابوك... ملهـ..وش،... ذنب،... كـ..آآن.. غاصب ..عنـ..و،... اوعـ...ى... اوعـ...ى تزعـ..ل.. منوا،... هـ...و... كـ..اان.. بيحبــ..ك...
رغم حالة الاندهاش التي تمكنت منهُ بسبب ما تقولهُ وتفصح عنهُ الا انهُ ضمها لصدره وهو يهتف بصوت متأثر للغاية:
_خلاص ما تتكلميش،.. نبقى نتكلم بعدين،..
_عشـ..آ...
عنفها برفق وقد تجمعت الدموع بعينهِ:
_ماتتكلميش...، بالله عليكي ما تتكلمي...
ثم طالع الحارس صارخًا فيه بعنف:
_مااا تنجز انتَ كماان،... دوووس بنزين بسرعااااه....
وضع الحارس قدمهُ على دواسة البنزين وانطلق بسيارة بصورة أسرع حتى وصل للمشفى التابعة لعائلة صفوان.
هبط وليد حاملًا والدتهُ بسرعة، ثم دلف لأول باب وجدهُ مفتوح امامهُ، نظر لممرض كان يمر صدقة من حوارهِ وهدر بهِ صائحًا:
_هاات سرير ودكتوور بسرعاااه....
توترت الأجواء تخت صراخهِ العالي وقد تجمع عدد لا بأس بيهِ من ممرضين النبطشية الليلة، أتى ثلاثة ممرضين سريعًا بسرير نقال، واقترب منهم طبيب على عجالة ليرى حالتها سريعًا، كانت منال قد فقدت الوعي، فهتف الطبيب وهو يطالع الممرضين:
_فين فاطمة بسرعه..!!
خرج صوت أحد الممرضات وهي تقول بنبرة مضطربة خائفة:
_اسـ..استئذنت ومشت..، آآ... اجي انا يا دكتور..
دفع الطبيب السرير متوجهًا نحو أحد الغرف وهو يقول:
_تعالي يا هالة، وهاتي حقنة''''' بسرعه...
تحرك وليد خلفهم، وقبل أن يختفي الطبيب داخل الغرفة، سحبهُ وليد قائلًا بحدة:
_امي مالها،... ايه الـ حصلهاا..!!
حاول الطبيب أن يتحدث، فهتف وليد بنبرة عنيفة:
_مااا تنطق سااكت ليهه..، امي مالهاا..
تحدث الطبيب مردفًا وهو يبتلع ريقه بتوتر:
_يا فندم حاضر، هقولك والله سبلي فرصة اتكلم بس،.. ولدة حضرتك شكلها حصلها جلطة في شريان رؤوي مانعه عنها التفنس خالص، اسمحلي ادخل عشان لازم ندوب الجلطة دي...
تركه وليد فدلف الطبيب، وجلس وليد على أحد المقاعد بانهيار يحتضن وجههُ بين كفيه بألم.
في الداخل كانت تقف بمفردها بعد أن وضعت قناع التنفس على وجههَ، كان الطبيب دلف لأحد الغرف الجانبية ليستعد، فمدت يدها المرتجفة ببطئ كي تنزع القناع عن وجههَ حتى لا يصل لها اكسجين.
ارجعت يدها مرة أخرى بخوف ورهبة، ثم بكت وهي تهمس:
_انتِ لو ممتيش،.. هيـ..هيقتلوا ابني...
مدت يدها ثانيةً لتفعلها، الا انها لم تقدر بتاتًا، فصرخت صرخة مكتومة بانهيار وركضت للخارج.
فتحت الباب بعنف وخرجت تستند الحائط وهي تحتضن وجههَ باكية، منظرها هذا أثار الرعب داخل نفسه فوقف وتقدم منها حتى وقف أمامها وقال بنبرة متوترة:
_ايه الـ حصل في ايه..، امي مالها..، حصلها حاجه...، انطقي...!!
رفعت هالة أعينها لهُ، وهتفت باكية:
_قالولي.. قالولي..، هتجي..و...وعندها..ضيق.. ضيق في التنفس...، و...و...هتشيلي.. الـ..ماسك.. من... من على وشها.. عشـ..اان.. الـ..هوا.. مـ..ما يدخلـ..آآهه...
قبض وليد على فكها بحدة وصرخ بها مردفًا:
_عملتي ايه في امي يا بنت الكلب...عملتي ايه.....
تركها وتوجه نحو الباب ليفتحهُ ويرى امهُ وهو يقول بغضب شديد:
_ياا ولاد الكلب...
دلف لداخل فوجد والدتهُ تنام على السرير بسلام وعلى وجههَ قناع التتفس، والطبيب يخرج لتوهِ، طالعهُ الطبيب مستغربًا وهو يقول:
_حضرتك بتعمل ايه..!، اطلع يا فندم، مينفعش تكون هنا، عشان ماتنقلش مايكروبات وحضرتك مش متعقم...
تشتت انظارهُ، ثم قال يتيه:
_امي كويسه..!
أومأ قائلًا يطمئنه:
_هتكون كويسة ان شاء الله،. بس لازم حضرتك تخرج..
خرج وليد بالفعل، ثم طالع الممرضة بنظراتٍ محتقنة وأشار للمقعد وهو يقول بحدة:
_اقعدي قوليلي ايه الـ حصل، ومين قالك الكلام دا..، وليه..!!
جلست على المقعد كما قال، ثم تنهدت بخوف، وقالت بنبرة مضطربة:
_من..من شويا جالي واحد و...
"عودة بالوقت للوراء"
كانت تقف بمفردها تقوم بعمل هاتف خارج المشفى، وهي تقول بهدوء:
_لاء يا ماما سبيه، انتِ عارفه مروان نومه خفيف ولو فتحتي الباب هيصحى، زمش هينام تاني...
_................
_حاضر، هحاول ما أخدش نبطشية بليل تاني، بس اعمل ايه بقى...!
_..........
هتفت بنبرة مقهورة:
_مانتِ عارفه الـ فيها يا ماما،... مش كفايه ابوه الـ طالع ناقص وبتاع مخدارت ومسجون كمان، هسيب ابني لزمن والشارع يربيه ولا اعمل ايه بس، دانا لو رميت نفسي في النار مش هتكلم بس هو يكون كويس بس...
_............
أومأت قائلة، بنبرة عاجلة:
_حاضر يا ماما الساعة تمانيه هتلاقيني عندك، سلام بقى عشان عندي مرور دلوقتي...
أغلقت المكالمة مع والدتها، ثم هتفت داخلها بنبرة متضرعة:
_يا رب،.. يا رب قويني على تربيته يا رب...
همت بأن تعود ثانيةً للمشفى، لكن قطع طريقها، أحدهم يضع الهاتف الخاص بهِ نصب عينها وهو يقول متنبئًا:
_اممم،.. في اولى ولا تانيه ابتدائي..!!، ايه رأيك نقتلوا وناخد اعضاؤه الأول،... ولا مثلًا...!!، اممم ايه رأيك علامة صغنونه كدا نسبهالوا تذكار وعار في حياته الرجولية لحد ما يموت...
شهقت هالة بفزع وأعين دامعه عندما وجدت ابنها مُلقى على الأرض بمكانً غريب لا تعرفه بنفس ملابسهِ التي تركتهُ بهَ، أكمل الرجل والذي لم يكن سوى ضاحي بنيرة لئيمة:
_هو لست صغير، فالموضوع مش هيبقى فارق معاه اوي يعني،.. هاا اي رأيك انهي أصعب...
طالعته وقد عجز لسانهَ عن الحديث وشعرت انهُ قد شلّ تمامًا، سارع ضاحي بالقول:
_بصِ،.. انتِ متوصي عليكِ اصلًا، عشان واحد معرفة كدا ليه طار عندك،... وحبيت اخدمه الصراحه...هااا هتنفذي الـ هقولك عليه ولا ارن على رجالتي تنفذ.....، ولا أقولك.. هخليهم ينفذو وخلاص..
عبث ضاحي بمحتويات الشاشة، فصرخت هالو باكية وهي تقول:
_بتعمل ايه..، حرام عليك...، ابني فييين....، ابنييي فيييين...
ضربته بحدة في صدره، فأمسك كفيها وهو يقول محذرًا:
_اهدي يا مدااام،... اهدي عشان كدا غلط على ابنك....
رفعت هالة يدها على فمها بعد أن جذبتهُ منها بعنف، تكتم صرخاتها بهم، هتف ضاحي:
_هاا هتعملي الـ مطلوب منك، ولا أخلي الرجالة تنفذ...
أومأت سريعًا وهي تقول بلهفة:
_هـ..هعمل،... هـعمل، بس سيب ابني ابوس ايدك سيبوت ابني..
_تؤتؤ..، تعنلي المطلوب،.. ابنك يرجع ينام على سريره بعدها علطوول،... هااا نتفق...!!!
لم تتحدث هالة، فهتف ضاحي بحماس:
_يبقى نتفق.. كمان شويا هتيجي حالة،... أم وليد صفوان صاحب المشتفشى دي،... هتيجي عندها ضيق في التنفس ومش قادرة تتنفس،... كل الـ عليكي، تشيلي البتاع بتاع الكمامة الـ بتتفس من دا، من على بوئها عشان ما تتنفسش،...هاا،... استبينى ولاااااا....
هتف لأخر كلمة بنبرة محذرة شديدة وهو يرفع يدهُ بالهاتف، فهتفت بقهر:
_طب انا مالي، حرام عليك اقتل نفس ليه،.. دا انا بخاف اقتل صرصار، اموت حد..!!!
ابتسم ضاحي ابتسامة سمجة وهو يقول:
_والله بقى، لازم تاخدي قورصات دفاع عن النفس،... بتحبي القرص يا عسل انتَ....
ابعدت وجهها عنه بنفور وتقزز، فهتف غامزًا:
_شكلك بتحبيه..!
هطلت الدموع من عينها، خاصة عندما تمتم بخفوت لم تسمعهُ وهو يطالع جسدها بنظراتٍ دنيئة:
_اذاي الحلوف دا سابك بس، حد يطول البط ومايكلووش..!
شعرت بنظراتهِ تخترقها فضمت يدها لصدرها بحماية ثم قالت بارتياب:
_هتسيب ابني امتى..!
طالعه قائلًا:
_بعد ما تنفذي المطلوب اسكر، وتطلعي بخطوتك البهية تقوليلي انها ماتت، هتروحي تلاقي ابنك في سريره وفوق منوا بوسه كمان.....
_هتقولي مين الـ زقق علياا..
_لاء دي اسرار يا حلوة،.. مينفعش، بس مسيرك هتعرفي...
وجددت انهُ لم يخبرها بمن فعل بهم هذا بالفعل، لذا تركته ورحلت سريعًا للداخل، بخطى خائفة راهبة، تلتفت حولها وكأن احدهم يراقبها
"عودة بالوقت للآن"..
انحنت هالة تمسك يد وليد تقبلها فسحبها منها سريعًا، وهي تقول:
_ابوس ايدك، ابوس ايدك يا بيه انقذ ابني..، ابوس ايدك...
زفر بضيق شديد، ثم أمرها قائلًا:
_اومي..
وقف بتردد، فتابع قوله:
_اشتغلتي هنا اذاي..!
ابتلعت ريقها قائلة بتوتر:
_إلهام هانم هي الـ خلت مدير المستشفى يوافق يشغلني هنا..!
عقد حاجبيهِ باستغراب شديد، ثم قال:
_ستي..!، اذاي..!، وانتِ تعرفيها منين..!
اشاخت بصرها بعيدًا، وهي تردف بنفور:
_طليقي كان شغال عندكوا، ولما كنا متجوزين جابلي الشغلانه دي.. اهو دي الحسنو الوحيدة الـ فكرهالوا..
_طليقك دا اسموا ايه..!
فركت يدها بتوتر، ثم هتفت بصوت خافت:
_اسموا سمير..
!!!!!!
***********************************
أنت تقرأ
تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان © -مُكتملة-
Mystery / Thriller"دراما مصرية " _وليد إنت ليك علاقه بقتل محمود ..!! لم يستطيع الأجابة فقط أكتفى بهز رأسه بالايجاب ، فشهقت إلهام بصدمة وحزن في آن واحد وقالت: _اذاي .. اذاي يا بني ..! تنهد بحزن ثم اعتدل وطالعها قائلًا: _ ياسر يا إلهام هو الـ قاتلوا ، كان عايز يجندوا ب...